السبت، 06 يوليو 2024

07:17 م

بعد انتهاء الجولة.. صراع على إدارة "أطلال" غزة

نازحون من غزة

نازحون من غزة

السيد حسين

A A
سفاح التجمع

مع دخول الحرب على غزة شهرها الثالث، واستمرار جيش الاحتلال الإسرائيلي في حملته لإنهاء سيطرة حماس على القطاع، رغم التحذيرات الدولية، وضغوط أمريكا لتحديد موعد زمني لانتهاء القتال، وتحقيق توازن بين الأهداف العسكرية والسياسية، تبرز سيناريوهات مستقبلية مثيرة للجدل يجري تداولها بشأن إدارة قطاع غزة في “اليوم التالي” لانتهاء الحرب.

أحد السيناريوهات المطروحة هو استعادة السلطة الفلسطينية للسيطرة على القطاع، بينما يتحدث آخرون عن تمويل دول الخليج لجهود إعادة بناء غزة بإشراف دولي.

 في حين يثير سيناريو التهجير الفلسطينيين إلى دول أخرى تساؤلات حول مستقبل السكان وردود الفعل الإقليمية والدولية. 

غارة إسرائيلية على شمال غزة

قيادة فلسطينية بديلة

تتناول وسائل الإعلام حاليًا استعداد الولايات المتحدة للبحث عن قيادة فلسطينية بديلة، ويثير اقتراح نشر قوات دولية لتسيير الملف الأمني جدلاً، مع تداول أفكار حول تعيين مصر للإشراف على القطاع.

يظهر خيار آخر بنشر قوات عربية، مما يثير قلق الفلسطينيين بسبب التحديات المحتملة، خصوصا في ظل تحذيرات مصر والأردن حول تهجير الفلسطينيين ومشروع "إسرائيل الكبرى".

الرئيس الفلسطيني محمود عباس عبّر عن استعداد السلطة للعودة لكن في إطار حل سياسي شامل. وفي مقابلة مع وكالة "رويترز"، قال "أنا مع المفاوضات وأن يكون هناك مؤتمر دولي للسلام برعاية دولية، والذي يجب أن يقود إلى حل بحماية دولية، يقود إلى دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس".

من جانبه، يرفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو فكرة تسليم إدارة القطاع للسلطة الفلسطينية، بزعم دعمها وتمويلها للإرهاب، مؤكدًا تولي إسرائيل الإدارة الأمنية.

مصر والأردن ودول عربية عبرت عن رفضها القاطع لفكرة التهجير القسري للفلسطينيين، خصوصا مع تزايد أعداد النازحين نحو رفح جنوبًا.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن

مصر.. التهجير خط أحمر

أعلنت مصر رفضها سياسة التهجير القسري التي تنفذها إسرائيل في حق سكان غزة، بما في ذلك محاولات نقلهم إلى مناطق في شبه جزيرة سيناء.

وأعرب الرئيس عبد الفتاح السيسي في أكثر من مناسبة عن رفض مصر التهجير القسري، مؤكدا أنه “لا تهجير للفلسطينيين في قطاع غزة إلى مصر”، وشدد على أن “التهجير خط أحمر لم ولن نقبل أو نسمح به”، وأن مصر “لم ولن تغلق أبداً معبر رفح الحدودي أمام المساعدات الإنسانية لقطاع غزة”.

وزير الخارجية سامح شكري، أكد أيضا رفض مصر القاطع أي محاولات للتهجير القسري للفلسطينيين داخل أو خارج أراضيهم، لافتًا إلى ضرورة دفع المجتمع الدولي لعملية سياسية حقيقية وجادة، قائمة على أساس حل الدولتين، تفضي لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في أقرب فرصة ممكنة.

وقبل أيام، نشرت صحيفة "يسرائيل هيوم" الإسرائيلية، خطة معروضة على مسؤولين بارزين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في مجلسي النواب والشيوخ الأمريكيين، وتضم 4 مبادرات اقتصادية، تستهدف مصر والعراق واليمن وتركيا، للحصول على تأييدهم في تحفيز "هجرة طوعية وليست إكراهية" للفلسطينيين إلى تلك الدول.

وحذرت مصر منذ بداية الحرب الإسرائيلية علي قطاع غزة عقب عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر الماضي، من خطورة دفع سكان قطاع غزة إلى مغادرة أراضيهم نحو سيناء.

