الجمعة، 22 نوفمبر 2024

05:39 م

القارة العجوز.. هل يُحيي المهاجرون أوروبا التي ترفضهم؟

المهاجرين إلى برلين

المهاجرين إلى برلين

ميار مختار

A A

يُمثل المهاجرون الحل لإنقاذ أوروبا “العجوز” من الشيخوخة التي تنخر في جسدها، حيث يزيد عدد المسنين فيها بوتيرة أسرع من أي منطقة أخرى في العالم، ما يجعلها تحتاج بشدة إلى المهاجرين رغم رفضهم من قبل عدد كبير من مواطنيها.

الهجرة إلى بريطانيا

قال مكتب الإحصاء الوطني البريطاني الثلاثاء الماضي، إنه من المتوقع أن يزيد تعداد سكان المملكة المتحدة 6.1 مليون نسمة بحلول منتصف 2036 بسبب الهجرة، ومن شأن هذه التوقعات الرسمية أن تزيد الضغط على رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك للحد من الهجرة قبيل الانتخابات.

وأضاف المكتب، أنه من المرجح ارتفاع عدد سكان البلاد من 67 مليونًا في منتصف 2021 إلى 73.7 مليون نسمة في منتصف 2036 مدفوعًا بالكامل تقريبًا بزيادة أعداد الوافدين.

ألمانيا وأسبانيا على حافة الهاوية

تحتاج دول الاتحاد الأوروبي على المدى المتوسط والطويل، إلى جذب عدد كبير من العمال المهرة من خارج الحدود والتغلب على معارضة الرأي العام لهم، والتي تبرزها الصعود الواضح لأحزاب سياسية شعبوية مناهضة للمهاجرين.
وفي إحصائية صادرة عن هيئة الإحصاء التابعة للاتحاد الأوروبي، فسيتراجع عدد سكان ألمانيا من 82 مليون نسمة الى 74.7 مليون بنهاية 2050، إذا حدث تغير في مستويات الهجرة، فيما تشير التقديرات الأسوأ إلى توقع انخفاض عدد سكان ألمانيا إلى 65 مليونًا بحلول 2060.

وألمانيا تعد القاطرة الاقتصادية لأوروبا إلى جانب إسبانيا وبولندا، وهى الدول الأكثر تهديدًا بالتراجع في عدد السكان، وهو ما يؤدي إلى تراجع محتمل للنمو.

وفي المقابل، تنتظر بريطانيا وفرنسا وأيرلندا، وإلى حد ما إيطاليا، مصير مماثل، فبريطانيا ستسبق ألمانيا عام 2050 كأكثر الدول الأوروبية المهددة، حيث يصل عدد سكانها إلى 77.2 مليون نسمة، بينما ستلحق فرنسا بألمانيا بعدد سكان 74.3 مليون نسمة.

لهجة سياسية معادية

برغم أن الدول الأوروبية لا تزال تتعافى من أزماتها الاقتصادية، إلا أنها تسير في اتجاه معاكس للحقائق السكانية على الأرض بلهجتها السياسية المعادية للمهاجرين.

ودائمًا يواجه المهاجرون اتهامات أوروبية بخصوص سرقة الوظائف، وخفض الأجور ومستويات المعيشة ورفع معدلات الجريمة، وعلى ضوء ذلك تفرض الحكومات إجراءات أكثر صرامة للحصول على التأشيرات، بما في ذلك تشديد القيود المفروضة على بعض المهاجرين الذين يجلبون عائلاتهم، في محاولة لخفض الأعداد.

 
دول جاذبة للمهاجرين

بالبعد عن الأسباب الرئيسية المعروفة، حول ارتفاع الأجور، وتحسين مستويات المعيشة، والرعاية الصحية، وجودة الحياة في الدول الأوروبية، إلا أن أسبابًا أخرى كاستقرار أوروبا وعدم معاناتها مع الكوارث الطبيعية المرتبطة بتغير المناخ، أو جرها لحروب أهلية أو خارجية يجعلها جاذبة للمهاجرين الذين يبحثون عن حياة أفضل.

يتضح من تصريحات كبار المسؤولين، إدراكهم الجيد لمدى أهمية المهاجرين، وهو ما تجلى في خطاب بابا الفاتيكان من مدينة مارسيليا الفرنسية، بخصوص دعم اللاجئين وتأكيد مبدأ التعايش، نافيًا ما يُحكى عن قيام المهاجرين بغزو أوروبا، وداعيًا الدول لتحمل المسؤولية.

وبدوره حذّر مسؤول السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل من أن قضايا الهجرة يمكن أن تكون سبب تفكيك الاتحاد الأوروبي، قائلًا "إن أوروبا تحتاج إلى المهاجرين بسبب تراجع النمو الديمغرافي في القارة العجوز".

“إذا أردنا البقاء على قيد الحياة من وجهة نظر عملية، فنحن بحاجة إلى المهاجرين”.. هكذا عبر “بوريل” عن حاجة الدول للهجرة، فيما قالت برلين إنها تدرس إنشاء نقاط تفتيش حدودية لاحتواء الهجرة غير النظامية.

search