الجمعة، 22 نوفمبر 2024

01:18 ص

"أموال من الهواء".. شهادات الكربون تمويل مبتكر لأزمة المناخ

الانبعاثات الكربونية

الانبعاثات الكربونية

ولاء عدلان

A A

"إسهامك في الحدّ من تلوث الهواء قد يصنع لك ثروة في المستقبل القريب".. هذا ما يستهدفه بيع وشراء شهادات الكربون، فمن ناحية يتحمل الجميع مسؤولياته تجاه كوكب الأرض بالإسهام في الحد من التلوث، ومن ناحية أخرى توفير التمويل اللازم لأزمة المناخ المتصاعدة.

في مصر يمكنك الآن جني أموال من تداول تلك الشهادات، من خلال ما يسمى بـ"السوق الأفريقية الطوعية لتداول شهادات الكربون"، التي دشنتها البورصة المصرية في 30 نوفمبر الماضي، بغرض تعزيز التزام الشركات المصرية والأفريقية عمومًا، بأهداف الحياد المناخي والوصول إلى صفر انبعاثات كربونية. 

انبعاثات كربونية 

المتداولون في السوق

نتيجة لأنشطة الإنسان المختلفة على كوكب الأرض، تنبعث غازات الاحتباس الحراري وأشهرها غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، ما تسبب فيما يعرف بـ"ظاهرة التغير المناخي"، وحدوث ظواهر متعددة كالجفاف والفيضانات وحرائق الغابات.  

البائع في أسواق الكربون هم الجهات التي تتمكن من خفض الانبعاثات أو إزالتها من الغلاف الجوي، لنأخذ مثالا، مصنع للملابس يستخدم الألواح الشمسية لتوليد الكهرباء، كبديل لشبكات الكهرباء التي تعمل بالغاز أو الفحم، هذا المصنع يمكنه في هذه الحالة إصدار شهادات كربون، وبيعها ليجني ثمار إسهامه في خفض الانبعاثات. 

أما المشتري، فهي الشركات التي لا يمكنها الإسهام في خفض الانبعاثات كشركات البترول على سبيل المثال، فهي في الغالب تتسبب في انبعاثات أعلى من غيرها، وبالتالي يمكنها أن تشتري طواعية أو بموجب قانون ملزم، شهادات أو أرصدة الكربون أو ما يعرف بـ"وحدات الائتمان الكربوني".

الفائدة للجميع 

عندما تشتري شركة ما شهادات الكربون، فهي في الواقع تدفع ثمن تلويثها للبيئة لجهة أخرى، تمكنت من الإسهام في الحدّ من الانبعاثات الضارة، وبحصولها على ثمن شهاداتها يمكنها الاستمرار في جهود الحياد المناخي أو إعادة استثمار هذه الأموال في مشروعات مستدامة.

خلال العام الماضي 2022 بلغت قيمة أسواق الكربون حول العالم 909 مليارات دولار، وفقًا لتقديرات مؤسسة "ريفينيتيف" لبيانات أسواق المال الصادرة في سبتمبر 2023. 

البورصة المصرية - أرشيفية 

الحياد الكربوني

إطلاق السوق الأفريقية الطوعية لتداول شهادات خفض الانبعاثات الكربونية، جاء وفق قرار رئيس الوزراء رقم (4664) لسنة 2022، والتزامًا بتعهد البورصة المصرية خلال مؤتمر المناخ "كوب 27" إطلاق أول سوق أفريقية طوعية لإصدار وتداول شهادات الكربون. 

رئيس البورصة المصرية، أحمد الشيخ، قال في بيان بتاريخ 30 من نوفمبر 2023، إن هذه السوق تشكل خطوة مهمة نحو تعزيز التمويل المستدام والحد من مخاطر انبعاثات الغازات الدفيئة في مصر وأفريقيا، والوصول إلى ما يسمى بـ"الحياد الكربوني".

وأضاف أن سوق الكربون تأتي بغرض استحداث أدوات مالية تتناسب مع متطلبات السوق وأهداف التنمية المستدامة وتحقيق “رؤية مصر 2030"، بالإضافة إلى توفير التمويل اللازم للكيانات الاقتصادية والتوسع في المشروعات منخفضة الانبعاثات.

يرى محلل أسواق المال ومدير إحدى شركات الوساطة المالية، محمود عطا، أن إطلاق البورصة المصرية لسوق تداول شهادات الكربون بالتزامن مع استضافة الإمارات لمؤتمر المناخ “كوب 28"، انعكاس لتوجه عالمي نحو التنمية المستدامة والاستثمارات الخضراء وتحميل الشركات مسؤولياتها الاجتماعية، بما فيها المسؤولية في تحقيق أهداف الحياد الكربوني. 

كيف تعمل السوق؟ 

بحسب بيان البورصة، يمكن للشركات من داخل أو خارج مصر الانضمام إلى السوق إلكترونيًا، ودعم تنفيذ الصفقات بين البائع والمشتري تحت إشراف الهيئة العامة للرقابة المالية، على أن تسوّي العمليات المنفذة، شركة للمقاصة مملوكة للبورصة المصرية. 

محطات الطاقة بالرياح - أرشيفة 

بالعودة إلى خبير أسواق المال، الذي يؤكد أن أسواق الكربون شهدت خلال السنوات القليلة المقبلة، نموًا قويًا وسط الاهتمام العالمي المتصاعد بالتنمية المستدامة والاستثمارات الخضراء والطاقة النظيفة.

وأشار إلى أن إدارة البورصة المصرية كانت على تواصل دائم مع شركات الوساطة للتعريف بآليات سوق الكربون، لكنه قال إن التجربة ما زالت قيد التطوير، ولم تتحول بعد إلى واقع ملموس.

وأوضح أن مصر لديها شركات وكيانات كبيرة سواء مدرجة في البورصة أو غير مدرجة، يمكنها التوسع في إصدار وشراء شهادات الكربون والاستفادة من منصة سوق الكربون، ما يدعم نجاح التجربة. 

search