"الحشاشين".. فانتازيا قد تظنها تاريخًا
كعادته كل عام، لا يخلو الموسم الرمضاني من الجدل القائم على قراءة ما بين السطور في الأعمال الدرامية، باحثين عن المؤامرة. حتى وإن كانت السطور واضحة، تحتاج منّا فقط إلى القراءة بحياديّة، دون أي توقّعات أو نظريات فلسفية نقدية عميقة.
بدأت سيوف النقد تحتدّ على العمل الفني “الحشاشين” قبل عرضه، وتوزعت تلك السيوف بعد الحلقة الأولى مباشرة، بين معترض على استخدام اللهجة المصرية، ومنتقِد للأحداث التاريخية، ومنْ يرى أن ملابس العمل لا تُلائم الحقب الزمنية المذكورة، بالإضافة إلى نقد مباشر للفنان كريم عبد العزيز، ليس لأن أداءه في العمل غير مقنع - لا سمح الله- لكن لأنه أدى سابقا دور ضابط!
بغضّ النظر عن تلك القرءات العميقة والتحليلات المريبة لعمل لا يتعدى كونه دراما. وفي تحليل بسيط ينطلق من وجهة نظر شخصية للمسلسل بعد حلقته الرابعة، فمن الواضح أن العمل ليس تاريخاً ولا ينقل تفاصيل تاريخية دقيقة، لأنّه ببساطة، “الحشاشين” كطائفة في الأصل المعلومات التاريخية المنشورة عنهم شحيحة جداً، واختلفت فيها وجهات النظر والقراءات والتفسيرات، بالإضافة إلى أن التاريخ بصفة عامّة، لا حقيقة مطلقة فيه، فكلٌ له أكاذيب يعتنقها بطريقته الخاصّة، يؤمن بها ويظنها تاريخاً!
أي تاريخ هذا الذي يطلّ علينا فيه حسن الصبّاح يقرأ الأفكار، ويعالج العاجز ويوزع الكرامات؟؟!!
فإذا كان التاريخ يذكر هذا الإعجاز على أنّه حقيقة، وهناك من يصدّق هذا العبث، فهذه مصيبة من نوع آخر، تحول شخصية بشرية إلى نبي أو مبشر بالجنّة!!
ومن وجهة نظري يمكن تصنيف العمل على أنه فانتازيا مستوحاة من التاريخ، منسوبة لحقبة زمنية معينة، تم بناؤها بشكل احترافي نسبة لشخصية مثيرة للجدل، قابلة للتشكيل وزيادة تفاصيل تُغني الدراما وتعطيها غموضا وإثارة، كشخصيات تاريخية كثيرة تم الاستعانة بها في أعمال عالمية.
أما اختيار اللهجة المصرية للعمل، فأظن أنه خيار أفضل من عمل مليئ بالأخطاء اللغوية في (اللغة العربية)، وبما أن مصر الدولة المنتجة فيحق لها سرد القصة بلغتها، بالإضافة إلى أن اللغة الأصلية لأبطال العمل في حقبته التاريخية المذكورة، قد تكون الإيرانية وليست العربية نسبة للمكان والزمان، وأظن أن تقبل المشاهدين للأعمال المستوحاة من التاريخ باللغة التركية والترجمة السورية، يجب أن يجعلهم يتقبلون اللهجة المصرية بسهولة.
والحقيقة أن العمل متعة بصرية لا غُبار عليها، إنتاج ضخم وإبداع واضح من حيث التصوير والملابس والديكور والموسيقى وحتى أداء الممثلين، وتم بذل مجهود كبير جداً، يجعل العمل يضاهي الإنتاجات العالمية الضخمة. كما أن طرح عمل تدور أحداثه حول شخصية تاريخية، يُعد فرصة مهمة لفتح الكتب والبحث عن معلومات تاريخية، وحتى خلق الجدل، كل ذلك ظاهرة قد تكون صحية أحياناً.
“الحشاشين” كأي عمل دارمي آخر يُعرض في رمضان، يستحق منك النقد الفني، (تصوير، إخراج، إضاءة، موسيقى، أداء الفنانين..)، أما التقييم التاريخي والجغرافي فيمكن توجيهه إلى الموسوعات والكتب والوثائقيات وغيره، وفي ظل التكنولوجيا والمصادر المختلفة، منها الحقيقي ومنها المزيف، تضيع الحقيقة المطلقة، ويلبس التاريخ عباءة المصلحة، فكل يقرؤه باللغة التي تناسبه وتخدم مكانته.
الأكثر قراءة
-
04:55 AMالفجْر
-
06:26 AMالشروق
-
11:41 AMالظُّهْر
-
02:36 PMالعَصر
-
04:56 PMالمَغرب
-
06:17 PMالعِشاء
مقالات ذات صلة
إخفاق دراما رمضان ومتلازمة "مشية الغراب"
24 مارس 2024 01:52 م
أكثر الكلمات انتشاراً