الإثنين، 03 مارس 2025

11:35 ص

خالد صلاح ردا على منتقدي "معاوية": المسلسل ليس عن صحابة تقاتلوا

مسلسل معاوية

مسلسل معاوية

رد مؤلف مسلسل “معاوية”، الكاتب الصحفي خالد صلاح، على الانتقادات التي تعرض لها العمل الدرامي الذي يعرض ضمن الماراثون الرمضاني 2025.

وقال صلاح، عبر حسابه الشخصي بموقع “فيسبوك”، اليوم الأحد، إن معاوية لم يكن مجرد رجل دولة، أو قائد عسكري يخوض معاركه على أسنة الرماح، بل كان إنسانًا، صاغته الأيام كما تصوغ النار الحديد، قاسيًا حين تستدعي الحاجة، ولينًا حيث ينبغي التروي والتدبر".

قصة مسلسل معاوية

وواصل صلاح: “حين بدأنا هذا المشروع مع MBC Studios، لم تكن غايتنا أن نصوغ حكاية تُضاف إلى سجل الروايات المتضاربة، ولم يكن قصدنا أن ننتصر لرؤية على أخرى".

وأضاف: "أردنا أن نقترب من معاوية، لا كخليفة نقش اسمه على دواوين الحكم، بل كإنسان وجد نفسه في قلب زلزال لا يهدأ، وأجبرته الحياة على أن يكون لاعبًا رئيسيًا في صراعات لم يخترها بنفسه، بل ألقتها الأقدار بين يديه”.

مأساة معاوية

وأشار في حديثه إلى متابعي مسلسل “معاوية”: “تأمل معي في ترو ماذا جرى في دراما التاريخ، تصور فتى نشأ في بيت العظمة، تحت سقف أغنى بيوت قريش، ثم فجأة تهتز الأرض من تحته، أخته رملة، الأقرب إلى قلبه، تترك أهلها وتفر مع زوجها إلى الحبشة، تاركة خلفها إرثًا من التساؤلات والوجع”.

ولفت إلى أم معاوية “هند”، التي كانت سيدة مكة بلا منازع، تهوى أمام عينيه من قمة الجبروت إلى وادٍ من الخسائر والانكسار، فقدت أباها وأخاها وعمها في بدر، وظلت تحمل جراحها حتى جاء يوم أحد، فتنفست الصعداء بالانتقام المجرم المقيت.

وزاد صلاح: "لكن الرياح لا تستقر طويلًا، فما لبثت أن وقفت بعد أعوام، وهي التي كانت تملأ الدنيا عنادًا، وقفت أمام النبي محمد بن عبدالله، ترفع صوتها بالشهادة، وتدخل دين من كانت بالأمس تسعى للنيل منه بالدم والنار".

وتساءل مؤلف المسلسل: “كيف يقرأ فتى صغير في مثل عمر معاوية هذا المشهد؟.. كيف يفهم التحولات الجارفة التي جعلت من قريش القوية، قريشًا المغلوبة، ثم من قريش المغلوبة بالأمس إلى القبيلة القائدة للدين الجديد؟”.

وأكد أن معاوية لم يكن رجل سيف كخالد بن الوليد، ولا ناسكًا زاهدًا كعلي بن أبي طالب، ولا قارئًا حافظًا كعبدالله بن مسعود، ولا أقرب للنبي مثل حذيفة بن اليمان أو عمار بن ياسر، لكنه كان رجل التدبر الطويل والانتظار الصامت.

وأوضح صلاح أنه منذ طفولته أدرك أن الانتصارات ليست كلها في ساحات القتال، وأن الحرب ليست دائمًا حلًا، بل أحيانًا تكون الحرب هي المصيدة التي يقع فيها المتعجلون، لذلك تعلم أن النصر الحقيقي هو أن تصمد حين يسقط الآخرون، وأن تدير المعركة بالعقل لا بالغضب.

الحب في حياة معاوية

وواصل بأن معاوية أحب وعرف مرارة الفقد، عندما رحلت عنه زوجته الأولى، التي كانت أقرب إلى قلبه من كل شيء، مات ابنه عبدالرحمن، فانطفأت في داخله شعلة الأبوة، ورأى أخاه يزيد ينهار أمامه تحت وطأة الطاعون، ولم يكن في يده سوى أن يشاهد الموت وهو يأخذ منه أحبته واحدًا تلو الآخر.

وأسهب بقوله: “ثم جاء حب آخر، ميسون بنت بحدل، لكن الحب وحده لم يكن كافيًا، لم تحتمل حياة القصور، لم تر في الذهب والحرير ما يغريها بالبقاء، فتركت كل شيء وعادت إلى البادية، إلى حياة البساطة التي لم يستطع معاوية، بكل ما لديه، أن يمنحها إياها”.

ولفت إلى الطعنة الكبرى في حياة معاوية، وهي مقتل ابن عمه وخليفة المسلمين عثمان بن عفان، فجأة، لم يعد معاوية واليًا يدير شؤون الشام من بعيد، بل أصبح الرجل الذي يرى نفسه مسؤولًا عن دم عثمان، عن الثأر، عن تحقيق العدالة كما يراها هو من وجهة نظره، صار هو ولي الدم في عائلة تطالبه بالانتقام من القتلة.

وأكد أن الصراع مع علي بن أبي طالب لم يكن خيارًا سهلًا، ولم يكن كرهًا في الإمام العادل، ولكنه وجد نفسه وسط معادلة لم يعد يملك رفاهية الانسحاب منها، معادلة حكمتها السياسة بقدر ما حكمها الدم.

من هو معاوية؟

ولفت الأنظار إلى الحكاية والحبكة في مسلسل معاوية، التي تحمل في طياتها مسيرة رجل تعلم كيف يتحايل على الريح، كيف لا يواجه العاصفة بعناد المغامرين، بل بحكمة من يعرف أن البحر لا يخضع إلا لمن يتقن فن الإبحار.

واستطرد: “لهذا كان معاوية شخصية درامية بامتياز، لأنه لم يكن ذلك القائد الذي يحسم الأمور بحد السيف وحده، بل كان ذلك العقل الذي يحسب كل خطوة، ويدرك أن الزمن، في النهاية، هو أذكى اللاعبين”.

تاريخ معاوية

وأكد أنه في مسلسل معاوية لم يكتب التاريخ بمنطق المنتصر والمهزوم، لم يبحثوا عن الحقيقة في صياغاتها الجامدة، بل حاولوا أن يروا الإنسان خلف السياسة، وإعادة قراءة القصة بعيدًا عن صخب الروايات المتضادة.

وأوضح: “لم ننظر إليه كحاكم نقش اسمه في كتب التاريخ، بعض الكتب مجدّت سيرته، وبعضها لعنتّه بلا هوادة، بل رأيناه كروح عاشت، وتألمت، وانتصرت، روح ساقتها الضرورة إلى الهدى أحيانًا، وإلى الخطايا أحيانًا أخرى، ثم سارت إلى قدرها مثل كل من سبقوها”.

واختتم أن المسلسل ليس عن صراع صحابة تقاتلوا، لكنه عن إنسان خاض صراعه الأول مع نفسه، ثم دارت به طاحونة الصراعات مخيرًا أو مجبرًا حتى نهاية العمر.

search