الجمعة، 22 نوفمبر 2024

09:45 ص

يحيى السنوار.. المطلوب الأول لدى إسرائيل

يحيي السنوار - رسوم : بيكا

يحيي السنوار - رسوم : بيكا

السيد حسين

A A

“يحيى السنوار” اسم تصدّر المشهد في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وبات المطلوب الأول لدى دولة الاحتلال، منذ أن نفذت حركة حماس عملية “طوفان الأقصى” ضد إسرائيل في 7 أكتوبر الماضي، التي قُتل فيها أكثر من 1200 شخص، فيما اختطفت الحركة وجماعات أخرى أكثر من 239 آخرين، وحمّلت دولة الاحتلال، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، المسؤولية عن التخطيط للهجوم.

إسرائيل تسمي السنوار "وزير دفاع حماس"، كونه حلقة الوصل بين جناحي الحركة السياسي والعسكري، وتصفه بـ"العنيد ورئيس جناح الصقور في حماس"، كما يُعرف بأنه العقل المدبر لعملية "طوفان الأقصى" التي كبدت الاحتلال الإسرائيلي خسائر بشرية وعسكرية هائلة، وهزّت الصورة النمطية لقدرة أجهزتها الاستخباراتية والأمنية على حفظ أمن تل أبيب.

يحيى السنوار وإسماعيل هنية 

“هتلر الصغير”   

إسرائيل هدّدت بـ"اصطياد" السنوار، وأطلقت الآلاف من جنودها للبحث عنه، إذ يعد “ذو الشعر الأبيض الثلجي والحاجبين الأسودين” هدفًا استراتيجيا للعمليات الأمنية والاستخباراتية الإسرائيلية بالنظر إلى وزنه ونفوذه الكبير داخل القطاع، لا سيما بعد عملية "طوفان الأقصى"، ليصبح على رأس قائمة المطلوبين لدى دولة الاحتلال.

تردد اسم السنوار على ألسنة عدد من كبار المسؤولين الإسرائيليين، كان آخرهم وزير الدفاع يوآف غالانت، الذي تعهد بالقضاء على زعيم حماس في غزة، فيما شبهه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بـ"هتلر الصغير".

المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، قال في مؤتمرات عدة "سنستمر، سنلاحقه حتى نعثر عليه"، قاصدَا السنوار، فيما تعتقد إسرائيل أن السنوار يدير العمليات العسكرية للحركة مع رئيس الذراع العسكرية محمد الضيف، وعدد قليل من كبار القادة الآخرين، وفق صحيفة "وول ستريت جورنال".

ويعتقد عدد من الذين تفاوضوا على تبادل الأسرى، أن السنوار صاحب القرار النهائي في هذا الملف أيضًا، مرجعين إحباط العملية مرات عِدة في السابق، لتأخره في الاستجابة لتطورات الملف، وإصراره على مطالب أخرى في بعض الأحيان.
 

يحيي السنوار

“الإخوان" في حياة السنوار


يحيى إبراهيم حسن السنوار، المعروف على نطاق واسع باسم "أبو إبراهيم"، ينحدر من مدينة المجدل عسقلان التاريخية التي تقع شمال شرقي قطاع غزة، والتي سقطت في يد الاحتلال الإسرائيلي عام 1948 وغيّر اسمها إلى "أشكلون".

وُلد السنوار في مخيم خان يونس للاجئين في عام 1962، ونشأ في ظروف صعبة وسط معاناة من الفقر والقسوة، وتأثرت طفولته بالاعتداءات التي تعرض لها أهالي المخيمات من الاحتلال الإسرائيلي. ولاحقًا درس في الجامعة الإسلامية بغزة وحصل على درجة البكالوريوس في اللغة العربية، وترأس الكتلة الإسلامية خلال فترة دراسته الجامعية، وهي الفرع الطلابي لجماعة "الإخوان المسلمين" في فلسطين. 


تلك الفترة لعبت دورًا محوريًا في حياة السنوار وساعدته على الاستعداد للأدوار القيادية التي تولاها في حركة حماس لاحقًا، على الرغم من أنه لم يكن من مؤسسيها الأوائل، ومع ذلك أصبح جزءًا من قيادتها وأسهم في رسم توجهات وأسس المقاومة على مدار سنوات كثيرة.
 

الخنجر المسموم


كان يحيى السنوار يؤمن بأن هزيمة الاحتلال الإسرائيلي تتطلب بشكل أساسي القضاء على جميع أدواته، وعلى رأس هذه الأدوات “خنجر العملاء المسموم”، الذي يتسلل إلى النسيج الفلسطيني، ولم يتوان في المضي قدمًا بهذا الأمر، واقترح على الشيخ أحمد ياسين (مؤسس حركة المقاومة الإسلامية وزعيمها حتى اغتياله في 22 مارس 2004) بعض الأفكار التي تعزز الجانب الأمني للمقاومة، وكان من أبرزها تأسيس جهاز الأمن والدعوة الذي يُعرف بـ"مجد"، وبعدها قاد السنوار فريقًا من الكوادر الأمنية وتتبع عددًا من عملاء الاحتلال الإسرائيلي في الداخل الفلسطيني.

