الجمعة، 22 نوفمبر 2024

07:18 ص

6 أسعار للدولار في مصر.. للتعويم "الكلمة الأخيرة"

الدولار الأمريكي

الدولار الأمريكي

حسن راشد - مريم زيتون

A A

دفعت أزمة نقص العملة الأجنبية في مصر، المتعاملين في الكثير من القطاعات، كالذهب والعقارات والسيارات، إلى تحديد أسعار أخرى للدولار، بعيدًا عن السعر الرسمي في الجهاز المصرفي الذي يدور حول 31 جنيهًا للدولار الواحد.

الأمر تسبب في تضارب تسعير الدولار مقابل الجنيه، لتسجل العملة الأمريكية ما لا يقل عن 6 أسعار مختلفة، أولها رسمي في البنوك، والثاني في السوق الموازية، والثالث في سوق الذهب، والرابع لسوق السيارات، وخامس للعقارات، وأخير للعقود الآجلة أو “المشتقات”.

السوق الموازية 

في السوق الموازية يتراوح سعر الدولار بين 50 و51 جنيه، بحسب متعاملين في سوق الصرف.

كما شهد سعر الدولار في السوق الموازية ارتفاعات خلال الأيام الماضية، مع تسارع وتيرة المضاربات، بالإضافة إلى التوترات الجيوسياسية في المنطقة بسبب الحرب على غزة، وكثافة الطلب على العملة الخضراء، قبل أن يتراجع مجددًا.

وتأثر سعر الدولار خلال الفترة الماضية بقرار البنك المركزي، الخاص بإيقاف استخدام بطاقات الخصم المباشر “ديبيت كارد” في المعاملات بالدولار داخل مصر، وإيقاف التعامل ببطاقات الدفع المقدم "كريديت كارد" خارج مصر بأكثر من 200 دولار، قبل أن يتراجع "المركزي" عن القرارين في وقت لاحق، إلا أن العملة الأمريكية لم تعد إلى نفس مستوياتها قبل القرارين حتى الآن.

أسعار الدولار في السوق الموازية شهدت ارتفاعات قياسية

سوق الذهب

وفي سوق الذهب، يقول الخبير أمير رزق، إن سعر الدولار في سوق المعدن الأصفر يعتمد على السوق الموازية، لكنه مرتبط بعوامل أخرى منها العرض والطلب.

ويضيف "رزق" لـ"تليجراف مصر"، أن سعر الدولار في سوق الذهب، مرآة تعكس السعر في السوق السوداء، حيث يبلغ في سوق الذهب وقت كتابة التقرير 49.80 جنيه، وهو سعر أقل من السوق الموازية بنسبة قليلة.

وفي محاولة منها لتخفيض الأسعار، وافقت الحكومة المصرية مطلع نوفمبر الماضي، على تمديد العمل بقرار إعفاء واردات الذهب (المشغولات والسبائك) من التعريفة الجمركية، لمدة 6 أشهر تنتهي في مايو 2024؛ فيما وصلت كمية واردات الذهب المعفاة من الجمارك والتي دخلت مصر إلى 3.3 طن ذهب في 6 أشهر.

سعر الدولار في سوق الذهب يعتمد على السوق الموازية

سوق السيارات

المدير التنفيذي السابق لرابطة مصنعي السيارات، اللواء حسين مصطفى، قال إن المستوردين يجدون صعوبة كبيرة في توفير الدولار اللازم لإتمام عملهم، ما تسبب في ظهور مشكلات كبيرة بين حاجزي السيارات والوكلاء والموردين، كان منها أزمة حجز سيارات "تويوتا".

وأشار "مصطفى" في تصريحات خاصة، إلى أن العديد من معارض وشركات السيارات أوقفت البيع بسبب عدم استقرار سعر الصرف في السوق الموازية، والتي تشهد تغيرًا مستمرًا بطبيعة الحال، ما تسبب في تسعيره بأعلى من السوق السوداء.

كما نوه بأن شح الدولار وصعوبة فتح الاعتمادات المستندية لاستيراد السيارات منذ فبراير 2022، دفعا التجار لشراء الدولار من السوق السوداء، والتي شهدت أسعارًا وصلت إلى 51 جنيهًا للدولار الواحد في بعض الأحيان.

العقارات

مدير عام إحدى الشركات العاملة في التطوير العمراني، المهندس بهاء كريم، أكد لجوء بعض شركات التطوير العقاري إلى جمع الدولار من السوق السوداء، رغم ارتفاعه بشكل كبير عن السعر الرسمي، لصعوبة الحصول عليه من البنوك، مشيراً إلى أنه يتم تحديد السعر وفقا للطلب والعرض أزيد أوقل نصف جني عن السوق الموازية .

وأضاف أن المطورين العقاريين يحاولون التحوّط من التضخم وانخفاض قيمة الجنيه، من خلال زيادة تسعير المنشآت العقارية، كمحاولة لتجنب خسائر التنفيذ على أكثر من سنة، خاصة أن عقود المقاولات، تعتبر عقودًا طويلة الأجل، وبالتالي احتمال تعرضها لمخاطر العملة أكبر.

أعمال إنشائية لبعض شركات العقارات 

الدولار والمشتقات

وتراجع سعر الجنيه المصري مقابل الدولار في العقود الآجلة غير القابلة للتسليم، وهو مؤشر يقيس التوقعات المستقبلية للعملات، حيث وصل الدولار إلى مستوى قياسي جديد.

