الجمعة، 22 نوفمبر 2024

12:26 م

ضحايا الموت الأسود.. اكتشاف أكبر مقبرة جماعية في أوروبا

مقبرة جماعية - أرشيفية

مقبرة جماعية - أرشيفية

محمد خيري

A A

عثر علماء الحفريات في أوروبا، على مقبرة جماعية في مدينة نورمبرغ في ألمانيا، تحتوي على ما لا يقل عن 1000 جثة لأشخاص ماتوا بسبب انتشار وباء الطاعون الدبلي، والذي تسبب في وفاة ما يصل إلى 60% من سكان أوروبا في القرن الـ17 الميلادي.

واعتبر العلماء أن تلك المقبرة تعد أكبر موقع دفن جماعي في تاريخ أوروبا، نظرًا لكثرة عدد السكان المتوفيين نتيجة الإصابة بالمرض، فيما يؤكد خبراء أن الكشف له أهمية وطنية، ومن المقرر أن يتم اعتبار مقر الدفن معلمًا تاريخيًا.

مقبرة الطاعون 


سبب الطاعون

وكشف العلماء أن وباء الطاعون الدبلي الذي انتشر في أوروبا خلال الفترة المذكورة سببه لدغات برغوث مصاب ببكتيريا تسمي "يرسينيا بيستيس"، والتي تسبب الإصابة بالطاعون الدبلي ومنه إلى الوفاة السريعة، إذ مات المصابون بسرعة وبشكل رهيب بعد نوبة من الحمى الشديدة والارتعاش والقئ والصداع والهذيان و التورمات التي أطلق عليها "الدبل القيحي".
ونقلت صحيفة "ديلي ميل" عن عمدة مدينة نورمبرغ الألمانية ماركوس كونيغ، قوله "هذا الاكتشاف له أهمية كبيرة خارج المنطقة، حيث تحتوي القبور على رفات أطفال وشيوخ ورجال ونساء؛ ما يدلل على أن الطاعون لم يتوقف عند عمر معين أو جنس أو وضع اجتماعي".
كما نقلت الصحيفة عن ميلاني لانغبين، من قسم الحفاظ على التراث في نورمبرغ، إنه تم التعرف على ثماني حفر كانت مقابر جماعية تسبب فيها مرض الطاعون، تحتوي كل منها على عدة مئات من الجثث، مؤكدة أنه "لم يتم دفن هؤلاء الأشخاص في مقبرة عادية على الرغم من تخصيص السلطات مقابر للمتوفيين بالطاعون في نورمبرغ".

جثث مقبرة الطاعون 


تأثير الحرب العالمية الثانية

وأشارت الصحيفة إلى أن هذا يعني وجود عدد كبير من الموتى الذين كانوا بحاجة إلى دفنهم في فترة زمنية قصيرة بغض النظر عن ممارسات الدفن المسيحية، لافتة إلى أن العديد من العظام تعرضت لأضرار جسدية بسبب القنابل التي سقطت على المنطقة خلال الحرب العالمية الثانية، والبعض الآخر شابه اللون الأخضر بسبب النفايات الناتجة عن مصنع النحاس المجاور لموقع المقبرة.
ونوهت إلى أن بعض الجثث كانت مغطاة بالملابس أو ملفوفة بالقماش عندما دُفنت، ولكن بشكل عام تم ضغطها بإحكام في مكان الدفن، ما يعكس ارتفاع معدل الوفيات بسبب المرض الفتاك.
وكشفت "ديلي ميل" أن اكتشاف المدافن تم خلال أعمال التنقيب في حقل قبل بناء دار لأحد الفلاحين في نورمبرغ، حيث قال مختصون أنه بعد العثور على 500 هيكل عظمي جديدة، يعتقد أحد الخبراء أنه من الممكن أن يكون هناك ما يصل إلى 2000 هيكل عظمي أو أكثر.

الكشف عن حفريات مقبرة الطاعون 


وقال جوليان ديكر، مدير شركة "إن تيرا فيريتاس" التي تتولى أعمال التنقيب، إنه لم يكن هناك ما يشير إلى وجود مدافن في هذا الحقل، وأنه يتوقع أن يصل العدد إلى 2000 أو حتى أكثر، ما يجعلها أكبر مقبرة جماعية في أوروبا.

جدير بالذكر أن وباء الطاعون ضرب أوروبا على ثلاث موجات من القرن الرابع عشر إلى العشرين، وقتل ملايين الأشخاص.

الموت الأسود
الموجة الأولى، التي تسمى الموت الأسود في أوروبا، كانت منذ عام 1347 إلى 1351، بينما انتشرت الثانية في القرن السادس عشر بعد ظهور سلالة جديدة من المرض، فيما كانت المرحلة الأخيرة في نهاية القرن التاسع عشر، حيث انتشر المرض في جميع أنحاء قارة آسيا.

مقبرة الطاعون 



وعانت مدينة نورمبرغ الألمانية، من تفشي الطاعون كل 10 سنوات تقريبًا بدءًا من القرن الرابع عشر فصاعدًا، ما جعل تحديد تاريخ العظام المكتشفة حديثًا تحديًا كبيرًا أمام علماء الحفريات، حيث استخدم العلماء تقنية "التأريخ بالكربون المشع"، والذي يضمن قياس كمية الكربون لتوفير تقدير للعمر، ولتحديد تاريخ قبر واحد، حيث توصلوا إلى أن عملية الدفن تمت بين أواخر القرن الخامس عشر وأوائل القرن السابع عشر.

ومع ذلك، اكتشف الخبراء مذكرة منذ عام 1634 تشرح بالتفصيل تفشي الطاعون في الموقع والذي أدى إلى مقتل أكثر من 15000 شخص بين عامي 1632 و1633، وهذا دفعهم إلى استنتاج أن هذه الجثث من المحتمل أن تكون من وباء الطاعون 1632-1633.
 

search