الخميس، 19 سبتمبر 2024

06:32 ص

حالة خاصة.. طفلك الداخلي

نديم.. يضعك في حالة خاصة .. "مود" خاص.. مشاعر خاصة.. نديم ليس مجرد بطل لعمل درامي.. فهو قريب جدًا منّا.. لديه من الصدق والبراءة ما يجعلك تشعر أنه طفلك الداخلي.

بـ"سماعة" تفصله عن العالم، ذكّرني بأبلة فاهيتا عندما قالت "هسمع مزيكتي وأعيش بطريقتي ولو عكس الناس".. كلمات بسيطة أنتهجُها في عالمي الخاص.. لذا شعرت بقرب نديم من قلبي.. فأنا وهو وآخرون حالة خاصة!

كل العاديين لا يستطيعون استيعابنا.. لكن هناك دائمًا استثناءات.. نشعر جيدًا بحبهم ومدى صدق مشاعرهم.. إذا تواجدوا نشعر بالسعادة.. وإذا غابوا نستطيع أن نمضي في طريقنا وكأن شيئًا لم يكن.. برغم البساطة فالتركيبة معقّدة.. إنها حالة خاصة.

حتى طريقة تعامل نديم مع وفاة (جميل) الشخص الأقرب لقلبه، أعادت لذهني مشهد عزاء أبي، حيث لم أستطع البكاء، فقط صامتة، لأجد منْ حولي يطلبون مني البكاء، دون أن يعوا أن لحزني حالة خاصة.

"العاديين" مثل رام الله، وصفوا حالته بـ"كويس بطريقة غريبة" بعد وفاة صديق عمره، ولكن غير العاديين فقط هم من يعلمون أن الحزن مثل الحب، لكل منهما لغته الخاصة.

نديم لا يحب الصوت العالي وخاصةً "الزعيق"، يصيبه بالقلق والتوتر، فيهرب منه للموسيقى التي تفصله عن ضوضاء العالم، فكم منّا مثل نديم؟!

واضح كوضوح الشمس، غامض كغموض القمر.. لا يفهم التلاعب بالألفاظ، ولا ينتظر شيئًا ممن يحبهم، حسّاس يخشى أن يُثقل على أحدهم ولو بفضفضة عابرة، لا يجد حرجًا فقط إلا مع من يعتبره صديقًا.. إنه نديم الذي يشبهنا لذا دخل قلوبنا دون استئذان.

نديم الذي بالرغم من ذكائه ووضوحه مع نفسه والمحيطين به، يجد أحيانًا صعوبة في فهم مشاعره، فهو الذي استغرق وقتًا طويلًا حتى يستطيع ترجمة مشاعره ويعرف أنها حب لـ"رام الله"، فكم منّا مثل نديم يحتاج لصديق يساعده في أوقات ما على فهم ذاته، دون أن يكون وصيًّا عليه أو على قراراته.

يتجاوز الحزن بالعمل، يُشغل نفسه لينسى أو يتناسى.. ليردم على أحزانه، ولكن دون جدوى، فعلى مدار عمر كامل لا زال نديم يتذكر كل كلمة ونصيحة من والدته، لم ينس مرضها أو ألمها، مثلي تمامًا لم ولن أنسى لآخر يوم في عمري مشاهد آلام أبي وعجزه عن الوقوف على قدميه في أيامه الأخيرة.. نتجاوز ونتخطى ولكن لا ننسى، فالعقل يتذكر والقلب يتألم ما دام نابضًا.

نديم هو النسخة النظيفة بداخل الكثيرين، ليس بالضرورة أن تكون جميع صفاتنا متشابهة معه، لكن الكل يحمل شيئًا منه.. بالفطرة السليمة التي مهما لوثتها الأيام، يبقى منها شيء يتعلق بتلك الحالة الخاصة.

title

مقالات ذات صلة

كلُّهُم توفيق عكاشة!

12 فبراير 2024 05:08 م

سلامٌ للعابرين

06 فبراير 2024 04:48 م

search