الجمعة، 22 نوفمبر 2024

08:08 ص

تداهم مكاتبها.. تل أبيب تقمع منظمات حقوقية إسرائيلية ترفض الاحتلال

صورة تعبيرية

صورة تعبيرية

أحمد سعد قاسم

A A

في ظل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ عقود، تسعى عدة منظمات لحقوق الإنسان في تل أبيب إلى تسليط الضوء على الانتهاكات التي ترتكبها السلطات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، وتدعو إلى إنهاء الاحتلال وتحقيق السلام والعدالة. 

من بين هذه المنظمات “بتسيلم”، و"كسر الصمت"، و"غوش شالوم"، و"عدالة"، وغيرها، ممَنْ يعملون على توثيق ونشر الحقائق والشهادات والتقارير والتحليلات حول الوضع الإنساني والقانوني والسياسي في الأراضي المحتلة.

صورة تعبيرية

تحديات ومعارضة

وتواجه هذه المنظمات تحديات عديدة في القيام بعملها داخل إسرائيل، وغالبًا ما تجد معارضة من شرائح المجتمع الإسرائيلي، ويعتبرون أنشطتها تقويضًا للأمن القومي أو تحديًا للرواية السائدة، ويصل الأمر في بعض الأحيان إلى حملات تشهير وتهديدات، ومحاولات لنزع الشرعية عن عملها. ومع ذلك، فإنها تظل ملتزمة بدعم حقوق الإنسان وتعزيز العدالة.

وتمثل هذه المنظمات هدفًا دائمًا لقوات الاحتلال، في محاولة لإسكات أصواتها وعرقلة عملها، حيث اعتادت قوات الاحتلال مداهمة مكاتبها ومراقبتها، وفرض قيود على مموليها، لإعاقة قدرتها على فضح انتهاكات حقوق الإنسان والدعوة إلى العدالة.

ففي أبريل 2017، زار وزير الخارجية الألماني، زيجمار جابرييل إسرائيل، وخلال الزيارة، طالبه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بإلغاء اجتماعه مع ممثلين عن جمعيتي “كسر الصمت” و"بتسيلم"، لكن الوزير الألماني رفض هذا الطلب، بالتالي لم ينعقد الاجتماع بينه وبين نتنياهو خلال الزيارة.

مواقف ومبادرات

رغم هذه التحديات، اتخذت منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية مواقف جريئة ضد الانتهاكات في الأراضي المحتلة، ودانت توسيع المستوطنات، وهدم منازل الفلسطينيين، والقيود المفروضة على حرية الحركة، والاستخدام المفرط للقوة من قبل قوات الأمن الإسرائيلية، ويطالبون بإنهاء الاحتلال، واحترام القانون الدولي، وتعزيز المساواة والعدالة للجميع.

كما تلعب هذه المنظمات دورًا حيويًا في تعزيز الحوار وتحدي الوضع الراهن، والدفاع عن حقوق الإنسان داخل المجتمع الإسرائيلي. وهي تثبت أن هناك أفرادًا وجماعات في إسرائيل يكرسون جهودهم لتعزيز العدالة والمساءلة والحل السلمي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

منظمة “بتسليم”

مسمار في عقل الاحتلال

“بتسيلم”، منظمة تأسست عام 1989، وهي إحدى أبرز منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية التي توثق وتكشف انتهاكات الجيش الإسرائيلي والمستوطنين، كما تدعو إلى إنهاء الاحتلال وضمان الحقوق المتساوية لجميع الأشخاص الذين يعيشون تحت السيطرة الإسرائيلية.

واجهت “بتسيلم” اتهامات بالخيانة والتجسس والتحريض من مسؤولين إسرائيليين وجماعات يمينية، إذ حاولوا نزع الشرعية عنها ووقف تمويلها لإيقاف فضحهم. 

ففي عام 2016، أصدرت إسرائيل قانونًا يلزم المنظمات غير الحكومية، التي تتلقى أكثر من نصف تمويلها من حكومات أجنبية، بالكشف عن هذه المعلومات في منشوراتها واتصالاتها، وهو إجراء يستهدف في الأساس منظمة “بتسيلم” وغيرها من جماعات حقوق الإنسان.

وفي عام 2021، نشرت المنظمة تقريرًا اتهمت فيه إسرائيل بارتكاب جرائم الفصل العنصري والاضطهاد ضد الفلسطينيين، وهو الادعاء الذي ندّدت به الحكومة الإسرائيلية ووصفته بأنه “كاذب وبغيض”.

