الإثنين، 10 مارس 2025

09:09 ص

ظهرت في جودر 2.. ما أهمية مهنة "الداية" في العصر الإسلامي؟

الداية في جودر 2

الداية في جودر 2

سيد محمد

A .A

ظهر في أحداث مسلسل جودر 2 دور الداية أو القابلة التي جسدتها الفنانة عايدة رياض، وكيف أن كلمتها مسموعة وعلى الجميع مساعدتها في أداء مهمتها، مما يثير الجدل حول دور وأهمية مهنة القابلة في العصر الإسلامي.

الداية في مسلسل جودر 2

وصلت الداية (عايدة رياض) بعدما قيدها رجال شومان، وذلك لإنقاذ شروق التي كانت تعرفها جيدًا. 

وعندما علمت الداية باختطاف شروق، لجأت إلى الحيلة لخداع رجال شومان، حيث أقنعتهم بأنها بحاجة إلى بعض المواد الضرورية لتسهيل عملية الولادة وضمان سلامة شروق وجنينها. 

وبالفعل، طلبت تلك المواد، لكنها استغلت الفرصة لإضافة أعشاب تسببت في انتفاخ رجال شومان، مما ساعدها على تنفيذ خطتها.

الداية “القابلة”.. مهنة مهمة في العصر الإسلامي

وأوضحت هدى السعدي أستاذة التاريخ في الجامعة الأمريكية في كتابها النساء ومهنة الطب في المجتمعات الإسلامية (ق 7م- ق 17م)، أنه لعبت مهنة القابلة دورًا حيويًا في المجتمعات الإسلامية، حيث كانت القابلات مسؤولات عن توليد النساء والعناية بهن خلال الحمل والولادة، وهو دور أساسي في ظل غياب المرافق الطبية المتقدمة في العصور الأولى. 

وقد أولى الإسلام اهتمامًا كبيرًا بهذه المهنة، نظرًا لأهميتها في الحفاظ على صحة الأمهات والأطفال.

تقدم لنا المصادر التاريخية وصفًا دقيقًا للممارسات التي قامت بها النساء الطبيبات المتخصصات في أمراض النساء والقبالة خلال العصور الإسلامية، فقد ذكر ابن الداية في كتابه المكافأة وحسن العقبى تفاصيل دقيقة عن أساليب القوابل، مشيرًا إلى أن قابلة أولاد خمارويه كانت تقوم بمسح جوف الحامل ومتابعة حالتها حتى يحين وقت المخاض، حيث تجلسها على كرسي الولادة، مما يسهل عملية الولادة بشكل كبير.

أدوات القابلة في العصر الإسلامي

ولم تقتصر مهام القوابل على التوليد فقط، بل كن يجرين أيضًا عمليات جراحية معقدة، مثل استخراج الحصاة من النساء. كما خضعن لتدريبات مكثفة على أيدي كبار الأطباء مثل الزهراوي، حيث تعلمن كيفية استخدام الأدوات الجراحية، ومنها:

  • المشداخ: أداة تُستخدم لشد رأس الجنين أثناء الولادة.
  • المدفع: أداة تُستخدم لدفع الجنين خلال الولادة المتعسرة.
  • اللولب: أداة تُستخدم لتوسيع عنق الرحم.

وكشفت دكتورة فاطمة خريس، أستاذة التاريخ الإسلامي في بحثها دور القابلة في بلاد الأندلس خلال القرن (8-2هـ14-8/م)، أن القابلات كن يمتلكن خبرة واسعة في التعامل مع مختلف حالات الولادة، سواء الطبيعية أو المعقدة، فقبل بدء عملية الولادة، كانت القابلة تعمل على تهيئة الظروف الملائمة لضمان سلامة الأم والجنين. 

ومن بين هذه الإجراءات، الحرص على تنظيم درجة الحرارة في المكان، حيث كانت توفر للنفساء غرفة دافئة خلال فصل الشتاء، مع إشعال نار هادئة وإغلاق النوافذ ومداخل الهواء لمنع البرد، أما في فصل الصيف، فكانت تختار مكانًا باردًا وترش الماء البارد حول المرأة الحامل للتخفيف من حرارة الجو.

الإجراءات أثناء المخاض

عند بدء المخاض، كانت القابلة تطلب من الحامل المشي قليلًا ثم الاستلقاء على ظهرها لبعض الوقت قبل النهوض والمشي مجددًا، وأحيانًا تطلب منها صعود الدرج، حيث يُعتقد أن هذه الحركات تسهّل نزول الجنين. 

وعندما تشتد آلام الولادة وتظهر العلامات التي تدل على اقتراب الوضع، مثل ميل المرأة للانحناء للأسفل أو رغبتها في استنشاق الهواء النقي، كانت القابلة تجلسها على كرسي الولادة، وهو مقعد مثقوب، بعد التأكد من تثبيتها بشكل صحيح وضبط وضعيتها لتسهيل عملية الولادة.

الدقة والمهارة في عمل القابلات

لم تكن القابلات مجرد مساعدات أثناء الولادة، بل كن يتمتعن بمهارات طبية متقدمة، مما مكنهن من التعامل مع حالات الولادة الصعبة وإجراء التصحيحات اللازمة لوضعية الجنين، مما يعكس تطور علم القبالة في الأندلس ومدى اهتمامه بصحة الأم والطفل.

مكانة الداية “القابلة” في المجتمع الإسلامي

عند استعراض المصادر التاريخية، نجد أن معظم الدايات المذكورات كن يرتبطن بـ الحكام والصفوة، مما يعكس اهتمام المؤرخين بتوثيق أخبار الشخصيات البارزة فقط. ومع ذلك، من المرجح أن العديد من النساء عملن في مجال الطب بعيدًا عن الأضواء، خاصة بين عامة الناس، ولكن لم يُكتب لهن الظهور في كتب التاريخ. 

كانت القابلات يقمن بتقديم الدعم الطبي للنساء أثناء الولادة، مستخدمات الأعشاب الطبية والتقنيات التقليدية لتخفيف الألم وتسهيل الولادة.

لم يقتصر دور القابلة على الولادة فقط، بل كانت تقدم العناية للأم بعد الولادة، مثل تنظيف الطفل، وتقديم نصائح حول الرضاعة الطبيعية.

كانت القابلات يكتسبن خبرتهن من خلال التوارث والتدريب العملي، حيث كانت القابلة المتقدمة في العمر تدرب الفتيات الأصغر منهن لنقل الخبرة عبر الأجيال.

search