الإثنين، 21 أبريل 2025

03:44 م

البابا فرانسيس وكرة القدم.. حارس مرمى وعاشق مجنون لفريق مغمور

البابا فرانسيس الثاني

البابا فرانسيس الثاني

محمود موسى

A .A

لطالما كان للباباوات علاقة وثيقة بعالم كرة القدم، من دوري مدينة الفاتيكان الشهير وكأس "كليريكوس"، إلى ماضي البابا يوحنا بولس الثاني الكروي في بولندا، وتشجيع البابا بنديكتوس السادس عشر لنادي بايرن ميونيخ، ولطالما كانت الرياضة جزءًا لا يتجزأ من الإرث البابوي.

ومع انتخاب الأرجنتيني خورخي بيرجوليو “فرانسيس” بابا جديدًا للكنيسة الكاثوليكية في عام 2013، عادت كرة القدم لتتبوأ موقعها في قلب الفاتيكان.

وتوفى صباح اليوم الإثنين، البابا فرانسيس الثاني، عن عمر ناهز الـ88 عامًا، وذلك بعد فترة من المرض التي صارعها منذ ثلاثة أشهر ماضية.

وتستعرض “تليجراف مصر” قصة البابا فرانسيس وحبه لكرة القدم كالتالي:

نشأ البابا فرانسيس في بوينس آيرس، إذ اعتاد أن يحرس المرمى في ساحة “هيرمينيا برومانا”، وأيضًا مسقط رأس أساطير مثل مارادونا.

وكان “البابا” طفلًا لعائلة مهاجرة إيطالية في الأرجنتين، وعُرف بحبه لكرة القدم والتانجو والأوبرا، وكيف انضم بعد دراسة الكيمياء إلى الرهبنة اليسوعية وأصبح كاهنًا.

مشجع قديم

ويعد البابا فرانسيس مشجعًا قديمًا لفريق سان لورينزو الأرجنتيني، وليس مجرد متابع عادي، كما تؤكد إحدى الصور المنشورة عبر حساب النادي الرسمي على “تويتر”.

ويقول أوسكار لوتشيني، المهندس المعماري والمشجع الذي أهدى “البابا” بطاقة عضوية النادي منذ سنوات، في تصريح لوكالة “رويترز”: "البابا دائمًا يعيش حالة معاناة دائمة بسبب سان لورينزو".

نظريًا، كان بإمكان رئيس أساقفة كنيسة بوينس آيرس السابق، اختيار فرق أكثر نجاحًا مثل بوكا جونيورز أو ريفر بليت، لكن البابا اختار فريقًا متواضعًا.

واختار البابا الوقوف مع فريق متوسط النتائج، أنهى بطولة الدوري الأرجنتيني في المركز 24 من أصل 28، ولم يحقق اللقب منذ عام 2007.

رغم أن فريق "لوس سانتوس" أو القديسين حقق 14 لقبًا في دوري الدرجة الأولى منذ تأسيسه عام 1908، إلا أنه لا يزال خامسًا في ترتيب أكثر الفرق تتويجًا، خلف ريفر، بوكا، إنديبندينتي، وراسينج، وفي الأعوام الأخيرة، اقترب الفريق من الهبوط أكثر من مرة.

سان لورينزو يحقق انتصاره الأول في الدوري الأرجنتيني - بوابة الشروق - نسخة  الموبايل

لماذا اختار البابا سان لورينزو؟

القصة تعود إلى بدايات القرن العشرين، إذ كان الأب لورينزو ماسا، كاهنًا في إحدى كنائس بوينس آيرس، يشعر بالقلق تجاه الأطفال الذين كانوا يلعبون في الشوارع المكتظة، عرض عليهم اللعب في فناء الكنيسة الخلفي بشرط حضورهم للقداس يوم الأحد.

عندما قرر الأولاد تأسيس نادٍ لكرة القدم، اقترحوا تسميته "سان لورينزو"، تكريمًا للكاهن، ورفض ماسا في البداية، لكنه وافق في النهاية، قبل أن يشجع البابا فرانسيس الفريق في وقت لاحق.

وفي عام 2019، قرر النادي بناء ملعب جديد، وقيل للبابا إن الملعب المنتظر سيُطلق عليه اسم "بابا فرانسيسكو"، لكنه علّق: "لا تعجبني الفكرة كثيرًا".

“الأمل”

وفي سيرته الذاتية الأخيرة بعنوان "الأمل"، التي تمتلئ بالإشارات الأدبية والسينمائية، خصص فصلًا كاملًا عن كرة القدم. 

