الجمعة، 22 نوفمبر 2024

01:52 م

آخرها "حالة خاصة".. هل نجحت الأعمال الفنية في مناقشة مرض التوحد؟

"حالة خاصة" أحدث التجارب عن التوحد

"حالة خاصة" أحدث التجارب عن التوحد

محمد صالح

A A

حلّق مسلسل “حالة خاصة” في فضاء الأعمال الدرامية المميزة، واستطاع أن يجذب انتباه قطاع كبير من المشاهدين، وهو ما عكسته نسبة المشاهدات العالية التي حققتها حلقاته.
وتألق الفنان الشاب طه دسوقي، في دور "نديم"، المحامي المصاب باضطراب طيف التوّحد، والذي يحاول الدفاع عن الضعفاء تنفيذًا لحلم والدته، لكنه يواجه تحديات صعبة ويُستغل بأكثر من طريقة.
وتشارك النجمة غادة عادل في بطولة المسلسل، بالإضافة إلى  الفنانين هاجر السراج، وحسن أبو الروس، ووئام مجدي، ونبيل علي ماهر، وهو من تأليف مهاب طارق وإخراج عبد العزيز النجار. 

طه دسوقي في شخصية “نديم”

وفتح المسلسل بابًا من الجدل حول الأعمال الدرامية والسينمائية التي تناقش مرض التوحد، والعديد من الأسئلة عن كيفية معالجة التوحد، وهل يتم نقل الصورة بشكل صحيح، ومدى مساهمة تلك الأعمال في التوعية بالمرض.

تجارب سابقة

أحدث تلك التجارب كان في 2021، وهو مسلسل "إلا أنا" وتحديدًا حكاية "حلم حياتي"، وفيها ظهرت الفنانة مايان السيد بشخصية فتاة مصابة بالتوحد، تحاول الوصول لأحلامها وتصارع من أجل ذلك، وشاركها الحكاية يوسف عثمان، وتيم مصطفى قمر، ومنة عرفة.
ويُعد فيلم "التوربيني" أحد أهم الأعمال الفنية التي ناقشت مرض التوحد، حيث يتناول العلاقة بين شاب مريض بالتوحد وشقيقه الأكبر بعد وفاة والدهما، وعُرض في عام 2007، وقام ببطولته شريف منير وأحمد رزق، بالإضافة للتونسية هند صبري، وهو مأخوذ عن الفيلم الأمريكي "The Rain Man".
مسلسل "كل أسبوع يوم جمعة" لبطليه آسر ياسين ومنة شلبي، ناقش هو الآخر مرض التوحد، لكنه قوبل بهجوم شديد من أسر لديها أبناء يعانون التوحد، بسبب تقديم شخصية البطل المصاب بالتوحد قاتلًا.
وفي 2009، عُرض الفيلم القصير "ألبوم صور"، وناقش مرض التوحد من خلال المصوّر خالد الذي يعاني المرض، ويعيش مع شقيقته داليا، وهو من بطولة إيمان أيوب، وعلاء عزت، وحمدي ندا، وسيناريو وحوار وإخراج نورهان متولي.

تجارب غربية

تجارب غربية كثيرة أيضًا عرضت مرض التوحد عبر الشاشة، ربما أبرزها الفيلم الشهير “The Rain Man” للنجم توم كروز، والفيلم في الأساس مُقتبس من قصة حقيقية لشاب أمريكي يدعى "كيم بيك" مصاب بالتواحد ويمتلك قدرات عقلية استثنائية.
ودارت أحداث الفيلم حول شقيقين يموت والدهما ويترك إرثًا كبيرًا، ويحاول الأخ الأصغر السيطرة على الميراث كاملًا، ثم يتبدل به الحال بعدما يقترب أكثر من شقيقه المصاب بالتوحد.

