الجمعة، 22 نوفمبر 2024

07:35 ص

هل تُذوّب التسعيرة الجبرية "مرارة" أسعار السكر ؟

أزمة السكر في مصر - أرشيفية

أزمة السكر في مصر - أرشيفية

حمزة أحمد

A A

شهدت مصر مع نهاية نوفمبر 2023 أزمة حادة في أسعار السكر، والتي ارتفعت إلى 55 جنيها للكيلو، رغم أن سعره وفق البيانات الرسمية لا يتجاوز 27 جنيهًا، بحسب خبراء، وهو ما طرح فكرة فرض التسعيرة الجبرية.

وأكد تجار أن التهديد بفرضها يربك السوق، مشيرين إلى أن الحل يتمثل في تفعيل آليات العرض والطلب وزيادة المعروض من السكر وهو ما انتهجته الحكومة حالياً.

تهديد حكومي 

وفي نهاية نوفمبر 2023، هدّدت الحكومة بفرض تسعيرة جبرية على التجار حال عدم انخفاض أسعار السكر في السوق، وقال وزير التموين علي مصيلحي، للتجار الذين كانوا ضمن حضور افتتاح معرض نبيو للذهب والمجوهرات في 26 نوفمبر 2023: "لو سعر السكر ما نزلش خلال 10 أيام هطلب من رئيس الوزراء التدخل وتحديد سعر إجباري".

400 ألف طن عجز 

رئيس شعبة السكر والحلوى بغرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات المصرية، حسن الفندي، يقول إنّ السكر متوفّر والأزمة الحالية غير مبررة والمخزون الاستراتيجي لدى وزارة التموين آمن.

ويضيف لـ“تليجراف مصر” أن إنتاج مصر من السكر يصل إلى نحو 2.8 مليون طن سنويًا، فيما يصل حجم الاستهلاك نحو 3.2 مليون طن، وتستورد الحكومة الفرق  المقدر بنحو 400 ألف طن من الخارج بالتعاون مع القطاع الخاص.

آليات العرض والطلب 

رئيس الشعبة أشار إلى أن تفعيل آليات العرض والطلب هو الضمانة الوحيدة لإعادة الأسعار إلى طبيعتها، قائلًا “في حال أن الوزارة قررت طرح كميات أكثر من السكر، فإن ذلك يعني خروج المضاربين من السوق”. 

وأوضح أن طرح كميات إضافية من السكر من المخزون الاستراتيجي -لدى الوزارة- في المنافذ والشوادر، يحل الأزمة تماما، وعند وصول الكميات المتعاقد عليها من الاستيراد يمكن تعويض المخزون.

التسعير الجبري يربك الأسواق

أكد "الفندي" أن التسعيرة الجبرية “كلام قديم” لن يساعد على حل الأزمة، بل يسهم في إرباك السوق، موضحا أن التجار المشاركين في تعاملات البورصة السلعية وقّعوا على تعهدات وإقرارات ببيع السكر بـ27 جنيها للكيلو.

شعبة الحلويات تعلق

“التسعيرة الجبرية سلاح لتخويف التجار فقط، ولا تعتبر حلا للأزمة”، هكذا يرى رئيس شعبة الحلويات بغرفة الدقهلية التجارية، مدحت الفيومي، طرح فرض التسعيرة الجبرية، مشيرًا إلى أن الأمر يستلزم حملات رقابية على الأسواق، وبالتالي يمتنع التجار عن التعامل في السلعة مما يعمق أزمة المعروض. 

وتابع: “كان لنا تجربة سابقة لم تكن نتائجها جيدة مع الأرز، بعدما حُدد سعر الكيلو عند 15 جنيها، إلا أنه تم بيعه في السوق عند 18 و 20 جنيهًا ثم اختفي من الأسواق، وهو ما اضطر الوزارة إلى إلغاء قرار التسعير الجبرى وترك السلعة للسوق الحر”.

احتكار كبار التجار 

أشار “الفيومي” إلى أن كبار التجار هم السبب في أزمة ارتفاع أسعار السكر، بسبب احتكار السلعة وتخزينها انتظارا لبيعها بسعر أعلي رغم حصولهم عليها بسعر لا يزيد عن 25.5 جنيه للكيلو".

وأكد أن  الأزمة ستنتهي بالتزامن مع وصول الشحنات المستوردة التي تعاقدت عليها الوزارة مؤخرا، مؤكدا أن الحل يتمثل في زيادة الكميات المعروضة من السكر للتجار، وبالتالي خروج الكميات المخزنة ما يزيد المعروض مرة أخرى.

50 ألف طن 

وأوضح أنه في منتصف شهر نوفمبر 2023، طرحت الهيئة العامة للسلع التموينية ممارسة لتوريد 50 ألف طن من سكر القصب الخام و50 ألف طن أبيض مستورد مكرر معبأ من أي منشأ، وبداية نفس الشهر أعلنت وزارة التموين تعاقد الهيئة على شراء ‏‏100 ألف طن سكر أبيض، على أن تصل في النصف الثاني من الشهر.

وتنتظر وزارة التموين بدء موسم الحصاد من قصب السكر نهاية شهر يناير المقبل، والبنجر في شهر فبراير، الأمر الذي قد ينعكس على زيادة إنتاج السكر المحلي، وبالتالي انخفاض الأسعار وزيادة المخزون الاستراتيجي.

سبب الأزمة الحقيقي 

كان وزير التموين قال إن إغراق السوق بالسكر والتفريط في المخزون الاستراتيجي لا يعد حلاً للأزمة. 

وأشار الوزير إلى أن بعض التجار المتعاملين مع البورصة السلعية يحصلون على السكر بسعر 24 ألف جنيه للطن، ثم إعادة بيعه في السوق السوداء بسعر يتجاوز الـ40 جنيهاً للكيلو.

وفي شهر أغسطس 2023، أدرجت الحكومة السكر للتداول عبر البورصة السلعية وباعت في أول جلساتها 5 آلاف طن بسعر 24.3 ألف جنيه للطن.

يذكر أن  التسعير الجبري أحد أدوات الرقابة على الأسواق وانتشر في مصر في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، وتراجعت الحكومة عن استخدام هذه الآلية تدريجيا مع التحول نحو السوق الحر المعتمد على العرض والطلب.

search