الخميس، 19 سبتمبر 2024

06:28 ص

الركود و"الجشع" يقودان سوق السيارات

سيارات مستوردة على أحد أرصفة الموانئ المصرية

سيارات مستوردة على أحد أرصفة الموانئ المصرية

ولاء عدلان

A A

مزيج من الأزمات قاد سوق السيارات في مصر نحو ركود لم تشهده منذ قرابة 25 عامًا، لتتراجع المبيعات منذ بداية العام بنحو 70%، وسواء كانت السيارة زيرو أو مستعملة فنار الأسعار طالت جميع الفئات وجعلت العملاء يفكرون مائة مرة قبل قرار الشراء لتتراجع معدلات الطلب بصورة قاسية. 

انخفاض قياسي 

يرى الأمين العام لرابطة مصنعي السيارات، خالد سعد، في تصريح إلى "تليجراف مصر"، أن الانخفاض القياسي في مبيعات السيارات يعود إلى عدة عوامل عالمية ومحلية، أبرزها استمرار تداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية وتعطل سلاسل الإمداد العالمية، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعار السيارات عالميًا ونقص الإنتاج لدى المصنعين وبالتبعية نقص المعروض العالمي. 

يتابع محليًا لدينا أزمة تراجع قيمة الجنيه ونقص العملة الصعبة الأمر الذي يضغط على حركة استيراد السيارات من جهة ويرفع أسعار المستعمل من جهة أخرى، فعادة تنقسم المبيعات في السوق المحلية إلى 60% سيارات مستوردة و40% محلي سواء مجمع داخليًا أو مستعمل أما الآن فالمشهد اختلف نتيجة لصعوبة الاستيراد من الخارج وبهذا الوضع قد ننهي العام بمبيعات دون مستوى الـ100 ألف مركبة. 

بحسب بيانات مجلس معلومات سوق السيارات (أميك)، تراجعت مبيعات السيارات خلال أول 10 أشهر من العام الحالي بنحو 58.5% مقارنة بما كانت عليه في الفترة المماثلة من العام الماضي، وسجلت مبيعات السيارات الملاكي وحدها انخفاضًا بـ57%. 

عدد من السيارات

جشع التجار 

يشير خبير قطاع السيارات محمد شتا إلى أن جشع التجار والوكلاء يعد سببًا في ارتفاع أسعار السيارات بصورة مبالغ فيها وغير مبررة الأمر الذي أدى إلى تراجع الطلب والمبيعات في السوق.

يوضح أن التجار والوكلاء والموزعين في سوق السيارات يستغلون أزمة نقص الدولار وارتفاع سعره في السوق الموازية (يتداول الدولار أعلى 50 جنيهًا مقابل سعره بالبنك المركزي البالغ 30.8 جنيه) لرفع الأسعار بصورة غير مبررة، لنشاهد سيارة سعرها الرسمي مليون جنيه تباع بمليون ونصف أو أكثر نتيجة لقيام بعض الموزعين بإضافة مبلغ إضافي "أوفر برايس" يتراوح بين 50 و100% من سعرها لإتمام صفقة البيع. 

يستطرد أحد أهم أسباب ركود حركة المبيعات أيضًا دخول ما يعرف بالمستهلك التاجر على خط الأزمة ليستغل الوضع لبيع سيارته المستعملة بأعلى سعر ممكن، ما يدخل السوق في دائرة شيطانية، يصعب الخروج منها، ما لم نرِ زيادة في المعروض، مشيرا إلى أن حجم سوق السيارات في مصر (قرابة 10 ملايين مركبة) لا يتناسب مع تعدادها الذي يتجاوز الـ105.8 مليون نسمة. 

انتعاشة خجولة

خلال شهر نوفمبر الماضي ارتفعت مبيعات السيارات الملاكي الجديدة (الزيرو) لتسجل 10900 سيارة مقابل 7300 سيارة في الشهر المماثل من العام الماضي، وفق بيانات المجمعة المصرية للتأمين الإجباري، يعلق رئيس رابطة تجار السيارات، المستشار أسامة أبو المجد قائلا هذا الرقم لا يعني شيئًا أمام تراجع المبيعات بنحو 70 % منذ بداية العام في سابقة لم تشهدها السوق منذ ربع قرن. 

يتفق معه خالد سعد قائلًا أن ارتفاع المبيعات في نوفمبر يعد متواضعًا مقارنة بالانخفاض القياسي المستمر منذ العام الماضي الذي شهد ترجعًا بنحو 36.5%، متوقعا أن ينسحب الركود الحالي على حركة المبيعات خلال العام 2024 وفي أحسن الأحوال حتى نهاية يونيو المقبل. 

عدد من السيارات المستوردة على رصيف احد موانئ مصر

فتح الاستيراد

يشير محمد شتا إلى أن حل أزمة نقص المعروض وتراجع المبيعات في السوق المصرية يبدأ بأن تسمح وزارة التجارة والصناعة باستيراد السيارات المستعملة للاستهلاك الشخصي (الممنوع حاليا)، على غرار مبادرة سيارات المصريين العاملين بالخارج وسيارات ذوي الهمم، موضحًا أن تكلفة استيراد المستعمل ستكون أقل كثيرا مقارنة بالسيارات الزيرو، وبالتالي ستحقق هدفين هما زيادة المعروض وخفض الأسعار بالنسبة للمستهلك. 

وأضاف أن تذليل العقبات التي يواجهها مستوردي الزيرو من شأنه أيضا أن يسهم في تخفيف الأزمة، فالمسموح به حاليًا هو استيراد السيارات التي أنتجت في العام الماضي فقط، وهذا يقف عائقا أمام استيراد سيارات تعود سنة صنعها إلى أعوام 2021 و2020 وهكذا، وبالتالي هناك حاجة إلى تخفيف هذا القيد لزيادة تدفق السيارات إلى السوق. 

search