توم كروز ودستين هوفمان في فيلم “The Rain Man”

والفيلم الهندي الشهير “MY Name Is Khan” هو الآخر تعرض لمرض التوحد، عُرض الفيلم في عام 2010 ودارت أحداثه حول رضوان، الذي جسّد شخصيته النجم الهندي شاروخان، والذي أصيب بمتلازمة "اسبرجر" (إحدى متلازمات التوحد تصيب الذكور بنسبة أكبر من الإناث) ويترك الهند ويذهب إلى الولايات المتحدة بعد وفاة والدته.

بعيدة تمامًا

فيما يتحدث المتابعون عن كيفية معالجة الأمراض النفسية في الدراما والسينما، وهل تنقل الصورة كما هي أم لا، فضلًا عن المساهمة في التوعية، تعتقد الناقدة الفنية ماجدة موريس، أن الأعمال التي تناولت مرض التوحد لم تقدم ذلك.
وقالت موريس في تصريحات لـ"تليجراف مصر" إن الأعمال العربية التي ناقشت الأمر كانت بعيدة عن الواقع بنسبة كبيرة، وأن الأمر كان يحتاج للمزيد من الدراسة والمراجعة من قبل متخصصين نفسيين.
وأضافت "مثل هذه الأعمال شائكة، وعلى الصنّاع المتابعة مع متخصصين بعد الانتهاء من كتابة السيناريو، لابد أن يكون هناك المزيد من الدقة والتعبير عن المرض بشكل أكبر".
وتابعت “المؤلف يركز أكثر على شخصية البطل وانفعالاته من دون التعمق في تفاصيل المرض، أو مناقشة الأمر كما يجب”.

مبالغات

الناقدة الفنية تحدثت أيضًا عن وجود مبالغات في الأعمال التي تناولت مرض التوحد أو الأمراض النفسية عمومًا، وقالت "بعض الصُناع يعتمدون على المبالغات اعتقادًا منهم أنها من عوامل الجذب للجمهور".
وأضافت "لابد أن تكون هناك دقة في التعبير بشكل أكبر، وتوصيل للرسالة للجمهور من دون حيرة، وبشكل مباشر ومُركز، الأمور المتعلقة بالأمراض وصحة الإنسان يجب أن تُقدّم بشكل أكثر دقة".

ماذا يعتقد الطب النفسي؟

ربما يتوافق رأي الطب النفسي مع وجهة النظر الفنية فيما يخص الأعمال التي ناقشت مرض التوحد.
الأخصائية النفسية، آية صقر، تعتبر أن الأعمال الفنية العربية عن التوحد عالجت الأمر بسطحية شديدة، وتم اختصار المرض في متلازمة "اسبرجر"، وتغاضت عن أن المرض يحمل العديد من التفاصيل الأخرى.
وأوضحت "مرضى المتلازمة يواجهون مشكلات فيما يخص التواصل الاجتماعي، من حيث البطؤ على سبيل المثال، ولكن على المستوى التعليمي يصل مستوى ذكاء البعض منهم إلى نسب عالية، لكنهم يواجهون أزمة في حل المشكلات".

شخصية مريض التوحد في “في كل أسبوع يوم جمعة” واجهت انتقادات كبيرة

وعن التوعية بالمرض قالت "لا أستطيع القول إن الأعمال العربية لم تسهم في ذلك، ولكن بنسبة ضئيلة، كما أنها تُظهر مرضى التوحد بشكل خاطىء وبتفاصيل مُقحمة، مثلما حدث في مسلسل (في كل أسبوع يوم جمعة)، فمرضى التوحد ليسوا قتلة، كما أنهم بطبيعة الأحوال ليسوا جميعًا عباقرة، هناك العديد من الأشخاص المصابين بالتوحد أناس عاديين".
كما اعتبرت الأخصائية النفسية أن السينما العالمية قدمت الموضوع بشكل أفضل من حيث الدراسة والمنهج والمراجعة مع متخصصين، فيما تناولته السينما والدراما العربية بشكل منقول وسطحي.

search