وسجل الدولار في العقود الآجلة غير القابلة للتسليم لأجل سنة واحدة، 47 جنيهًا مقابل نحو 39 فقط أغسطس الماضي، بينما حقق عقد الجنيه غير القابل للتسليم لمدة 3 أشهر نحو 37.70 جنيه للدولار، وفقًا لبيانات “بلومبرج”.

شح العملة الأجنبية

وتشهد مصر أزمة شح في العملة الأجنبية، خاصة الدولار، ما تسبب في خفض قيمة الجنيه 3 مرات منذ مارس 2022، لتفقد العملة المصرية نحو نصف قيمتها، متراجعة من مستوى 15.77 جنيه للدولار الواحد إلى نحو 30.93 جنيه.

كانت المرة الأولى في مارس 2022، وتراجع الجنيه من مستويات 15.77 للدولار إلى 19.70، منخفضًا بنحو 25%، وكان التعويم الثاني في أكتوبر 2022، ليهبط من مستويات 19.7 جنيه للدولار إلى 24.7 للدولار، ليفقد نحو 25.4% من قيمته مجددًا.

أما التعويم الثالث الذي حدث في يناير 2023، شهد انخفاضًا للعملة الوطنية من 24.7 جنيه للدولار إلى 30.93 للدولار، لتفقد 30% من قيمتها دفعة واحدة.

الانخفاض الحاد في قيمة الجنيه ونقص العملة الأجنبية، أدى لاتساع الفجوة بين السعرين في السوق الرسمية والموازية إلى أكثر من 60%، حيث يتخطى الدولار حاجز 50 جنيهًا في السوق السوداء، بينما يدور سعره حول مستويات الـ31 جنيهًا في البنوك.

مديرة صندوق النقد الدولي مع حسن عبدالله القائم بأعمال محافظ البنك المركزي 

توقعات التعويم

في نهاية 2022، اتفقت مصر مع صندوق النقد الدولي على تمويل بقيمة 3 مليارات، حصلت منه على شريحة واحدة بقيمة 275 مليون دولار، وكان عليها اجتياز مراجعتين مع الصندوق للحصول على بقية الشرائح، إلا أن المراجعات لم تحدث في موعدها بسبب تأخر تنفيذ بعض الإجراءات ومنها زيادة مرونة سعر الصرف، بحسب تصريحات مديرة الصندوق، كريستالينا جورجييفا.

كما يدرس الصندوق زيادة محتملة لبرنامج تمويل مصر، لمساعدتها في مواجهة الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن الحرب في غزة، بحسب تصريحات أخيرة لمديرة الصندوق على هامش مشاركتها في قمة "COP28" بالإمارات.

ويتوقع محللون في "سوسيتيه جنرال" أن يتم تعويم الجنيه بعد فترة قصيرة من إجراء الانتخابات الرئاسية ديسمبر الحالي.

بينما توقع بنكا "دويتشه بنك" و"مورجان ستانلي" تحرير سعر صرف الجنيه في الربع الأول من العام المقبل 2024، وهو الإجراء الذي ينتظره الصندوق من الحكومة المصرية، قبل أن يتراجع الصندوق لاحقًا عن الاهتمام بتحرير سعر الصرف في مقابل زيادة الاهتمام بمواجهة التضخم المرتفع.

مصر بحاجة إلى سيولة أجنبية

وتحتاج مصر إلى سيولة أجنبية بنحو 8 إلى 10 مليارات دولار لبدء التخفيض المتوقع لقيمة الجنيه المصري خلال الأشهر المقبلة، بحسب تقرير بحثي لمجموعة "إي إف جي هيرميس".

عضو الهيئة الاقتصادية الاستشارية لمركز مصر للدراسات، الدكتور أحمد شوقي، قال لـ" تليجراف مصر" إن كل قطاع يسير لديه خطة منفردة لتسعير الدولار، مؤكدًا أنه يوجد أكثر من سعر للدولار بسبب المضاربات، بالإضافة إلى توجه العديد من الأشخاص إلى "الدولرة" ما جعل الدولار سلعة في حد ذاته وليس مجرد عملة.

وأضاف أن الدولة تعمل على عدة محاور لحل الأزمة، منها التمويل الذي ستحصل عليه من الاتحاد الأوروبي بقيمة 9.8 مليار يورو أو ما يعادل 10 مليارات دولار أمريكي، والذي سيسهم في تقليل الفجوة بين السوق الرسمي والموازية.

وعن تحرير سعر الصرف، نوّه "شوقي" إلى أن تعويم الجنيه لن يعالج الأزمة، حيث تم تحرير سعر الصرف ثلاث مرات خلال عامين، ومع ذلك ظلت الأزمة موجودة، موضحًا أن الأمر يتعلق بارتفاع الواردات مقارنة بالصادرات، بالإضافة إلى الفجوة التمويلية، كما أن الأزمة تطلب حلًا جوهريًا لمشكلات الاقتصاد المصري.

كما أكد أنه في ظل خفض التصنيف الائتماني المستمر لمصر، فإن تكلفة إصدار أدوات الدين سترتفع بشكل كبير، موضحًا أنه يجب الاعتماد على المنتجات المحلية وتقليل الاستيراد لتقليل الفجوة التمويلية، وتقليل الضغط على الدولار.

search