مقتل جده نقطة تحول.. "مودريتش" طفل الحرب الذي خرج من ركام الدمار
لوكا مودريتش
محمود موسى
"يظهر لنا لوكا أنه يلعب كرة القدم بشكل سهل للغاية، لكن صدقوني من الصعب حقًا لعب كرة القدم، إنه يلعب كما لو كان الأمر طبيعيًا، إنها بمثابة رقصة بالنسبة له، إنه لاعب مذهل وشخص لطيف ومتواضع دائمًا”.. كاكا لاعب ريال مدريد السابق.
عندما بلغ الكرواتي لوكا مودريتش من العمر 6 سنوات فقط، اهتزت حياته بأكملها بسبب إطلاق النار على جده على أيدي "بلطجية" صربيين متشددين، واضطر إلى أن يعيش حياة كلاجئ في وطنه الذي مزقته الحرب.
ولكن على الرغم من هذه الصعوبات، فإن ذلك لم يمنع الطفل الطموح من المضي قدمًا ليصبح أحد أفضل اللاعبين على هذا الكوكب.
وفي عام 2018، تم اختياره كأفضل لاعب في العالم، منهيًا عقدًا من هيمنة كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي على الجائزة، ليقول والده "أنا أسعد وأفخر أب في العالم، أنت عبقري، لا أستطيع العثور على الكلمات".
ويستعرض “تليجراف مصر” قصة لوكا مودريتش نجم منتخب كرواتيا قبل مواجهة منتخب مصر في نهائي كأس عاصمة مصر في السطور التالية:
ويلات الحروب
في الثامن من ديسمبر عام 1991، خلال حرب الاستقلال الكرواتية، اقتحمت الميليشيات الصربية العنيفة قرية "مودريتشي" وهي قرية صغيرة بالقرب من جبال فيليبيت في شمال كرواتيا، وبثت الرعب في نفوس الأسر الكرواتية التي لم تهرب.
أحد الذين قتلوا كان جد لوكا مودريتش، الذي كان يسير مع ماشيته في شارع مهجور عندما حاصرته مجموعة من الصرب، كانت الفكرة وراء هذا العمل الهمجي هي إرسال رسالة إلى سكان قرية "مودريتشي" الآخرين مفادها أنه يجب عليهم مغادرة مدينتهم.
في ذلك الوقت، قام كان جد مودريتش يقوم بتربيته بينما كان والديه "ستيب ورادوكا" يعملان لساعات طويلة في مصنع للملابس.
ويقول مودريتش "كنت في السادسة من عمري كانت هذه أوقاتًا صعبة حقًا، أتذكرها بوضوح ولكن هذا ليس شيئًا تريد أن تتذكره أو تفكر فيه".
وبعد الحادث، اضطر والداه إلى مغادرة قرية مودريتشي واللجوء إلى فندق إيز في مدينة زادار بكرواتيا، وبدون أي كهرباء أو مياه، وأصبح صوت القنابل اليدوية والرصاص يتكرر يوميًا للصغير لوكا وشقيقته ياسمينا، ناهيك عن تجنب الألغام الأرضية التي قد تكون مدفونة في أي شارع.
هذا لم يمنع الطفل الصغير من ركل كرة قدم بجوار موقف سيارات الفندق، وكان يحلم بأنه في يوم من الأيام سيتمكن من إثبات وجوده في هذا العالم، إنها قصة من الفقر والحرب إلى الثراء والعبقرية المودريتشية.
نادراً ما يتحدث مودريتش عن الصعوبات التي يواجهها، ولكن عندما وقع مع توتنهام في عام 2008، تناول بإيجاز ذكريات الطفولة القاسية، وقال "عندما بدأت الحرب أصبحنا لاجئين وكان وقتاً عصيباً حقاً".
"لقد عشنا في فندق لسنوات عديدة حيث كنا نعاني ماليًا، لكنني دائمًا أحببت كرة القدم، أتذكر أن أول وسادات كانت عليها صورة رونالدو البرازيلي التي أحببتها بشدة".
"لقد جعلتني الحرب أقوى، وكان وقتاً عصيباً للغاية بالنسبة لي ولعائلتي، لا أريد أن أحمل ذلك معي إلى الأبد، لكني لا أريد أن أنساه أيضًا".
