السبت، 08 فبراير 2025

03:49 ص

"قيصر" السوري يكشف هويته لأول مرة بعد أعوام من تسريبات التعذيب

قيصر- فريد المذهان

قيصر- فريد المذهان

كشف "قيصر"، الذي وثّق عبر صوره آلاف الجرائم في السجون السورية، هويته لأول مرة بعد سنوات من التسريبات التي هزّت العالم. 

وفي مقابلة تليفزيونية مع قناة "الجزيرة" مساء الخميس، ظهر المساعد أول فريد المذهان، ليعلن: "أنا المساعد أول فريد المذهان، المعروف بقيصر، رئيس قلم الأدلة القضائية في الشرطة العسكرية بدمشق، ابن سوريا الحرة، ومن مدينة درعا، مهد الثورة السورية".

مهمة توثيق جرائم التعذيب

وأوضح المذهان أن مهمته بعد اندلاع النزاع في سوريا عام 2011 كانت تصوير جثث الضحايا الذين قضوا تحت التعذيب في المعتقلات العسكرية والأمنية، وقال: "كنت أصور جثث المعتقلين الذين تم اعتقالهم من الحواجز العسكرية ومن ساحات التظاهر، حيث تعرضوا للتعذيب والقتل بطرق دموية ممنهجة، قبل نقلهم إلى المشارح العسكرية ومن ثم إلى المقابر الجماعية".

وأضاف أنه كان يشعر بالقهر والذل عند مشاهدة تلك الصور، لكنه رأى في تسريبها أمانة حملها عن الضحايا ليكشف للعالم ما يجري داخل المعتقلات.

جرائم ممنهجة وأوامر من أعلى هرم السلطة

تحدث "قيصر" عن تفاصيل مرعبة، مؤكدًا أن التعذيب والقتل كانا يتمان بتوجيهات من أعلى المستويات في النظام السوري، مشيرًا إلى أن الصور لم تكن مجرد توثيق، بل كانت دليلاً على تنفيذ الأوامر، لضمان عدم إفلات أي معتقل، حيث قال: “قادة الأجهزة الأمنية استخدموا هذه الصور كوسيلة لإثبات ولائهم المطلق للمجرم بشار الأسد”.

55 ألف صورة مسرّبة والانشقاق الخطير

وبين عامي 2011 و2013، تمكن "قيصر" من تسريب نحو 55 ألف صورة توثّق وحشية الانتهاكات داخل السجون، وقرر الانشقاق مبكرًا، لكنه أرجأ هروبه ليجمع أكبر قدر ممكن من الأدلة ضد النظام.

وكشف أنه كان يخبئ صور الضحايا في بطاقات ذاكرة صغيرة “فلاش ميموري” داخل جواربه أو بين أرغفة الخبز، وتمكن من تهريبها عبر الحواجز الأمنية وصولًا إلى الخارج.

رحلة الهروب إلى الحرية

بعد انشقاقه، لجأ المذهان أولًا إلى الأردن، ثم انتقل إلى قطر، قبل أن يستقر في فرنسا، حيث يعيش وسط ظروف أمنية صعبة بسبب التهديدات المحتملة.

وفي عام 2020، دخل قانون "قيصر" للعقوبات حيز التنفيذ في الولايات المتحدة، مما فرض إجراءات اقتصادية صارمة على النظام السوري، بناءً على ما كشفه المذهان عبر صوره.

دعوة لرفع العقوبات وإعادة بناء سوريا

مع سقوط نظام الأسد، دعا المذهان إلى رفع العقوبات الاقتصادية، قائلًا: "سبب العقوبات قد زال بزوال النظام، والشعب السوري بحاجة إلى دعم دولي وإقليمي لإعادة بناء دولتنا الحرة والمزدهرة".

وقد أدت تسريبات "قيصر" إلى محاكمات دولية، حيث أصدرت دول مثل هولندا، فرنسا، وألمانيا مذكرات توقيف بحق مسؤولين سابقين في أجهزة الأمن السورية بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

الكاميرا التي تحولت إلى كابوس

رغم الدور الحاسم الذي لعبته الكاميرا في كشف الجرائم، أكد المذهان أنه لا يحب آلة التصوير، لأنها ترتبط بذكريات أليمة عن الضحايا الذين تعرّضوا للتعذيب والقتل.

"هذه الكاميرا تذكرني بمآسي أولئك الذين تم تعذيبهم وقتلهم، وهي بالنسبة لي ذكرى غير سعيدة".

بهذا التصريح، يختتم "قيصر" حديثه للعالم، بعدما حمل على عاتقه واحدة من أخطر المهمات في التاريخ السوري الحديث.

search