السبت، 09 نوفمبر 2024

07:49 م

كيف يتفاوت الأجر في الصيام؟.. الإفتاء توضح

دار الإفتاء المصرية

دار الإفتاء المصرية

جهاد سداح

A A

أجابت دار الإفتاء على سؤال أحد المتابعين عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، "هل يتفاوت الأجر في الصيام على قدر المشقة؟ خاصة أنه يتفاوت شعور الناس بالمشقة في الصيام، وقد سمعت قبل ذلك إن الثواب على قدر المشقة"، فما صحة ذلك؟".

وجاءت إجابة دار الإفتاء: بالتأكيد يتفاوت الأجر والثواب في عبادة الصيام طوال النهار، خاصة لأصحال الأعمال الشاقة أو اليوم الذي تزداد فيه درجات الحرارة، وهذا بحسب ما أقره الأصوليون والفقهاء، إلا أن ذلك مرتبط بإخلاص النية لله -عز وجل- في العبادة.

هدف الصيام

وأكدت دار الإفتاء، أن مشقة الصيام من أعظم أسباب مغفرة الذنوب وتكفير السيئات، فرض كان الصيام أو نفلا؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآلة وسلم: «من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه» متفق عليه.

وأكملت: وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآلة وسلم يقول: «من صام يوما في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا» متفق عليه.

وتابعت: إذا كان صاحب الصيام مشقة لازمة؛ بحيث لا يتأتى القيام به إلا مع تحمل هذه المشقة؛ كشدة حر، أو طول يوم، أو القيام بعمل، فإن الأجر والثواب يكون حينئذ أعظم وأفضل؛ لما ورد عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وآلة وسلم قال لها في عمرتها: «إن لك من الأجر قدرا نصبك ونفقتك» أخرجه الدار قطني في "السنن" والحاكم في "المستدرك" وصححه.

الأجر على قدر المشقة

قرر الأصوليون والفقهاء، بحسب دار الإفتاء، أن الأجر على قدر المشقة، أي كلما كثر العمل وشق كان أفضل مما ليس كذلك؛ كما في "المنثور في القواعد الفقهية" للزركشي (2/413، ط. أوقاف الكويت)، وينظر أيضا: "مدارج السالكين" لابن الجوزي (1/106، ط. دار الكتاب العربي)، و "شرح الشيخ زروق المالكي على متن الرسالة"(1/541، ط. دار الكتب العلمية)، و "فتح القدير" للكمال ابن الهمام (2/428، ط. الفكر)، و "رد المحتار" لابن عابدين (2/478، ط. دار الفكر).

مفهوم المشقة

والمقصود بالمشقة هنا: المشقة التي لا تنفك عن العبادة، وهي التي رتب عليها الشرع الأجر العظيم والثواب الجزيل، عن غيرها من العبادات الأخرى التي لا يوجد فيها مشقة؛ إذ أن المشقة ليست مقصودة شرعا لذاتها، وإنما إذا جاءت تبعا لمطلب شرعي أجر الإنسان عليها، وإذا ما قصد الإنسان إدخال المشقة على نفسه فهذا أمر نهى عنه الشرع الحنيف، ووصف صاحبه بالمتنطع، قال صلى الله عليه وآلة وسلم: «هلك المتنطعون» قالها ثلاثا. أخرجه مسلم في "صحيحه"، أي: المتعمقون المتشددون الغالون المجاوزون الحدود في أفعالهم وأقوالهم.

قواعد الأحكام

قال الإمام العز ابن عبد السلام في "قواعد الأحكام"(1/37، ط. مكتبة الكليات الأزهرية): [علمنا من موارد الشرع ومصادره أن مطلوب الشرع إنما هو مصالح العباد في دينهم ودنياهم، وليست المشقة مصلحة، بل الأمر بما يستلزم المشقة بمثابة أمر الطبيب المريض باستعمال الدواء المر البشع، فإنه ليس غرضه إلا الشفاء، ولو قال قائل: كان غرض الطبيب أن يوجده مشقة ألم مرارة الدواء؛ لما حسن ذلك فيمن يقصد الإصلاح].

بناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن الأجر والثواب يتفاوت في عبادة الصيام بطول النهار، أو اشتداد الحر فيه، أو القيام بعمل فيه نصب يفوق غيره من الأعمال؛ كأصحاب المهن الشاقة... ونحوه، إلا أن ذلك مرتبط بإخلاص النية لله -عز وجل- في العبادة، وعدم قصد إيقاع عين المشقة ذاتها.

search