ويتحدث لوكا عن جده، إذ يقول: "لقد كنت مرتبطًا عاطفيًا جدًا بجدي، لقد كنت معه دائمًا، أعطاني والدي اسمه (لوكا) لم يكن ما حدث سهلاً، لكن عندما تكون صغيرًا، فإنك لا تفهم هذه الأشياء، لم يعد معنا ولا شيء يمكن أن يعيده".
كان مودريتش الحفيد الأول لجده، وكان الجد لوكا يعمل في إصلاح الشوارع ويعتني بالطريق القديم بين ساحل كرواتيا وجبالها، كان رجلاً وسيمًا وقويًا. لتطلق عليه العائلة لقب "الرجل القوي".
واحتفظ الجد لوكا بقطيع مكون من 150 رأسًا من الماعز والأغنام، وكان مودريتش يساعده في نقلهم إلى المراعي الجبلية.
في بعض الأحيان، كان الجد لوكا يأخذ الصبي الصغير لصيد الأرانب، لقد سمح له بحمل بندقيته مرة واحدة، وبدلاً من الذهاب إلى الحضانة، أمضى مودريتش أيام الأسبوع في منزل أجداده الحجري القديم بينما كان والداه يعملان في مصنع للملابس على بعد أميال قليلة.
وكتب مودريتش في سيرته الذاتية: “شعرت بحبه في ردود أفعاله الطيبة تجاه أذيتي، أو عندما يأخذني إلى سريري وأبقي هناك حتى أغفو، وشعرت بلطفه ودفئه دائمًا”.
"بمجرد أن أصبحت كبيرًا بما يكفي للتجول بمفردي، أخذني معه أينما ذهب، سواء في أعمال تجريف الثلج، أو الماشية إلى المرعى أو لشراء مواد البناء أو مجميع أنواع الإصلاحات، بالإضافة إلى مجموعة كاملة من الأشياء الأخرى التي يجب القيام بها في جميع أنحاء المنزل، كان جدي يعاملني دائمًا على أنني مساعده".
عصابات الشيتنيك
في بداية التسعينيات، كانت يوغوسلافيا القديمة تتفكك، وأعلنت كرواتيا استقلالها وكانت الحرب على الأبواب، بدأ الصرب بالسيطرة على المنطقة الجبلية التي يعيش فيها جد مودريتش، وأصبحت الأجواء متوترة وخطيرة.
غادر معظم السكان لكن أجداد مودريتش بقوا، كانت هناك عصابات من الشيتنيك تجوب الطرق الجبلية، وفي أحد الأيام اتصلت جدة مودريتش هاتفيا لتقول إنها شاهدت شاحنات تابعة للجيش الصربي على الطريق وأن زوجها لم يعد من المرعى.
وفي وقت سابق من ذلك الصباح، كانت عصابات الشيتنيك هم يغنون الأغاني الصربية أثناء مرورهم عبر الريف، لقد صادفوا جد مودريتش لوكا بينما كان يقود قطيع الأغنام والماعز إلى المرعى وركضوا نحوه، وهم يصرخون وقتلوا الرجل وأظهروا شهوة الدم.
"من أنت، ماذا تفعل هنا؟ هذه أرض صربية"، إذ صرخوا في وجهه. ثم قاموا بقتله بمدفع رشاش، قتلوا حينها ستة رجال أبرياء آخرين في ذلك اليوم، وعثر والد مودريتش على جثة والده وأعاده إلى المنزل.
يتذكر مودريتش "لم أكن أعرف ما الذي حدث عندما أحضروه إلى منزلنا، الشيء الوحيد الذي شعرت به هو الحزن. وضع والدي ذراعه حولي وأخذني إلى التابوت، وقال يا بني اذهب لتودع جدك، لم أتمكن من فهم أن هذه كانت المرة الأخيرة التي رأيته فيها، أخرجني والداي من الغرفة، لقد أرادا إبعادي عن المأساة، قلبي ينفطر في كل مرة أفكر فيه وهو يموت".
بعد بضع سنوات، عندما كان مودريتش في العاشرة من عمره، طلب معلمه من الطلاب أن يكتبوا عن شيء جعلهم يشعرون بالحزن أو الخوف، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يعبر فيها عن حزنه.
وكتب مودريتش حينها: "على الرغم من أنني ما أزال صغيرًا، فقد واجهت الكثير من الخوف في حياتي، الخوف من الحرب والقصف الذي لن أنساه أبدًا".
"أحببته للغاية، وبكى الجميع، ولم أستطع أن أفهم أن جدي العزيز لم يعد موجودًا".