دمار واسع خلفه قصف إسرائيلي على رفح

صراع الحركة والمنظمة

ويشكك كثيرون في قدرة إسرائيل على التخلص نهائيا من حركة حماس، التي تولت الحكم في القطاع منذ عام 2007، في حين يُؤكد آخرون أن هجوم 7 أكتوبر يشير إلى عدم تعلق حماس بالسلطة الإدارية. ويشير خبراء إلى أن السلطة الفلسطينية قد لا تقبل العودة إلى حكم القطاع بدعم إسرائيلي، إذ يقلل هذا من مصداقيتها في إدارة غزة.

وذكرت وكالة "بلومبرغ" نقلًا عن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية أن السلطة الفلسطينية تعمل مع مسؤولين أمريكيين على خطة لإدارة قطاع غزة بعد انتهاء الحرب.

وقال آشتية، في مقابلة مع "بلومبرج"، إن النتيجة المفضلة للصراع أن تصبح حركة حماس شريكا أصغر لمنظمة التحرير الفلسطينية، بما يساعد على تأسيس دولة مستقلة جديدة تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية.

وأوضح آشتية أنه سيكون هناك مجال للمحادثات إذا كانت حماس مستعدة للتوصل لاتفاق وقبول المنهج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، مشيرا إلى أن الفلسطينيين يجب ألا يكونوا منقسمين، 

وتبدو فكرة أشتية بخصوص انضمام حماس إلى السلطة، متفائلة بشكل زائد، ليس فقط لأن حماس طردت  السلطة من غزة في 2007، وإنما أيضًا بسبب عدم تنفيذ 4 اتفاقيات لاحقة بين الجانبين.

ويرى أشتية أن هدف إسرائيل المتمثل في القضاء الكامل على حماس غير واقعي، مبررا ذلك بأن "حماس موجودة في لبنان، والجميع يعلم أن قيادة حماس موجودة في قطر، وهم هنا أيضًا في الضفة الغربية".

رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية 

رفضه تسليم غزة للسلطة

وتواجه إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، تحديات كبيرة في تقديم إجابات واضحة حول مستقبل القطاع بعد الحرب، وفقًا لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية. وفي إطار الاستعداد لـ"اليوم التالي" في غزة، تظهر مجموعة من "الخيارات غير الجذابة" أمام الأطراف المعنية.

وذكرت تقارير صحفية أن مسؤولي إدارة بايدن أمضوا أسابيع في صياغة خطة متعددة المراحل لمستقبل قطاع غزة ما بعد الحرب، تنتهي بسيطرة السلطة الفلسطينية على القطاع، إذ يرون أن هذا هو الخيار الأفضل، وربما الوحيد، لتجنب العودة إلى الاحتلال الإسرائيلي المباشر.

ويعبر الإسرائيليون عن عدم رغبتهم في استعادة احتلال غزة، لكنهم يناقشون إجراءات أمنية إضافية، مثل إنشاء منطقة عازلة والسماح بوصول القوات الإسرائيلية خلال فترة انتقالية.

فلسطينيون فروا من منازلهم للاحتماء في مخيم برفح

إعادة تنشيط السلطة

وكان بايدن، ووزير خارجيته أنتوني بلينكن، قالا إنه بعد الحرب القائمة يجب توحيد غزة مع الضفة الغربية، في ظل سلطة فلسطينية "معاد تنشيطها".

كما أثار بلينكن هذه القضية خلال زياراته المتكررة للمنطقة منذ اندلاع الحرب في رحلات شملت، إسرائيل والأراضي الفلسطينية وعدد من العواصم العربية.

وأعلنت إسرائيل مرارًا التزامها القضاء على حركة حماس بعد تنفيذها هجوم السابع من أكتوبر، حيث قتل 1200 شخص وأسرت الحركة نحو 239 آخرين، وفقًا لإحصاءات إسرائيلية.

 وتشير وزارة الصحة في قطاع غزة إلى استشهاد أكثر من 17170 فلسطينيًا وإصابة نحو 46 ألفًا جراء قصف إسرائيل ردًا على الهجوم.  

أنطونيو غوتيريش

إخفاق دولي

دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، مرات عدة، إلى وقف فوري للقتال بين إسرائيل وحماس، محذرًا من انهيار تام للنظام العام في قطاع غزة، ودفع سكان القطاع إلى اللجوء في اتجاه مصر.

وأخفق مجلس الأمن الدولي في التصويت لصالح قرار حاسم بوقف إطلاق النار في غزة، بعدما استخدمت الولايات المتحدة حق النقض “الفيتو” لعرقلة القرار.

من هنا لا يمكن التنبؤ بمستقبل غزة، نظرًا للوضع المضطرب في الضفة الغربية والقدس الشرقية، مما يجعل المستقبل غير قابل للتوقعات.

search