السبت، 06 يوليو 2024

07:34 م

أمريكا في ورطة.. تكساس "المتمردة" توقظ شبح الحرب الأهلية

علم الولايات المتحدة وعلم تكساس - صورة تعبيرية

علم الولايات المتحدة وعلم تكساس - صورة تعبيرية

أحمد سعد قاسم

A A
سفاح التجمع

شهدت ولاية تكساس، ثاني أكبر ولاية في الولايات المتحدة من حيث المساحة والسكان، تاريخ طويل من حركات الاستقلال، لكن الموجة الأخيرة من مطالب الانفصال بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2020، صاحبها مناوشات عنيفة أثارت مخاوف اشتعال حرب أهلية، بعدما أعرب عدد من الجمهوريين في الولاية عن استيائهم من الحكومة الفيدرالية ورفض المحكمة العليا الاستماع إلى دعوى قضائية تطعن في نتائج الانتخابات.

منعطف خطير

ومؤخرًا اتخذت المواجهة التي استمرت لسنوات بين ولاية تكساس البالغ عدد سكانها نحو 28 مليون نسمة، والحكومة الفيدرالية منعطفا خطيرا، وذلك بعد ارتفاع الأصوات المطالبة بالانفصال على خلفية الخلاف بين حاكم الولاية جريج أبوت والرئيس الأمريكي جو بايدن، بعدما لجأ الأخير للقضاء للضغط على تكساس بإزالة الأسلاك الشائكة من على حدودها الجنوبية، وهو ما رفضته الولاية رفضًا قاطعًا.

وقضت المحكمة العليا في وقت سابق من هذا الأسبوع، بأنه يمكن لعناصر حرس الحدود الفيدراليين المضي قدمًا في إزالة الأسلاك الشائكة التي أقامتها حكومة ولاية تكساس.

وتصاعدت خطورة الأحداث بعدما منع حاكم الولاية وصول مسؤولي الهجرة الفيدراليين إلى حديقة شيلبي بارك -وهي نقطة احتجاز المهاجرين- والتي من المفترض أن يعبروا من خلالها لدخول تكساس.

وفي تحدي صريح لقرار المحكمة أمر الحاكم باستمرار وضع الأسلاك، كما منع وكالة الهجرة الفيدرالية من الوصول إليها لضمان عدم إزالتها.

خريطة توضح موقع تكساس

شبح الحرب الأهلية

واحتدمت الأمور بشكل أكبر عندما وقع 25 حاكمًا جمهوريًّا على خطاب لدعم حاكم الولاية أبوت في موقفه ضد الحكومة الفيدرالية.

وتعهد بعض الحكام بإرسال حرسهم الوطني لدعم مقاومة تكساس للحكومة الفيدرالية، ما أثار مؤخرًا مخاوف نشوب حرب أهلية.

وقال أبوت على موقع إكس، إن “الولاية ستواصل النضال وممارسة حقها الدستوري في حماية الحدود الجنوبية مع المكسيك”، والتي يتم حظرها حاليًا من قبل ولاية تكساس.

وأكد حاكم الولاية أن “هناك 6 ملايين عبروا من حدود المكسيك بشكل غير قانوني خلال الـ3 سنوات الماضية”، وهو ما وصفه بـ"الاحتلال"، متهما إدارة بايدن بالتراخي. 

وبالتزامن مع إعلان أبوت أن حرس الولاية سيواصل مهامه في حماية المنطقة، أرسلت 10 ولايات أخرى حرسها الوطني لدعمها ضد القوات الفيدرالية التابعة للحكومة، وهو ما أثار مخاوف اشتعال حرب أهلية.

مواطن في ولاية تكساس يدعم الإنفصال

شبح الهجرة غير الشرعية

وتعاني ولاية تكساس منذ سنوات من الهجرة غير الشرعية على حدودها، ورغم محاولاتها بكل الطرق لمنعها إلا أن المهاجرين من دول أمريكا اللاتينية يعتبرون دخولهم للولاية مسألة مصيرية لما تحمله لهم من أحلام بات من الصعب تحقيقها في بلدانهم الأكثر فقرًا والتي تواجه مشاكل اقتصادية وسياسية كبرى.