لا ضغينة
"في بعض الأحيان تحدث أشياء مأساوية، ليس لدي أي كراهية تجاه أي شخص، لقد حدث ما حدث، لا يمكنك أن تنسى ما حدث ولكن لا يمكنك أن تنسى الكراهية، وقد وجدت عائلتي السلام في نهاية المطاف، لا نعرف من فعل ذلك".
“هناك أشخاص يهتمون بهذه الأشياء وعليهم الاهتمام بذلك وتحقيق العدالة، هناك أشخاص يحكمون على ما حدث في الماضي ولكننا نشعر بالسلام الآن” يتحدث مودريتش.
ذلك الفولاذ
لقد حمل مودريتش ذكرى جده معه طوال كل الانتصارات التي ميزت مسيرته، عندما فاز بالكرة الذهبية في عام 2018، كان معه هناك، وعندما يحقق دوري أبطال أوروبا مع ريال مدريد، كان جده هناك معه في قلبه، عندما قاد كرواتيا إلى نهائي كأس العالم في روسيا، كان هناك.
وربما لولا ما حدث، لم يكن مودريتش لينجح، ربما لم يكن ذلك الفولاذ الموجود في روحه بهذه القوة، ربما لولا الحرب لم يكن ليقاتل بهذه الشراسة ليتمكن من النجاح في اللعبة عندما يتبعه الرفض والشك من البعض خلال مسيرته
يقول مودريتش: "كل الأشياء التي حدثت في طفولتي ساعدتني على أن أصبح أكثر قوة، وأن أؤمن بنفسي وأن أقاتل من أجل أحلامي، لم أستسلم أبدًا".
"وكان كل شك بالنسبة لي بمثابة حافز إضافي لإثبات خطأ الناس أو إثبات أنني أستطيع فعل شيء ما، كان ذلك يمنحني المزيد من الثقة أو القوة لمواجهة التحدي التالي، كان ذلك مهمًا بالنسبة لي ألا أستسلم".
"أقول ذلك للأطفال الصغار لا تتوقفوا أبدًا عن الإيمان بأنفسكم، حتى عندما يخبركم الناس أنه لا يمكنكم فعل هذا أو ذاك، إنها الطريقة الوحيدة التي يمكنك من خلالها النجاح في شيء ما، ليس فقط في الرياضة، ولكن بشكل عام".
"عليك أن تؤمن بنفسك، وأن تستمد الحافز من الأشياء التي يقولها الناس، لقد ساعدني ذلك على عدم الاستسلام أبدًا، أنا مقاتل بشكل عام ولم يخطر ببالي أبدًا أن أستسلم لأن أحدهم قال شيئًا ما".
"ولا تضغط على نفسك طوال الوقت. أنت تتقبل أن كل هزيمة، أو كل عقبة، هي جزء من كرة القدم وتتعلم كيف تتعايش معها".
"كنت أفكر في جدي في كل مرة فزت فيها بأي شيء، كنت أتذكره دائما، أود أن يرى كل الأشياء التي حققتها أود أن يكون معنا هنا".
إلى كرة القدم
استبعد العديد من المدربين، مودريتش حين كان في العاشرة من عمره، بسبب اعتقادهم أنه ضعيفًا وخجولًا للغاية بحيث لا يمكنه التطور في اللعبة.
وتدخل المدرب توميسلاف بيسك، لينقذ مسيرة مودريتش مبكرًا ويلعب معه في نادي زادار، واستخدم اتصالاته للحصول على تجربة اختبار لمودريتش في نادي دينامو زغرب.
أعير مودريتش إلى زرينيسكي موستار ليفوز بجائزة أفضل لاعب في البوسنة والهرسك عندما كان يبلغ من العمر 18 عامًا، تبع ذلك فترة مؤقتة أخرى في نادي زابريسيتش، ومن ثم عاد ليصبح لاعبًا أساسيًا في نادي دينامو.
فاز مودريتش مع دينامو بثلاثة ألقاب دوري متتالية والثنائية المحلية مرتين، كان أسلوب مودريتش الرائع يشير إلى أنه أحد أفضل المواهب في أوروبا.
الجيل الذهبي لكرواتيا
بعد لعبه في صفوف منتخب شباب كرواتيا، لعب مودريتش أول مباراة دولية له مع الفريق الأول ضد الأرجنتين في مارس 2006، وشارك مرتين كبديل في كأس العالم بألمانيا.
