السبت، 05 أكتوبر 2024

05:11 م

1.4 مليون فلسطيني.. أين يذهب المدنيون في رفح؟

رفح الفلسطينية

رفح الفلسطينية

أحمد سعد قاسم

A A

رغم التحذيرات الدولية والعربية لا زالت إسرائيل تلوح باجتياح عسكري لرفح الفلسطينية، آخر نقطة في قطاع غزة، والمحاذية للشريط الحدودي بين مصر والقطاع، وهو ما اعتبره محللون محاولة جديدة لاستفزاز القاهرة التي ترفض رفضًا قاطعًا أي محاولات لتهجير الفلسطينيين من أرضهم إلى سيناء.

وشددت مصر، الأحد، على رفضها الكامل للتصريحات الصادرة عن مسؤولين رفيعي المستوى بالحكومة الإسرائيلية بشأن اعتزام القوات الإسرائيلية شن عملية عسكرية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، بحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية.

عواقب وخيمة

وحذرت مصر، في بيان، من "العواقب الوخيمة" لمثل هذا الإجراء، مشيرة إلى "ما يكتنف ذلك من مخاطر تفاقم الكارثة الإنسانية في قطاع غزة".

وطالبت مصر بضرورة تكاتف جميع الجهود الدولية والإقليمية للحيلولة دون استهداف مدينة رفح الفلسطينية، التي باتت تأوي ما يقرب من 1.4 مليون فلسطيني نزحوا إليها لكونها آخر المناطق الآمنة بالقطاع.

عرقلة نفاذ المساعدات

واعتبرت أن استهداف رفح، واستمرار انتهاج إسرائيل لسياسة عرقلة نفاذ المساعدات الإنسانية، بمثابة إسهام فعلى في تنفيذ سياسة تهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته، في انتهاك واضح لأحكام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصلة.

وأكدت مصر أنها "ستواصل اتصالاتها وتحركاتها مع مختلف الأطراف، من أجل التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار، وإنفاذ التهدئة وتبادل الأسرى والمحتجزين، داعيةً القوى الدولية المؤثرة إلى تكثيف الضغوط على إسرائيل للتجاوب مع تلك الجهود، وتجنب اتخاذ إجراءات تزيد من تعقيد الموقف، وتتسبب في الإضرار بمصالح الجميع دون استثناء".

المحلل السياسي مهدي عفيفي عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي

وانتقد عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي مهدي عفيفي، العدوان الإسرائيلي على رفح، ووصفه بأنه “محاولة لاكتساح المدينة وتهجير سكانها وتغيير واقعها الجغرافي والسياسي”.

وقال عفيفي لـ"تيلجراف مصر"، “إسرائيل وبرغم اعتراض الولايات المتحدة ورفض مصر تسعى إلى تنفيذ مخطط قديم لنقل الفلسطينيين من غزة إلى سيناء، وأن بعض أطراف الحكومة الإسرائيلية لا زالت تتحدث عن هذا المخطط علنًا و سرًا”.

عقيدة دينية

وأشار إلى أن إسرائيل لم تغير أهدافها رغم تغير طريقة خطابها بسبب الضغط الأمريكي، مؤكدًا أن هذا المخطط يعتمد على “عقيدة دينية” لا تتغير بأي شكل من الأشكال.

وأضاف أن الإدارة الأمريكية تغيرت في طريقة خطابها نظراً للضغط من العرب والمسلمين والشباب داخل الولايات المتحدة، ولكنها لا زالت تدعم إسرائيل، ولا تتأخر في تقديم أي نوع من أنواع الدعم المادي أو العسكري.

ونوه عفيفي إلى أن هناك تناقضًا بين موقف الولايات المتحدة الرسمي والشعبي من العدوان على رفح، مشيرًا إلى أن هناك حراكًا إعلاميًا ومدنيًا يرفض ما يحدث في رفح، لكن الواقع أن هناك دعمًا كبيرًا هو تغيير في الخطاب نظرًا للضغط الشعبي.

