الجمعة، 22 نوفمبر 2024

05:04 م

عمال توصيل الطعام بالدراجات الهوائية يواجهون "الموت السريع" في أمريكا

عجلة أحد العمال المتوفين

عجلة أحد العمال المتوفين

جاسر الضبع

A A

بعد أن حزم أدواته ولبس خوذته، ذهب "سيرجيو سولانو" عامل توصيل الطلبات واثنين آخرين من زملائه مستقلين دراجاتهم الهوائية بيضاء اللون إلى جسر يطل على مبنى الأمم المتحدة، ليضعوا دراجة صديقهم المتوفي على الطريق تكريمًا له. 

ويعد هذا التقليد كنوع من أنواع تكريم لعمال التوصيل الذين يستخدمون الدراجات الهوائية.

وكان "فيليكس باترسيو توفليو" وهو مهاجر من أصل مكسيكي توفى إثر حادث دراجة في شوارع مدينة "مانهاتن" في أواخر شهر أغسطس من العام الماضي 2023.

وكبل “سيرجيو” وزملائه الدراجة الهوائية المطلية باللون الأبيض والمحاطة بالورود والشموع بسلاسل حديدية، في شارع 47، حيث توفى فيليكس هناك، تكريمًا وتخليدًا لذكراه.

ويعتبر أغلب العاملين بتلك المهنة من المهاجرين أو من أصول مهاجرة، عملوا بها لمحاولة كسب عيشهم.

وتعد مهنة توصيل الطعام بالدراجات الهوائية في شوارع الولايات المتحدة الأمريكية من المهن "المميتة" للكثير من العاملين بها، فشرود سائق سيارة لبضع لحظات يكفي بأن يودي بحياة مستقل الدراجة الهوائية في ثوان، كما أنهم أيضًا عرضة لجرائم السرقة بالإكراه.

عجلة أحد العمال المتوفين

40 عاملا

منذ ثلاث سنوات أسس سيرجيو صفحة على فيسبوك تسمي " El Diario de Los Deliveryboys"، وكان الهدف منها مخاطبة وإعطاء معلومات تدعم العاملين بتوصيل الطلبات في شوارع منهاتن.

وتوسعت الصفحة فيما بعد لتصبح ملجأ لكل عمال توصيل الطلبات في الولايات المتحدة الذين يستخدمون الدراجات الهوائية فقط، ويتمثل الدعم في عدة صور منها التنبيه بشأن الدراجات الهوائية المفقودة والمسروقة، والإبلاغ عن الحوادث التي تحدث على الطريق والجرائم التي يواجهها عمال التوصيل خصوصا أن معظمهم من المهاجرين الذين يعملون بكد لتغطية طلبات سكان مدينة نيويورك الأمريكية.

وبعد إنشاء تلك الصفحة بوقت وجيز صار من الممكن لسيرجي أن يروي قصة أكبر من مجرد تنبيهات وتحديثات على الطريق، بل يروي عن زملائه الذين يلاقون مصرعهم كل فترة أثناء العمل.

فقد توفى منذ إنشاء الصفحة عام 2020، 40 عاملا لتوصيل الطلبات، وفقا لآخر إحصاء أعده سيرجي.

واستطاع سيجري عن طريق الصفحة إعداد الجنازات والوقفات الاحتجاجية وجمع التبرعات لعائلات ضحايا تلك الحوادث.

وقال سيرجي لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية: “لم أعتقد أني سأنظم وقفات احتجاجية قط هذا لم يكن هدفي على الإطلاق”.

وفي العام 2019 ومع بداية جائحة كورونا وزيادة ضغوط العمل بالإضافة إلى تسريح الكثير من الموظفين من شركاتهم وتقديم تطبيقات التوصيل عروضا لاستقطابهم للعمل لديها، أصبح عمال توصيل الطلبات غاضبين من تدنى الأجور فى ظل زيادة مخاطر العمل.

تجمع لعدد من العمال

ضغط مستمر

وشكل نشطاء من العمال نقابات واستمروا في الضغط على الشركات وعلى حكومة المدينة لزيادة حماية أرواح الموظفين وتحسين دخلهم، وتحت الضغط اضطرت إدارة المدينة لتحديد حد أدنى للأجور وهو 18 دولارا أمريكيا في الساعة.

وأصبح عمال توصيل الطعام في مدينة نيويورك جزءًا من الحركة العمالية المتنامية لعمال الوظائف المؤقتة. ويطالب أصحاب الدراجات ببروتوكولات أمنية قوية للرد على العنف والسرقة التي يتعرضون لها يوميا وتوفير الحماية لهم خلال ساعات عملهم.

ووفقا لمنظمة الدعوة الاقتصاد الأمريكي الجديد، فإن ما يقرب من 1 من كل 3 عمال توصيل طعام في ولاية نيويورك غير موثقين. 

وتستمر الصعوبات الاقتصادية وارتفاع معدلات البطالة في دفع المهاجرين نحو العمل على توصيل الطلبات لكونها مهنة لا تطلب أي إجراءات صعبة أو تقديمات في شركات تحتاج متطلبات كبيرة. 

عجلات متوفيين من عمال توصيل الطلبات

مجموعات تعقب

في كل مرة تُسرق فيها دراجة إلكترونية، أصبح عامل التوصيل يعرف الآن مكان التواصل للحصول على المساعدة، إذا كانت الدراجة لا تزال تحتوي على جهاز تعقب، تذهب مجموعة من ثلاثة إلى خمسة أعضاء للبحث عنه، أو ينشرون صورة على صفحة فيسبوك، لتنبيه الأعضاء إلى الانتباه حال حاول شخصا ما بيع الدراجة المسروقة، إذا كان الأمر كذلك، فإنهم ينظمون أنفسهم ويذهبون كفريق واحد لاستعادته.

وشهد جسر ويليس أفينيو، وهو طريق رئيسي للعديد من عمال التوصيل، اعتداءات وعمليات سطو متكررة. 

وفي مارس الماضي 2023، قُتل فرانسيسكو فيلالفا فيتينيو، البالغ من العمر 29 عاما، وهو عامل توصيل من غيريرو أيضاً، بالرصاص بالقرب من الجسر عندما رفض تسليم دراجته الإلكترونية إلى لص.

search