من الكونغو إلى فلسطين.. المحكمة الجنائية الدولية في مواجهة الجرائم الدولية

منذ تأسيسها في عام 2002، أصبحت المحكمة الجنائية الدولية أول هيئة قضائية دائمة مكلفة بمحاكمة الأفراد عن ارتكاب أخطر انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك الإبادة الجماعية، الجرائم ضد الإنسانية، جرائم الحرب، وجريمة العدوان. 

وتتمتع المحكمة بصلاحيات دولية تتجاوز حدود الدول، حيث تتعامل مع القضايا التي تزعزع استقرار المجتمعات وتخلف آثاراً مدمرة على الأمم في مختلف أنحاء العالم، حسبما أفادت وكالة رويترز البريطانية.

وتمثل المحكمة الجنائية الدولية رمزاً عالمياً للجهود الدولية لمكافحة الإفلات من العقاب وتعزيز سيادة القانون. ولا تقتصر أهمية المحكمة على أدوارها القضائية فحسب، بل إنها تعكس التزام المجتمع الدولي بمكافحة الانتهاكات الجسيمة ودعم حقوق الإنسان. 

وفيما يلي أبرز القضايا التي أصدرت فيها المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال:

توماس لوبانغا وآخرون: الكونغو الديمقراطية

أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أول حكم إدانة لها بحق أمير الحرب الكونغولي توماس لوبانغا في عام 2006، وذلك بتهمة ارتكاب جرائم حرب تشمل تجنيد الأطفال الجنود. 

كما مثل أمامها زعيمَا الحرب جيرمان كاتانجا وماتيو نجودجولو بتهم تتعلق بمهاجمة المدنيين وجرائم اغتصاب في جمهورية الكونغو الديمقراطية. 

وفي حين يخضع المتمرد جان بيير بيمبا للمحاكمة منذ 2010 بتهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية لقيادته حملة تعذيب واغتصاب في إفريقيا الوسطى، لا يزال بوسكو نتاجاندا، المتهم بتجنيد الأطفال الجنود، فارًا منذ صدور مذكرة اعتقاله عام 2006.

لوران غباغبو: ساحل العاج

مثل الرئيس الإيفواري السابق لوران غباغبو أمام المحكمة الجنائية الدولية في ديسمبر 2011 بتهم تتعلق بارتكاب جرائم ضد الإنسانية تشمل القتل والاغتصاب والعنف الجنسي. 

وقد وسّعت المحكمة تحقيقاتها لتشمل جرائم حدثت منذ اندلاع الحرب الأهلية الأولى في البلاد عام 2002.

 ومع ذلك، تمت تبرئته في عام 2021 من قبل المحكمة.

مذكرات اعتقال في السودان

وجهت المحكمة الجنائية الدولية اتهامات إلى الرئيس السوداني السابق عمر حسن البشير بارتكاب جرائم إبادة جماعية في دارفور في مارس 2009، واصفًا المحكمة بأنها جزء من مؤامرة غربية ضد السودان. 

كما أصدرت المحكمة مذكرات اعتقال بحق وزير الدفاع السوداني عبد الرحيم محمد حسين ووزير الداخلية السابق أحمد محمد هارون، اللذين اتُهما بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في دارفور.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

في مارس 2023، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتهم ارتكاب جرائم أثناء غزو روسيا لأوكرانيا، أبرزها الترحيل القسري للأطفال الأوكرانيين. 

ورغم هذه المذكرة، واصل بوتين إجراء زيارات رسمية إلى دول مثل الصين ومنغوليا، التي ليست من أعضاء المحكمة الجنائية الدولية.

وزير المالية الكيني السابق

رفضت المحكمة الجنائية الدولية في شهر نوفمبر 2024 الطعون المقدمة من وزير المالية الكيني السابق أوهورو كينياتا وثلاثة آخرين، الذين اتهموا بالتحريض على أعمال العنف التي شهدتها كينيا بعد الانتخابات المتنازع عليها في عام 2007.

زعيم المتمردين الأوغنديين جوزيف كوني

في عام 2005، وجهت المحكمة الجنائية الدولية تهمًا لزعيم المتمردين الأوغنديين جوزيف كوني، وأعضاء آخرين من جيش الرب للمقاومة، بارتكاب جرائم حرب خلال تمرد دام عقدين من الزمن. ورغم هذه التهم، لا يزال كوني طليقًا حتى اليوم.

سيف الإسلام القذافي في ليبيا

في يونيو 2011، أدانت المحكمة الجنائية الدولية سيف الإسلام القذافي، نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، بارتكاب جرائم ضد الإنسانية إثر حملة القمع التي شنها النظام ضد الثورة الليبية. 

ورغم تأكيد ليبيا بأنها ستقوم بمحاكمة سيف الإسلام داخل البلاد، تواصل المحكمة الجنائية الدولية مطالبتها بنقله إلى لاهاي للمثول أمامها.

نتنياهو وجالانت في إسرائيل

في 21 نوفمبر 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتين اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة منذ أكتوبر 2023، وذلك رداً على عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حركة حماس في نفس الشهر.

تستمر المحكمة الجنائية الدولية في لعب دور محوري في محاكمة المسؤولين عن الجرائم الكبرى حول العالم، وتؤكد على التزام المجتمع الدولي بمحاسبة مرتكبي هذه الجرائم ودعم حقوق الإنسان في مختلف أنحاء العالم.