الجمعة، 22 نوفمبر 2024

03:30 ص

الديون تطارد أمريكا.. هل تفلس أكبر دولة في العالم؟!

ديون أمريكا - تعبيرية

ديون أمريكا - تعبيرية

ولاء عدلان

A A

الدول كالأفراد، قد تتخلف عن سداد ديونها، فماذا لو كانت هذه الديون تقترب من 34 تريليون دولار؟ والدائنون بينهم دول وكيانات عملاقة وضعوا ثقتهم في أكبر اقتصاد في العالم.. هنا الولايات المتحدة الأمريكية!

من الضروري أن يستعد الجميع داخل أمريكا وخارجها لاحتمالية تخلفها عن سداد ديونها، هكذا تحدث المدير التنفيذي لـ"بنك أوف أمريكا"، بريان موينيهان، خلال مقابلة مع “سي إن إن” الأيام الماضية، محذرًا من خطر تجاهل الأمر، وما قد يعقبه من تداعيات تزعج الأسواق العالمية.

تدهور مستمر

جردت وكالة التصنيف الائتماني "فيتش"، أمريكا من تصنيفها الممتاز، وقالت في مذكرة إن الولايات المتحدة تشهد تدهورًا مستمرًا منذ 20 عامًا فيما يتعلق بمسألة الديون، وتلجأ من وقت لآخر لزيادة الحد الأقصى الذي يمكنها استدانته للوفاء بالتزاماتها (رفعت واشنطن سقف الديون 21 مرة منذ 2001).

لذات السبب خسرت أمريكا تصنيفها الائتماني الممتاز لأول مرة في تاريخها في أغسطس 2011 على يد وكالة “ستاندرد أند بورز”. ولنفهم الأمر بصورة أوضح فإن التصنيف الائتماني لدولة ما يعد شهادة ثقة تقيس قدرتها على سداد ديونها، فكلما ارتفع كانت أكثر قدرة على جمع الأموال من الدائنين وبفائدة أقل والعكس صحيح.

لكن لماذا تستدين دولة قوية مثل أمريكا؟.. تستدين لتستمر في دفع فواتيرها من مرتبات موظفيها إلى فوائد الديون. يقول الخبير الاقتصادي، عادل عامر، في تصريح إلى "تليجراف مصر" إن "تخفيض تصنيف أمريكا سببه الجوهري خروج إنفاق الحكومة عن السيطرة، الأمر الذي يدفعها إلى أسواق الدين لسد الفجوة بين الإنفاق والإيرادات”.

وأوضح أن قرار فيتش قد يؤثر في جاذبية سندات الخزانة الأمريكية (وهي أوراق دين تصدرها واشنطن وتبيعها لحكومات أخرى أو لمؤسسات)، على نحو طفيف، مع حقيقة أن الاقتصاد الأمريكي يتمتع بمرونة عالية ويمتلك امتياز طباعة الدولار القوي، الأمر الذي يعزّز جاذبية سنداتها رغم تراجع التصنيف.

أكبر دولة مدينة عالمًيا

في عام 1917، فرضت أمريكا سقفًا للديون لوضع حد لزيادة إنفاق الحكومة، لكن ما حدث أن وزارة الخزانة اقترضت أكثر مبررة ذلك بأنها لا تتجاوز الحد المسموح به من الديون إلا بعد موافقة الكونجرس.

بلغت ديون أمريكا في 30 نوفمبر الماضي نحو 33.9 تريليون دولار، ارتفاعًا من 17.2 تريليون دولار في ديسمبر 2013، وفق بيانات وزارة الخزانة الأمريكية، لتسجل أعلى مستوياتها في تاريخ البلاد والأكبر عالميًا.

لكن لا تنسى أننا نتحدث عن دولة تمتلك أكبر اقتصاد في العالم و أقوى عملة (الدولار)، التي تستحوذ على 58% من احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنوك المركزية حول العالم، وفق مذكرة لصندوق النقد الدولي في أكتوبر 2023، وتهيمن على 40% من حركة التجارة العالمية.

ببساطة، الدولار القوي سمح لأمريكا بأن تقترض من الجميع كما يحلو لها، فديونها تعود لدول ومؤسسات ومستثمرين أفراد، فسندات الخزانة الأمريكية تصنف بين أكثر الأصول الآمنة عالميًا، لذا تُفرِط الدول في شرائها وتعتبرها استثمارًا آمنًا، رغم انخفاض عوائد فوائدها مقارنة بغيرها، لكن تبقى ميزتها الحقيقية هي ثقة هذه الدول في قدرة واشنطن على السداد في الموعد.

نسبة الديون الأمريكية من الناتج المحلي الإجمالي - بيانات وزارة الخزانة

فقاعة ديون  

حتى الآن لم تتخلف أمريكا يومًا عن سداد التزاماتها للدائنين، لكنها قد تصل إلى هذه النقطة في أي لحظة يتوقف فيها الكونجرس عن السماح للحكومة بمزيد من الديون الجديدة، وهو ما حذّرت منه وزيرة الخزانة الأمريكية، جانيت يلين، في 16 مايو الماضي. وقالت يلين وقتها إن عدم رفع الكونجرس لسقف الدين البالغ 31.4 تريليون دولار قد يؤدي إلى كارثة اقتصادية لأمريكا وللاقتصاد العالمي ككل.

ويرى الخبير الاقتصادي، رئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية، خالد الشافعي، في تصريح خاص، أن احتمال انفجار فقاعة الديون الأمريكية غير مستبعد مع تجاوز ملامسة مستويات الـ34 تريليون دولار، بينما يقف على النقيض الدكتور عادل عامر، مستبعدًا انفجار أزمة ديون أمريكية في المستقبل القريب، موضحًا أن الولايات المتحدة لديها احتياطيات وأصول تجعلها بعيدة عن خطر الإفلاس.

شبح أزمة يعود

ويتوقع الشافعي أن تصل أمريكا إلى نقطة لا تتمكن فيها من سداد ديونها فيما يُعرف بـ"الإفلاس التقني"، وعندها ستنهار قوة الدولار والعديد من المؤسسات المالية (من حملة سندات الخزانة الأمريكية) داخل وخارج الولايات المتحدة، في مشهد أقرب لما حدث في عام 2008 عندما أشهر بنك "ليمان براذرز" إفلاسه مفجرًا أزمة عالمية طالت الجميع.

ويضيف أن انفجار فقاعة الديون الأمريكية سيؤثر في الاقتصاد العالمي ككل نظرًا لحجم الاقتصاد الأمريكي، وحجم دائنيه، وعندما تتعثر الدول عن سداد ديونها فهي تلجأ إلى مجموعة إجراءات أبرزها التدخل في سوق الصرف لحماية العملة من الانهيار التام وشطب جزء من ديونها، تحديدًا لدى كبار الدائنين وفي حالاتنا تتصدرهم اليابان التي تستحوذ على 1.09 تريليون دولار من إجمالي ديون أمريكا، تليها الصين بواقع 778.1 مليار دولار.

وبحسب تصريح سابق للرئيس التنفيذي لشركة “بلاك روك”، لاري فينك، لشبكة “سي إن بي سي” بتاريخ 16 يوليو الماضي، فإن أزمة الديون السيادية في أمريكا لا مفر منها، وعندما تحدث سيتبعها تراجع قاسٍ لأسواق الأسهم واضطراب في أسواق العملات وانخفاض كبير للدولار.

أكبر الدول حيازة للديون الأمريكية
search