الإثنين، 03 مارس 2025

08:25 م

جرمانا.. مدينة سورية أشعلت فتيل المواجهة بين نتنياهو والشرع

جرمانا السورية- أرشيفية

جرمانا السورية- أرشيفية

سيد محمد

A .A

تصدرت مدينة “جرمانا” السورية في ريف دمشق عناوين وكالات الأنباء بعد أن أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن استعداده لحمايتها، حيث شهدت حالة من التوتر الشديد عقب مقتل أحد عناصر الأمن الداخلي وإصابة آخرين، في حادثة اعتداء نفذتها مجموعة مسلحة تابعة لما يُعرف بـ"لواء درع جرمانا"، ما أدى إلى تصاعد المواجهات وانتشار أمني واسع في المنطقة.

جرمانا.. المعقل الدرزي في ريف دمشق

تقع جرمانا جنوب شرق العاصمة دمشق، وتعدّ موطنًا لغالبية من الدروز والمسيحيين، إلى جانب عائلات نزحت إليها خلال الحرب السورية منذ عام 2011. 

في عام 1959، بلغ عدد سكان المدينة حوالي 4000 نسمة، غالبيتهم من طائفة الدروز، ومع مرور الوقت، شهدت هجرة مكثفة من محافظة السويداء وغيرها من المناطق السورية، ما أدى إلى ازدياد عدد سكانها إلى أكثر من 650 ألف نسمة اليوم.

كما شهدت المدينة تزايدًا سكانيًا كبيرًا مع استقبال موجات نزوح من مختلف المناطق السورية، بالإضافة إلى وجود جالية عراقية كبيرة استقرت فيها منذ الغزو الأمريكي للعراق.

أصل التسمية والجذور التاريخية

يعود اسم "جرمانا" إلى اللغة الآرامية، حيث تعني "الرجال الأشداء"، وذكرها المؤرخون العرب مثل ياقوت الحموي في "معجم البلدان"، حيث وصفها بأنها إحدى مناطق غوطة دمشق. 

كما أشار إليها الرحالة الشهير ابن بطوطة والمؤرخ الظاهري، إذ تعود جذورها إلى العصور القديمة.

جرمانا خلال الأزمة السورية

مع اندلاع الأزمة السورية في عام 2011، أصبحت جرمانا وجهة رئيسية للنازحين، خصوصًا من المناطق المجاورة التي شهدت مواجهات عسكرية.

 كما كانت المدينة واحدة من أوائل المناطق التي شهدت احتجاجات ضد النظام السوري، حيث قام السكان في السابع من ديسمبر، عشية سقوط حكم بشار الأسد، بإسقاط تمثال نصفي للرئيس الراحل حافظ الأسد، كان منصوبًا في ساحة رئيسية تحمل اسمه.

مخيم جرمانا.. ملجأ اللاجئين الفلسطينيين والسوريين

إلى جانب سكان المدينة الأصليين، يحتضن مخيم جرمانا آلاف اللاجئين الفلسطينيين والسوريين. 

تأسس المخيم عام 1948 على مساحة 0.03 كيلومتر مربع، ويقع جنوب شرق دمشق، بالقرب من طريق مطار دمشق الدولي. 

ومع تصاعد الحرب السورية، تحول المخيم إلى ملاذٍ لآلاف النازحين الذين فرّوا من الصراع الدائر في البلاد.

تصاعد الأحداث وانتشار أمني مكثف

وفقًا لمصادر محلية، اندلعت المواجهات بعد هجوم عناصر مسلحة على أفراد من الشرطة، مما أجبرهم على مغادرة المخفر. 

وعلى إثر ذلك، عززت قوات الأمن وجودها في المدينة، حيث نُصبت حواجز تفتيش للبحث عن المتورطين، وسط حالة من الاحتقان.

 الحادث بدأ عندما أوقف حاجز تابع لـ"درع جرمانا" مجموعة من العناصر الأمنية ومنعهم من الدخول بسلاحهم، قبل أن يتطور الأمر إلى إطلاق نار مباشر أسفر عن مقتل عنصر وإصابة آخر، تلاه هجوم على قسم الشرطة.

وأكدت المصادر أن العنصر الأمني القتيل، ويدعى أحمد أديب الخطيب من مدينة كفرنبل في إدلب، قُتل برصاص المسلحين، وهو ما أثار استياءً واسعًا في المنطقة.

عمليات أمنية مستمرة

بالتزامن مع التصعيد، أعلنت مديرية أمن ريف دمشق تنفيذ عمليات أمنية واسعة لملاحقة المطلوبين في جرمانا، حيث صرح المقدم حسام الطحان أن الأجهزة الأمنية تواصل ملاحقة المتورطين بالتعاون مع وجهاء المدينة، مشددًا على أن الدولة لن تسمح بأي تهديد لوحدة وأمن سوريا.

التصعيد الإسرائيلي وردود الفعل

في تطور متصل، أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس تعليمات للجيش بالاستعداد لتنفيذ ضربات ضد القوات السورية في جرمانا، زاعمين أن المدينة تتعرض لهجوم من قبل السلطات السورية.

وردًا على ذلك، أكد وجهاء جرمانا رفضهم لأي تدخل خارجي، مشددين على أنهم عرب سوريون متمسكون بأرضهم ولن يسمحوا باستخدامهم ذريعة لأي أجندات خارجية. 

كما أوضح عضو مجموعة العمل الأهلي في المنطقة، ربيع منذر، أن الجهود مستمرة لتسليم المتورطين في الحادثة للسلطات السورية.

 وجهاء ومشايخ جرمانا يردون على نتنياهو

في ظل التوترات، اجتمع وجهاء ومشايخ جرمانا وأصدروا بيانًا موجهًا إلى السلطات السورية، أكدوا فيه على ضرورة محاسبة المتورطين في الحادثة وتسليمهم للجهات المختصة لضمان العدالة، وإعادة تفعيل مركز ناحية جرمانا بكوادر مؤهلة لضبط الأمن في المدينة.

كما طالب الوجهاء بتعزيز وحدة جرمانا مع محيطها، مؤكدين أنها كانت وستظل جزءًا أصيلًا من ريف دمشق وسوريا، ورفض أي محاولات للفتنة والتفرقة، مؤكدين التصدي لأي جهات تسعى إلى بث الانقسام، وفتح تحقيق رسمي حول حادثة إطلاق النار في قسم شرطة الصالحية، والتي أدت إلى إصابة شخصين.

وأكد الوجهاء أن جرمانا ستظل رمزًا للعيش المشترك ولن تسمح لأي جهة ببث الشقاق بين مكونات المجتمع.

search