الأحد، 20 أبريل 2025

04:36 ص

الاتجاه الشرقي والسلام الذي نريده!

نظرة واحدة على خريطة مصر ستعرف فورا ما هي نظرية الأمن التي تتبعها مصر للحفاظ على حدودها. فالصحراء الغربية الشاسعة مترامية الأطراف تفرض على الأرض أمنا بقوة التضاريس وتباينها، ربما تغير ذلك قليلا خلال السنوات الماضية وذلك نتيجة للاضطرابات الشعبية التي حدثت في البلاد المجاورة غربا. 
أما الحدود الشمالية يقف هناك البحر المتوسط، إلا أن هناك قوة برية عظمى لدى مصر كفيلة بصد أي عدوان من جهة البحر، وهناك بحرية مصرية قوية يجب أن توضع في حسبان أي معتدٍ، وخصوصا بعد انتباه القيادة السياسية في مصر لتلك القوة وإعادة تسليحها بأسلحة نوعية ومن مصادر تسليح مختلفة، كفرنسا على سبيل المثال.
أما الاتجاه الجنوبي يعتبر - شئنا أم أبينا ورغم تلك القلاقل التي يعانيها الأخوة السودانيين جراء فساد متراكم عبر أجيال مختلفة- عمقنا الإستراتيجي، حيث الخير وحيث منابع نهر النيل 
وقوة الروابط الأفريقية. 
أما الجانب الشرقي فهو يعتبر لعنة مصر الأولى. وبالعودة للتاريخ تجد معظم الغزوات جاءت من الشرق، كصليبين ومغول وتتر وهكسوس، إلا حملة وحيدة قريبا أتت من النيل بالقرب من المنصورة، ولم تستطع أيضا التوغل. 
ولم يتزايد الخطر الشرقي إلا حين انسحبت مصر من الشام، وهي بوابة الأمن الرئيسية للمصريين جميعا. كان الاحتلال الإنجليزي يدرك تماما خطورة الجانب الشرقي، ومن ثم تحالف الجميع على أن يجعلوه دائما رمز التهديد الأول لمصر. بل تم زراعة إسرائيل نفسها لهذا الغرض، وهو ألا تتم الوحدة أبدا، ولكي يكون للدول الاستعمارية ذات الأطماع المختلفة يد طويلة تؤدب بها العرب وتجعلهم دائما مهددين. 
كان المقصد الأول والأخير مصر لأنها هي بالأصل من تستطيع الدفاع عن مصالحها ومصالح الأشقاء أجمعين، وهنا لا ننكر دور العرب أبدا ولن يسمح لنا التاريخ بالتقليل منه. 
وأذكر مثلا في خلال الحرب الطاحنة التي خاضتها مصر، كيف تصرف ملك السعودية بالسلاح الذي يملكه، وهو سلاح النفط حتى جعل أوروبا كلها تحمل مسؤولية الوقود لأمريكا وابنتها إسرائيل، 
وكيف فعل الرئيس الجزائري هواري بومدين مع السادات، أو حتى كيف قام الأشقاء بالكويت بترميم وإصلاح وإزالة النابلم بالقناة على نفقتهم الخاصة، وهذا تاريخ ووقائع موثقة يمكن الحصول عليها في أي وقت. 
من هنا ندرك تماما ما يفعله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وندرك رفضه التام والقاطع لأي محاولة تهجير. فالرجل يدرك تماما أن مسرح المعركة لا بد وأن يكون معدا للأبطال قبل أن تبدأ الحرب التي لو أتت سنخوضها مجبرين دفاعا عن أرضنا. 
إن الشعوب جميعها لا يمكن أن تجامل بعضها بالدماء، ربما بالعواطف والمشاعر والأحاسيس والنقود والسلع والخبز. أما الدماء فهي لأصحاب الأرض دفاعا عن الأرض. 
إن القضية الفلسطينية هي شغلنا الشاغل لدرجة أنها تشغلنا جميعا أكثر من الفلسطينيين أنفسهم.

ببساطة لأن الفلسطينيين أخوة لنا يتحدثون لغتنا وعلى أرضهم قدسنا، فلا تفريط فيهم ولن ترضى مصر تهجيرهم أبدا ليعيشوا أذلة في ملاجئ في صحراء سيناء، بل ليعيشوا أسيادا على أرضهم، شاء من شاء وأبى من أبى.
وأخيرا أقول إن نوع الأمن الذي تفرضه يتوقف على عدة عوامل أهمها السلاح الذي تملكه  
وإن غدا لناظره قريب.. 

search