الجمعة، 18 أبريل 2025

02:22 م

تقرير العفو الدولية: مجازر طائفية تهدد مسار العدالة في الساحل السوري

مجازر طائفية تهدد مسار العدالة في الساحل السوري

مجازر طائفية تهدد مسار العدالة في الساحل السوري

A .A

سلطت منظمة العفو الدولية الضوء على سلسلة من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي وقعت في محافظات بنياس  اللاذقية وطرطوس في الساحل السوري  خلال مارس 2025.

ويأتي هذا التقرير في سياق تصاعد العنف الطائفي عقب هجمات شنها مسلحون على نقاط ومواقع للفصائل الموالية للحكومة الحالية، تلتها عمليات انتقامية نفذتها ميليشيات تابعة للسلطات الجديدة، مما أسفر عن مقتل مئات  المدنيين العلويين بشكل متعمد.

يعتمد التقرير على شهادات مباشرة وتحليل تقني دقيق، ويضع الحكومة السورية المؤقتة أمام اختبار حقيقي لقدرتها على الوفاء بتعهداتها بمحاسبة المسؤولين واستعادة السلم الأهلي.

سياق الأحداث وتفاصيل الانتهاكات

بدأت الأزمة في 6 مارس2025، عندما شنت مسلحون يُعتقد أنهم من أتباع  النظام السابق هجمات منسقة على مواقع أمنية وعسكرية في الساحل السوري، وهي منطقة تاريخياً تُعتبر معقل الطائفة العلوية التي شكلت قاعدة دعم نظام الأسد. 
ردت السلطات الحالية، بدعم من ميليشيات موالية، بهجوم مضاد أدى إلى استعادة السيطرة بحلول 8 مارس، لكن ما تلا ذلك كان تصعيدا خطيرا تمثل في عمليات قتل جماعي استهدفت مدنيين علويين في بانياس.

 يورد تقرير منظمة العفو وفق مقابلات مع 16 شاهدا، وثقوا مقتل 32 مدنيا في بانياس وحدها، من بينهم نساء وأطفال، بين 8 و9 مارس، معظمهم في حي القصور، كما وثقت المنظمة مقتل 16 آخرين في اللاذقية وريف طرطوس، مع تأكيد شهود على طابع القتل الطائفي المتعمد.

التقرير يعتمد على أدلة مادية قوية، بما في ذلك تحليل تسعة مقاطع فيديو وصور، وصور أقمار صناعية أظهرت مواقع دفن جماعي تم إعدادها على عجل. 

شهادات السكان، مثل "سميرة" التي فقدت زوجها برصاصة في الرأس أمام عينيها، و"أحمد" الذي وصف كيف قُتل والده بعد استجوابه عن انتمائه الطائفي، تكشف عن نمط من العنف المنظم الذي يحمل دوافع انتقامية واضحة.

هذه الروايات تتسق مع تقارير أخرى، مثل تلك الصادرة عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان التي وثقت مقتل 420 مدنيا ، ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان الذي أشار إلى "عمليات إعدام موجزة" ذات طابع طائفي.
 

دوافع العنف وتداعياته

الانتهاكات الموثقة تكشف عن تعقيدات المشهد السوري بعد سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024، فمع إعلان الحكومة المؤقتة دمج الفصائل المسلحة في القوات المسلحة الرسمية، يبدو أن هذا الدمج لم يكتمل، مما سمح لميليشيات غير منضبطة بالعمل خارج إطار القانون.

من الناحية السياسية، تُظهر هذه الأحداث هشاشة السلطة المركزية في ظل حكومة انتقالية تواجه تحديات ضخمة، منها إعادة بناء الثقة بين الطوائف وفرض سيادة القانون، بالإضافة تاريخ طويل للفصائل المسيطرة على السلطة حاليا مع الإرهاب وتنظيمات مثل القاعدة حيث كان الرئيس الحالي المؤقت للبلاد أحمد الشرع زعيما لفرع القاعدة في سوريا تحت اسم ابو محمد الجولاني.

تعهد الرئيس أحمد الشرع بمحاسبة الجناة وتشكيل لجنة تقصي حقائق يُعد خطوة رمزية، لكن نجاحها يعتمد على مدى استقلاليتها وقدرتها على مواجهة ضغوط الميليشيات والقوى السياسية المتنفذة. 

كما أن غياب تدخل فوري من السلطات لوقف العنف أو توفير ممرات آمنة للمدنيين، كما أشار التقرير، يثير تساؤلات حول سيطرة الحكومة وقدرتها على حماية المواطنين.
 

منهجية التقرير ومصداقيته

منهجية منظمة العفو الدولية في هذا التقرير تتميز بالدقة والشمولية، اعتمادها على شهادات مباشرة مدعومة بتحليل تقني من مختبر أدلة الأزمات، يعزز مصداقية النتائج، إضافة إلى التحقق من مقاطع الفيديو والصور، إلى جانب صور الأقمار الصناعية، يوفر دليلاً ماديا يصعب التشكيك فيه.

ومع ذلك، فإن العينة المحدودة نسبيًا (16 مقابلة) قد لا تعكس الحجم الكامل للانتهاكات، خاصة مع تقديرات الأمم المتحدة والشبكة السورية التي تشير إلى أعداد أكبر بكثير من الضحايا. هذا التباين يبرز تحدي توثيق الانتهاكات في سياق فوضوي يفتقر إلى الشفافية.

الآثار المستقبلية والتوصيات

تقرير العفو الدولية يضع الحكومة السورية المؤقتة أمام مسؤولية تاريخية لكسر دائرة العنف الطائفي وإثبات التزامها بالعدالة الانتقالية، ونجاح لجنة تقصي الحقائق سيكون مؤشرا حاسما على قدرتها على فرض سلطتها وتحقيق المصالحة الوطنية. لكن التحدي الأكبر يكمن في تفكيك الميليشيات وضمان خضوعها للمساءلة، وهو ما يتطلب ضغوط من الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان.

تابعونا على

مواقيت الصلاة حسب التوقيت المحلي لمدينة القاهرة
  • 12:00 AM
    الفجْر
  • 12:00 AM
    الشروق
  • 12:00 AM
    الظُّهْر
  • 12:00 AM
    العَصر
  • 12:00 AM
    المَغرب
  • 12:00 AM
    العِشاء
الظهر
search