وباتت الهجرة بشكل غير شرعي لولاية تكساس أسهل من الدخول لواشنطن بعد الإجراءات المعقدة التي فرضتها على المهاجرين في الفترة الأخيرة. 

وأصدرت الولايات المتحدة في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب قرارًا بتشييد سورًا على طول الحدود المكسيكية الأمريكية في يناير 2017.

تظاهرات حركة تجمع تكساس من أجل الانفصال

منبع ثروات أمريكا

وتعد ولاية تكساس أهم الولايات الأمريكية، حيث تأتي في المرتبة الأولى في إنتاج النفط وتكريره، وأيضا في إنتاج الغاز الطبيعي، كما أن ثلثي الولاية الواقعة في الجنوب الأمريكي يحتوي على رواسب بترولية.

تكساس تحتل أيضًا المرتبة الأولى في إنتاج المعادن الفلزية وغير الفلزية كالمغنيسيوم والكبريت، وتعتمد عليها أغلب الولايات الأمريكية في مجال البتروكيماويات.

وتصدر الولاية “المتقلبة مناخيًّا” حوالي ثلث الطاقة المتولدة من الرياح في الولايات المتحدة.

قانونية الفصل

رغم دعوات متصاعدة للانفصال، إلا أنه لا يمكن للولاية أن تنفصل قانونيًا عن الولايات المتحدة، فرغم أن الدستور الأمريكي لا يتضمن مادة تحظر على تكساس أو أي ولاية أخرى الانسحاب من الاتحاد الأمريكي، لكن الحرب الأهلية التي انتهت بانتصار الاتحاد عام 1865 أنهت إمكانية الانفصال قانونيًّا.

وفي قضية تكساس ضد “وايت” التي تلاها الحرب الأهلية، أكدت المحكمة العليا الأمريكية أن “الاتحاد بين تكساس وباقي الولايات هو اتحاد لا رجعة فيه، كما هو الحال بين الولايات الأولى التي أسست الولايات المتحدة”. 

وفي هذه الحالة إذا قررت تكساس الانفصال، فستعتمد النتيجة على موقف الحكومة الأمريكية من التدخل أو عدمه.

وفي عام 2006 عندما سئل القاضي الراحل للمحكمة العليا الأمريكية أنتونين سكاليا عن الأساس القانوني للانفصال، أجاب: “الإجابة واضحة، إذا كان هناك شيء واحد حلته الحرب الأهلية دستوريًّا، فهو أن الولايات لا تملك الحق في الانفصال”.

تكساس المتأرجحة

وعلى مدار التاريخ تأرجحت تكساس بين عدد من الدول، حيث كانت إحدى البلدان الواقعة تحت السيطرة الإسبانية عام 1519 إلى أن استولت عليها فرنسا عام 1685، وهو ما أثار توترًا كبيرًا على مدار سنوات بين البلدين، حيث رأت مدريد أنها تواجه تهديدات تجارية بذلك الاحتلال.

وفي عام 1763 اعترفت بريطانيا بحق إسبانيا في الأراضي الواقعة غرب نهر المسيسيبي ومنها ولاية تكساس، قبل أن تنفصل مجددًا بعدما انفصلت المكسيك عن إدارة مدريد في 1821.

وبعد حرب دامت لسنوات وبعد إصدار دستور المكسيك عام 1824، تم اعتماد النظام الفيدرالي، وانضمت تكساس إلى مقاطعة كواويلا لتشكيل ولاية كواويلا وتيخاس.

وعام 1845 شهد انضمام تكساس إلى الولايات المتحدة لتكون الولاية الثامنة والعشرين، ما أدى إلى اندلاع حرب كبرى بين أمريكا والمكسيك عام 1846 أسفرت عن معاهدة بموجبها حصلت أمريكا على أقاليم كاليفورنيا ونيفادا، ويوتا، ومعظم أريزونا ونيومكسيكو وأجزاء من كولورادو وويومينج.

وانفصلت تكساس مرة أخرى عن أمريكا في 1860 وبصحبتها 11 ولاية أخرى، وظلت حتى اندلاع الحرب الأهلية وخسارة الولايات الجنوبية ومن بينها تكساس، وبدأت عملية إعادة دمج لتلك الولايات استمرت أكثر من عقد من الزمان.

search