وأصبح دور "مجد" يتضمن إجراء التحقيقات مع عملاء إسرائيل، وتتبع ضباط المخابرات وأجهزة الأمن الإسرائيلية بشكل مماثل، كما أنه بمرور الوقت أصبح النواة الأولى لتطوير النظام الأمني الداخلي لحركة حماس، ويقاوم الاحتلال في قطاع غزة.
وأشار تقييم استخباراتي إسرائيلي أُعد خلال فترة وجود السنوار بالسجن، إلى أنه كان "قاسيًا، وموثوقًا، ومؤثرًا ومقبولًا من أصدقائه، ويتمتع بقدرات غير عادية على التحمل والمكر والتلاعب، ويحتفظ بالأسرار حتى داخل محبسه بين السجناء الآخرين"، حسبما نقلت صحيفة "فاينانشيال تايمز".

يحيي السنوار مع أحد جنود المقاومة الفلسطينية 

اعتقال السنوار

تعرض السنوار لاعتقالات عدة خلال نشاطه الداخلي، اعتُقل لأول مرة في عام 1982 وأفرج عنه بعد أيام، ثم اعتقل مجددًا في نفس العام وحُكم عليه بالسجن لمدة 6 أشهر بسبب نشاطه المقاوم للاحتلال الإسرائيلي.

واعتقل مرة أخرى في عام 1985، لمدة 8 أشهر بتهمة تأسيس جهاز الأمن الخاص بحركة "حماس" المعروف بـ"مجد"، وللمرة الثالثة في عام 1988، وأدانته محكمة إسرائيلية وحُكم عليه بالسجن المؤبد أربع مرات بتهمة قتل جنديين إسرائيليين و4 فلسطينيين بتهمة التعاون مع إسرائيل، وتأسيس جهاز "مجد" الأمني والمشاركة في تأسيس الجهاز العسكري الأول لحماس.

السنوار قضى 23 عامًا متواصلة في سجون الاحتلال، منها 4 سنوات في العزل الانفرادي، وتولى قيادة الهيئة القيادية العليا لأسرى "حماس" خلال فترة اعتقاله في السجون، وشارك في سلسلة من الإضرابات عن الطعام، بما في ذلك إضرابات أعوام 1992 و1996 و2000 و2004.

وقد أُفرج عنه مع أكثر من 1000 أسير فلسطيني في عام 2011 مقابل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، في صفقة عرفت إعلاميًا باسم "الوفاء للأحرار".

بعد إطلاق سراحه، صعد السنوار بسرعة في صفوف حماس، وفي عام 2017، انتخب قائدًا لحركة حماس في غزة، حيث خلف إسماعيل هنية، الذي تولى بدوره منصب رئيس القيادة العامة للحركة في العام نفسه.

إسماعيل هنية يشير بعلامة النصر بجوار السنوار

خداع إسرائيل

عكف السنوار خلال فترته في سجون الاحتلال الإسرائيلي على دراسة اللغة العبرية، وبعد مرور 15 عامًا، استخدمها خلال مقابلة مع قناة إسرائيلية، دعا خلالها الإسرائيليين إلى الهدنة مع حركة حماس.

وقال في المقابلة بعبرية سليمة "ندرك أن إسرائيل تملك 200 رأس نووي، وهي القوة الجوية الأكثر تقدمًا في المنطقة، نعلم أننا لا نملك القدرة على تفكيك إسرائيل".
 

ويعتقد الضابط السابق بالمخابرات العسكرية الإسرائيلية، مايكل ميلشتاين، أن محمد الضيف هو منْ نفّذ خطة الهجوم في 7 أكتوبر الماضي، ولكن العقل الحقيقي والمدبر له كان في الأساس يحيى السنوار.

وأضاف ميلشتاين، أنه “يفهم حقًا كيف سيتصرف الإسرائيليون، وكيف يفكرون، وكيف سيردون”.

ووصف مقال نشرته صحيفة “الجارديان” البريطانية في عام 2017، انتخاب السنوار رئيسًا للمكتب السياسي لحماس في غزة بـ"الخطوة المهمة" لإعادة تعريف سياسة الحركة.

السنوار تعرّض لضغوط من الولايات المتحدة، إذ وضعته مع اثنين من قادة حماس الآخرين (محمد الضيف وروحي مشتهى) على قائمة الشخصيات الإرهابية الدولية، فيما كان على رأس “قائمة التصفية” الإسرائيلية.

في عام 1989 تعرض منزل السنوار للقصف والتدمير، ومرة أخرى خلال العدوان على قطاع غزة في عام 2014.

ويتمتع السنوار أيضًا بعلاقات "مقربة" مع محمد الضيف، القائد العام لكتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، إضافة إلى المساعدة التي قدمها لإنشاء الجناح العسكري للحركة.
 

يحيي السنوار 


أيام معدودة


وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، قال في تصريحات إعلامية، إن أيام رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، وزعيم الحركة في قطاع غزة يحيى السنوار، باتت معدودة. وشدد على أن الحرب على حماس وقادتها وعناصرها ستمتد إلى كل مكان في العالم، مضيفًا: "سنعثر على السنوار ونقضي عليه".

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أكد هو الآخر أنه أبلغ جهاز "الموساد" بأن يعملوا ضد أفراد وقادة حماس أينما وُجدوا.

يُشار إلى أن حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي على غزة تجاوزت الـ 15500 شهيد، بينهم أكثر من 5800 طفل وقرابة 4000 امرأة، بعد أكثر من 60 يومًا من القصف الإسرائيلي على القطاع.
 أما على الجانب الإسرائيلي فقد قُتل أكثر من 1200 شخص وأصيب أكثر من 5 آلاف بجروح، إلى جانب مقتل 392 في صفوف الجيش.

search