منظمة "كسر الصمت"

شهادات من جنود الاحتلال

في المقابل، أسس جنود إسرائيليون سابقون منظمة بعنوان "كسر الصمت" في عام 2004، لجمع ونشر شهادات عن تجاربهم في الأراضي المحتلة، ما يكشف عن واقع ومعضلات الخدمة العسكرية، وتأثير الاحتلال في كل من الفلسطينيين والإسرائيليين، كما أنهم ينظمون جولات ومحاضرات لرفع مستوى الوعي وإثارة النقاش العام حول الآثار الأخلاقية والسياسية للاحتلال.

بدأت المنظمة نشاطها العام في يونيو 2004، عندما نظم يهودا شاؤول، وهو جندي خدم في الخليل كجزء من الكتيبة الخمسين في لواء ناحال، معرضًا للصور والأشكال بعنوان “محاربون يتحدثون عن الخليل” في كلية تل أبيب. ووّثق المعرض تجربة شاؤول وزملائه خلال فترة خدمتهم في الخليل. وبناءً على ذلك، أمر المدعي العسكري بفتح تحقيق في الشهادات المقدمة في المعرض. وفي الوقت نفسه، صادرت الشرطة العسكرية بعض صور المعرض، واستدعت أربعة من منظميه للتحقيق.

وتعرضت “كسر الصمت” للمضايقات والترهيب والإجراءات القانونية من السلطات الإسرائيلية والجماعات المؤيدة للمستوطنين، التي اتهمتها بتلفيق الأدلة، والافتراء على الجيش، ومساعدة العدو.

خلال عام 2015، أمرت نائبة وزير الخارجية الإسرائيلية، تسيبي هوتوفلي، السفارات الإسرائيلية في سويسرا وألمانيا بالعمل على منع معرض "كسر الصمت" الذي يتناول عملية تسوك إيتان، ويضم أدلة وشهادات من مقاتلين. ونتيجة للضغوطات، فقد تم بالفعل إلغاء المعرض في ألمانيا، لكنه أقيم في سويسرا.

وفي ديسمبر من نفس العام، قرّر وزير الدفاع موشيه يعلون، حظر أي نشاط مشترك بين جيش الدفاع الإسرائيلي و"كسر الصمت"، مثل إقامة محاضرات وورش عمل يقدمها أعضاء المنظمة للجنود أو المشاركة في مناقشات مشتركة. وبعد بضعة أيام، أعلن وزير التعليم “نفتالي بينيت” قرارًا بحظر أنشطة المنظمة في نظام التعليم، خاصة محاضرات ممثليها في المدارس الثانوية.

وفي 16 يوليو 2018، وافق الكنيست على قانون يمنح وزير التربية والتعليم صلاحية حظر دخول منظمات تعارض الخدمة في الجيش الإسرائيلي، أو تعارض الجنود إلى المدارس، وكان الهدف من هذا القانون محاولة منع نشاط "كسر الصمت".

رفض الاستيطان

“غوش شالوم”، التي تعني "كتلة السلام"، حركة سلام شعبية تأسست عام 1993 على يد أوري أفنيري، الصحفي وعضو الكنيست السابق. وتدعو إلى حل الدولتين على أساس حدود عام 1967، وأن تكون القدس عاصمة لهما، كما تدعو إلى الاعتراف بحق العودة للفلسطينيين، وتُعارض المستوطنات الإسرائيلية والجدار الفاصل والحصار المفروض على غزة.

وتؤيد المنظمة مقاطعة منتجات المستوطنات ورفض الجنود الخدمة في الأراضي المحتلة. كما أنها شاركت في العديد من الاحتجاجات والعرائض والحملات لتحدي السياسات والإجراءات الإسرائيلية التي تنتهك القانون الدولي وحقوق الإنسان.

وواجهت "غوش شالوم" تهديدات قانونية ورقابة وعنف من السلطات الإسرائيلية والجماعات المتطرفة، كما تواجه وصفها بأنها متطرفة ومعادية للصهيونية وخائنة.

وفي عام 2008، تم اختراق موقع "غوش شالوم" على الإنترنت وإغلاقه من مهاجمين مجهولين. وفي 2014، تعرض مؤسس المنظمة، أوري أفنيري، لهجوم وأصيب على يد ناشط يميني خلال تظاهرة في تل أبيب.

search