الضغط على حماس

واستنكر المحلل السياسي الأمريكي تدمير إسرائيل كل المستشفيات تقريبًا ومراكز الأونروا في غزة، واتهامها للأونروا بأنها تضم بعض الداعمين لحماس بدون أي دلائل، ودعم الولايات المتحدة وكثير من الدول الأوروبية لهذا الكلام، وقطع المعونات عن غزة.

وحذر عفيفي من أن إسرائيل تحاول استخدام ورقة رفح للضغط على المقاومة الفلسطينية في مسألة تسليم الأسرى، مشيرًا أن هناك حربًا نفسية على المقاومة وضغطًا على أهل غزة، لمحاولة إرغام حماس على تسليم الأسرى أو أن يكون هناك شروط أقل حدة في التفاوض.

ماجد عزام الباحث في الشؤون الاستراتيجية والعلاقات الدولية

واعتبر الباحث في الشؤون الاستراتيجية والعلاقات الدولية، ماجد عزام، التهديدات باجتياح رفح “جدية” من جانب إسرائيل، مؤكدًا أنها تشكل تصعيدًا خطيرًا في الحرب على غزة، وتهدف إلى فرض “سيطرة ملكية” على القطاع بالكامل.

وأضاف عزام لـ"تيلجراف مصر"، أن الغارات التي شنتها إسرائيل على رفح في الأيام الأخيرة، والتي أسفرت عن استشهاد وجرح العشرات من المدنيين، بينهم قادة ومسؤولين من حماس، هي رسالة للضغط على الفصائل الفلسطينية لتقديم تنازلات في مفاوضات الهدنة الإنسانية.

وأشار إلى أن هذه الغارات تحمل أيضًا رسائل إلى الحكومة المصرية، التي تلعب دور الوسيط بين الجانبين، للتجاوب أكثر مع المطالب الإسرائيلية بشأن الترتيبات الأمنية على الحدود، والتفاوض على ما يسمى باليوم التالي للحرب مع إصرار مصر بعدم التجاوب مع كل ما يتعلق بخطط اليوم التالي إلا بعد انتهاء الحرب وتقديم تعهد بأن السلطة الفلسطينية هي التي ستكون مسؤولة عن غزة.

وقال عزام إن إسرائيل تحتل غزة بالفعل منذ سنوات، حيث تسيطر على الحدود البرية والجوية والبحرية، وتفرض حصارًا شديدًا على سكانها، وتمنع إدخال المساعدات والمواد الأساسية.

وحذر الباحث السياسي من معاناة النازحين واللاجئين في غزة، الذين يبلغ عددهم حوالي مليون ونصف المليون، والذين فروا من مناطقهم بسبب القصف الإسرائيلي، واستقروا في رفح، التي تعد أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم.

وتابع أن إسرائيل تدعي أنها تقيم ممرات آمنة لإعادة النازحين إلى مناطقهم، لكنها في الحقيقة تريد تفريغ غزة من سكانها، مشيرًا إلى أن تنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق قد تؤدي إلى مجزرة جديدة.

وطالب عزام، المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، ورفع الحصار عنها، وإعادة الإعمار، ودعم الشعب الفلسطيني في نضاله من أجل حقوقه المشروعة.

الباحث في العلاقات الدولية محمد علوش

دفع الفلسطينيين إلى سيناء

وحذر الباحث في العلاقات الدولية محمد علوش من خطورة شن عملية عسكرية في رفح، مؤكدًا أنها تمثل تهديدًا خطيرًا للسلام والأمن في المنطقة.

وأوضح علوش لـ"تليجراف مصر"، أن "عملية عسكرية في رفح يعني تداعيات كبيرة على مستويات عدة، ستؤثر على فرص الهدنة في القطاع المحاصر، ووضع المدنيين في غزة، والعلاقات بين مصر وإسرائيل".

وأشار إلى أن رفح الفلسطينية باتت عمليًا هي الملجأ الوحيد لسكان غزة، وشن هجوم على هذه المنطقة سيؤدي إلى “مذبحة حقيقية” للمدنيين.  

وقال علوش، "إسرائيل تخطط لدفع الفلسطينيين إلى العبور نحو سيناء، وهذه الخطوات لن تمر، ومخاطرة كبيرة بالعلاقات مع مصر".

search