الجمعة، 27 ديسمبر 2024

12:56 م

عام بلا صيف.. ثوران بركاني وشيك قد يشعل حربا عالمية

ثوران بركاني- أرشيفية

ثوران بركاني- أرشيفية

A A

يبدو أن العالم بات قاب قوسين أو أدنى من كارثة بركانية على غرار تلك التي حدثت قبل نحو قرنين وتسببت في انخفاض حاد بدرجات الحرارة، وعُرف حينها بـ"العام بلا صيف"، حسب تحذيرات عدد من العلماء. 

في عام 1815، هز انفجار جبل تامبورا في إندونيسيا العالم بأقوى ثوران بركاني مسجل في التاريخ، حيث أرسل البركان عمودًا هائلًا من الجسيمات العاكسة إلى الغلاف الجوي، مما تسبب في تبريد الكوكب وإحداث سلسلة من الكوارث، وانخفضت على إثرها درجات الحرارة العالمية، مما تسبب في انخفاض المحاصيل، وتفشى الجوع والأمراض، بما في ذلك وباء الكوليرا، ما أسفر عن وفاة عشرات الآلاف، وفقًا لـ CNN.

تحذيرات علمية من ثوران ضخم 

وبعد أكثر من قرنين، يحذر العلماء من أن العالم قد يكون على موعد مع ثوران بركاني ضخم آخر. يقول ماركوس ستوفيل، أستاذ المناخ بجامعة جنيف، إن احتمالات حدوث ثوران هائل هذا القرن تبلغ واحدًا من بين ستة.

وأوضح ستوفيل لشبكة CNN: “السؤال ليس ما إذا كان سيحدث، بل متى.. إلا أن هذه المرة، ستحدث الكارثة في عالم أكثر اكتظاظًا بالسكان وأكثر سخونة بفعل أزمة المناخ”.

وأضاف أن ثورانًا ضخمًا كهذا سيخلق "فوضى مناخية" مع غياب أي خطط بشرية لمواجهته.

تأثير ثوران البراكين على المناخ

لطالما لعبت البراكين دورًا محوريًا في تشكيل الكوكب، إذ ساعدت في بناء القارات والغلاف الجوي، فضلاً عن قدرتها على تغيير المناخ. 

وعند ثورانها، تطلق البراكين مزيجًا من الحمم البركانية والرماد والغازات، بما في ذلك ثاني أكسيد الكربون، إلا أن التركيز الأكبر يكون على ثاني أكسيد الكبريت.

وهذا الغاز يمكن أن يصل إلى طبقة الستراتوسفير، حيث يشكل جسيمات دقيقة من الهباء الجوي تعكس ضوء الشمس إلى الفضاء، مما يؤدي إلى تبريد الكوكب لعدة سنوات.

على سبيل المثال، عندما ثار بركان بيناتوبو في الفلبين عام 1991، دفع نحو 15 مليون طن من ثاني أكسيد الكبريت إلى الستراتوسفير، مما أدى إلى انخفاض درجة الحرارة العالمية بمقدار 0.5 درجة مئوية، لكن تامبورا، بقوة ثورانه الهائلة، أدى إلى تبريد أكبر بلغ نحو درجة مئوية كاملة.

تأثير الثورانات القديمة على المناخ

من خلال دراسة نوى الجليد وحلقات الأشجار، اكتشف العلماء، أن الانفجارات البركانية الضخمة في الماضي أدت إلى خفض درجات الحرارة العالمية بين 1 و1.5 درجة مئوية. كما تشير البيانات إلى أن ثوران بركان سامالاس في إندونيسيا عام 1257 ساهم في إشعال فتيل "العصر الجليدي الصغير"، وهي فترة باردة استمرت لقرون.

التأثير المستقبلي لثوران البركان

مع ارتفاع درجات حرارة الأرض بسبب تغير المناخ، قد تكون تأثيرات الانفجارات البركانية المقبلة أكثر حدة. ويقول مايكل رامبينو، أستاذ بجامعة نيويورك: "العالم الآن أقل استقرارًا، وقد تكون التأثيرات أسوأ مما شهدناه في عام 1815".

وتغير المناخ قد يؤثر أيضًا على الأنظمة البركانية ذاتها، فذوبان الجليد على سبيل المثال، قد يزيد من احتمالية الانفجارات بسبب تخفيف الضغط على الصهارة.

كما أن ارتفاع هطول الأمطار قد يساهم في تغلغل المياه إلى باطن الأرض، مما يؤدي إلى تفاعلها مع الصهارة وإثارة ثورانات بركانية عديدة.

السيناريوهات الكارثية المحتملة

تشير التقديرات إلى أن نحو 800 مليون شخص يعيشون على بعد 60 ميلًا من بركان نشط. قد يؤدي إلى تدمير مدينة بأكملها، مثل منطقة كامبي فليجري قرب نابولي الإيطالية التي يقطنها مليون شخص.

وعلى نطاق أوسع، قد يتسبب انخفاض درجة الحرارة بمقدار درجة مئوية واحدة، في أضرار هائلة للأمن الغذائي العالمي، ومن المتوقع أن يؤدي تغير هطول الأمطار والطقس البارد إلى توترات سياسية قد تصل إلى اندلاع حروب.

في سيناريو مماثل لثوران تامبورا، قد تصل الخسائر الاقتصادية إلى أكثر من 3.6 تريليون دولار في العام الأول فقط.

جبل تامبورا

مواجهة ثوران البركان

رغم التقدم العلمي، ما زال من المستحيل التنبؤ بموقع وزمان الثوران البركاني الضخم المقبل، ومع ذلك يدعو الخبراء إلى وضع خطط استباقية تشمل الإجلاء، وتأمين الإمدادات الغذائية، وإجراء اختبارات لتحمل أسوأ السيناريوهات.

ماركوس ستوفيل يختم حديثه بالقول: "لا يمكن منع الانفجارات البركانية الضخمة، ولكن يمكننا الاستعداد لها". ورغم أن احتمالات وقوعها قد تبدو ضئيلة، فإن العالم غير مستعد للتعامل مع تداعياتها الكارثية.

search