وتعد الرياضة حاضرة بقوة في حياة البابا، الذي لا يزال مشجعًا لسان لورينزو، ومع أنه لم يشاهد التلفاز منذ 15 يونيو 1990، حين صُدم بمشهد عنيف جعله يقطع وعدًا بعدم المشاهدة مجددًا إلا أن أحد حراس كنيسة الفاتيكان يطلعه أسبوعيًا على نتائج الفريق.

ويقول المؤرخ الهولندي يوهان هويزينجاج “لم يشاهد البابا ميسي يومًا، ولم يرَ فوز الأرجنتين على فرنسا في نهائي مونديال قطر 2022”.

 لكن ذلك لا يؤثر في علاقته باللعبة، إذ يروي أنه شاهد هدفًا لا يُنسى أحرزه رينيه بونتوني عام 1946 ضد راسينج دي أفيلانيدا، وصفه بتفصيل ساحر، مؤكدًا أن بونتوني كان بالنسبة له رمزًا لكرة القدم، وروح الفريق، وحبًا لرياضة لم تكن مجرد ربح في البنك، لذا فضّل ناديه على إغراءات أوروبا الباهظة، والبقاء قريبًا من عائلته وأصدقائه وأعز الناس عليه".

عظة في سيلتك

تحدث البابا عن جوهر الرياضة خلال لقائه مع لاعبي نادي سلتيك الأسكتلندي قبل مواجهة روما في دوري أبطال أوروبا، قائلًا: "أجمل ما في كرة القدم هو العطاء بلا مقابل، وروح اللعب الجماعي".

وخاطب الفريق بالإيطالية، حاثًا إياهم على عدم التخلي عن حب اللعبة لذاتها، وأكد أن الفوز ليس الهدف الأسمى، بل "اللعب معًا، حتى النهاية، كفريق واحد"، وهو ما اعتبره أجمل ما في الرياضة.

وفي كلمته المكتوبة، شدد البابا على أن تقديم القدوة داخل وخارج الملعب أهم من تحقيق الألقاب، قائلًا إن اللاعب القدوة يجسد فضائل الشجاعة والمثابرة والكرم واحترام الكرامة التي وهبها الله للآخرين.

وأشاد فرانسيس بتاريخ سلتيك الذي تأسس لمكافحة الفقر في جلاسكو، واعتبره “عملًا خيريًا حقيقيًا”، لكنه أعرب عن أسفه لانجراف كرة القدم نحو الربح المادي الخالص، محذرًا من أن "اللعبة الجميلة" باتت مهددة.

Pope Francis receives a jersey signed by members of the Celtic Football Club

ووجّه حديثه للاعبين قائلًا: "إن الإرث القيم لناديكم يُلقي على عاتقكم مسؤولية جسيمة"، داعيًا إياهم ليكونوا قدوة للشباب، ويُظهروا القدوة الحسنة داخل وخارج المستطيل الأخضر".

واختتم البابا كلمته بالدعاء: "ليت اللاعبين يواصلون تمثيل كل ما هو خير ونبيل في الرياضة".

سخرية بسبب يونايتد

ووصفت خبيرة بريطانية لقاءها الأول مع البابا فرانسيس بأنه تجربة لا تُنسى، وقالت البروفيسورة آنا رولاندز، أستاذة الفكر والممارسة الاجتماعية الكاثوليكية في جامعة دورهام، والتي أمضت عامين ضمن بعثة بحثية إلى الفاتيكان، إن البابا فاجأها برد فعل طريف عندما أخبرته بأنها من مشجعي مانشستر يونايتد.

وأضافت في تصريح لوكالة الأنباء البريطانية: “كان أول حديث مطوّل بيننا، وسألني على الفور عن فريق كرة القدم الذي أشجعه. أجبت بأنني من مانشستر، ومن مشجعي مانشستر يونايتد، فانفجر ضاحكًا”.

قميص ميسي

استلم البابا فرانسيس العشرات من قمصان كرة القدم وكرات اللعب، كما حصل على لعبة طاولة كرة القدم. 

Pope Francis plays with Natale Tonini, president of Sport Toscana Calcio Balilla association, at the end of the weekly general audience, Wednesday, Aug.18. 2021. Francis played a round on the table that was presented to him  by representatives of a the association, that created a special Foosball table designed to be inclusive, for people with physical disabilities, to encourage their participation in sport. (Vatican Media via AP)

وفي إحدى الجولات بساحة الفاتيكان، حصل البابا على قميص ميسي من أحد المتواجدين، وأعرب عن سعادته الكبيرة. 

وفي لقاء صحفي على برنامج "سالفادوس" الإسباني، سُئل البابا إن كان وصف ميسي بالإله يُعد تدنيسًا بسبب روعته كلاعب كرة القدم فأجاب: "ميسي بارع للغاية، لكنه ليس إلهًا، فالإله واحد فقط".

search