وتحت قيادة المدرب سلافن بيليتش، فازت كرواتيا بمكان في بطولة أمم أوروبا 2008، مما منع إنجلترا من الصعود إلى البطولة.
وضمنت ركلة الجزاء التي نفذها مودريتش الفوز في المباراة الافتتاحية على النمسا، وأبهر الجميع في الفوز 2-1 على ألمانيا.
كانت الهزيمة بركلات الترجيح أمام تركيا في ربع النهائي مؤلمة، لكن المستقبل الذهبي كان ينتظر بالتأكيد مودريتش وإيفان راكيتيتش والبقية، لكنهم اصطدموا بفشل الوصول إلى نهائيات كأس العالم 2010.
الدوري الأقوى في العالم
كان برشلونة من بين الأندية المرتبطة بالتعاقد مع مودريتش قبل أن ينتقل إلى توتنهام في عام 2008، وعلى الرغم من البداية البطيئة للكرواتي في إنجلترا والأسئلة المألوفة حول لياقته البدنية، بدأ في التألق مع الفريق بعد أن حل هاري ريدناب محل خواندي راموس كمدرب لتوتنهام.
قدم الكرواتي أداءً رائعًا بجانب رافائيل فان دير فارت وجاريث بيل، ولعب مودريتش دورًا أساسيًا في وصول توتنهام إلى دوري أبطال أوروبا في موسم 2010-2011، قبل أن يخرج الفريق من ربع النهائي.
وإجمالا، لعب مودريتش 160 مباراة، نجح في تسجيل 17 هدفًا وقدم 25 تمريرة حاسمة.
المجد مع كرواتيا
انتهت بطولة أمم أوروبا 2012 وكأس العالم 2014 لكرواتيا بالخروج من دور المجموعات، لكنهم قدموا أداءً رائعًا وخرجوا من دور الستة عشر في يورو 2016 أمام البطل البرتغال.
كان كأس العالم روسيا 2018 بمثابة الفرصة الأخيرة لهذا الجيل لمحاكاة أداء دافور سوكر وزفونيمير بوبان في كأس العالم 1998 بفرنسا.
وتألق الفريق الكرواتي بشكل رائع في نسخة روسيا 2018، قبل أن يخسر في المباراة النهائية أمام فرنسا، لكن مكانة مودريتش بين العظماء حسمت التي أكدها فوزه بالكرة الذهبية لذلك العام.
أسطورة خالدة
يبقى مودريتش أحد أفضل لاعبي خط الوسط عبر التاريخ، بعد ظهوره بشكل رائع مع ريال مدريد ليكون “مثلث الرعب” مع توني كروس وكاسيميرو، ليتنافس مع ثلاثي برشلونة بوسكيتس وتشافي وإنييستا على من الأفضل عبر التاريخ.
وإجمالا، لعب مودريتش 521 مباراة مع ريال مدريد، نجح في تسجيل 39 هدفًا وقدم 84 تمريرة حاسمة، وفاز الكرواتي بـ23 بطولة مع ريال مدريد منها 5 دوري أبطال أوروبا.
-
04:55 AMالفجْر
-
06:26 AMالشروق
-
11:41 AMالظُّهْر
-
02:36 PMالعَصر
-
04:56 PMالمَغرب
-
06:17 PMالعِشاء
أحدث الفيديوهات
أخبار ذات صلة
"الدفاع الجوي" يستضيف بيراميدز والبنك الأهلي في الدوري
22 نوفمبر 2024 10:50 ص
الزمالك ضد المعادي.. 6 مباريات مثيرة اليوم في دوري السيدات
22 نوفمبر 2024 10:46 ص
أيمن يونس: زيزو من أهم اللاعبين في الزمالك وشيكابالا فضائي
22 نوفمبر 2024 03:49 ص
الأهلي يستعد لمواجهة زعيم الثغر في صراع جديد بالدوري المصري
22 نوفمبر 2024 06:39 ص
قرعة دوري الأمم الأوروبية.. الموعد والإجراءات
22 نوفمبر 2024 06:06 ص
موعد مباراة الأهلي والاتحاد السكندري في الدوري والقنوات الناقلة
22 نوفمبر 2024 05:39 ص
محمد فاروق: إبراهيم نور الدين خالف ما اتفقنا عليه في الإمارات
21 نوفمبر 2024 10:04 م
مانشستر يونايتد يستعد لضم لاعبه السابق في فترة الانتقالات الصيفية
22 نوفمبر 2024 02:36 ص
أكثر الكلمات انتشاراً