عامٌ من الآهات.. رسالة إلى "الغائب"
"حكاية مُرّة"، اسم فرض نفسه على عامٍ تمخضت فيه المشاعر، وتقلبت القلوب، وفكت نيران الشوق الجليد المتشبث بجوارحي، ليخلق نسخة منّي غير التي عاهدتها منذ أن ركلتُ رحم أمي معلنة خوض تجربة الحياة.
عامٌ ليس كأي عام، تعالت فيه الأسئلة التي عجز المنطق عن ردها، وانهال سيل من الدموع أعادت الحيوات مجددًا للرافدين، سيمفونية من الآهات الموجوعة باتت تُرتل كما لو كانت وصلة موسيقية للودفيج فان بيتهوفن.
ليلًا.. يحاكي القمر النَّوَّاسُ حواديت العشاق المعذبين، وتترقرق أعين السحب بالدموع وتنهال لتشفي أوجاع من ذاق مرارة الفقد، والذكريات باتت تقض مضاجعي.
ليلًا.. يفتح القمر ذراعيه لأستكين على صدره وأبدأ بالحكي.. فمرة أشكو له من ولع الحب لـ "الغائب"، وأخرى أبكي بحرقة لما فعله ذات الشخص بقلبي، ومرات أحاول استجداءه في محاولة لإيجاد إجابة على سؤالي الحائر: "ليه عمل فيا كدة".
ليلًا.. أتساءل.. كيف يضحك ويرتع وهو مغتصب للمشاعر وقاهر للقلوب؟، كيف تَذوّق شهد السكينة وهنأ وهناك جرحًا يتقيح من شدة الألم، ألم يفرز في حلقه الحنظل والمر الأجاج ليفقده التذوق ويلجم شهيته؟، ألم يوقظه من سباته العميق صراخ قلبي وصيحات أنيني؟ ألم يقلق مضاجعه السهاد الذي أكحل مقلتي؟
ليلًا.. أتساءل.. " هو أنا مش كفاية"؟
وبعد عصف ذهني طيلة اثني عشر شهرًا، وبعد مراقبة أفعال ومقارنة أقوال وتواتر أحداث، تيقن قلبي أنني وقعت في فخ "رجل يعاني رهاب الالتزام".
علّ عمله بالسياسة واحتكاكه بالمجال العام جعل منه شخصًا آخر، "فالسياسة لا تُبقي أحدًا على نفسه".
انتميت لأسرة بسيطة في تكوينها عظيمة في مبادئها، ففي طفولتي ظننت أن السياسة لا تصلح سوى للعقلاء والصادقين، فلا يتفوه برأي سياسي إلا لو كان أبا بكر في صدقه، إلى أن صفعتني الحياة على وجهي جعلتني أنحني خجلًا معتذرة لطفولتي البريئة عن تلك الأفكار الساذجة.
ذهاب وعودة.. ما بين هذا وذاك تفتت قلبي من الحيرة، وتشوه عقلي من التذبذب، وما بين "بحبك" و"خلينا أصحاب"، استجيب تارة وأتمرد أخرى.
علّ مقالي هذا رسالة إلى "الغائب"، إن أتتك الفرصة لتكون حبيبًا ومن ثم زوجًا.. فتعوّذ وصلّ واستخر، وحال إن وفقت فاسع لتكن "كفاية" لحبيبتك، لا تجعلها ترتعد خوفًا من هجرك، انثر الطمأنينة في روحها وسكّن مخاوفها وتعالَ عن الزيف، وأرجوك ثم أرجوك "كن صادقًا"، فالحياة لم تعد تتسع لمزيد من الزائفين.
"غائبي".. علك تستنكر وتحتد وتشجب وترفع الشعارات وتقيم المبادئ، وتتفوه بحجج السياسة العادلة، فماذا لو اعتبرت حبيبتك "فلسطين"؟ تنتفض ألما لوجعها، وتدافع عن مقدساتها، وتقيم الحروب من أجل استقلالها، أليست من فضت لأجلك بكارة قلبها تستحق منك "شوية تقدير"؟
"غائبي".. أعلم جيدًا أنني سكنت روحك، وداعبت رجولتك، وشغلت وقتك، كما أنني أتيقن تمام اليقين بأنني أنثى لن يجود الزمان بها إليك مجددًا.
"غائبي".. ليس بإمكانك طي صفحة الذكريات، لكن تذكر جيدًا أن " مُنيتك" لم تعد تنتظرك، وباتت تؤمن أكثر بقول الله عز وجل في سورة الضحى.. " وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى".
الأكثر قراءة
-
04:55 AMالفجْر
-
06:25 AMالشروق
-
11:41 AMالظُّهْر
-
02:36 PMالعَصر
-
04:56 PMالمَغرب
-
06:17 PMالعِشاء
مقالات ذات صلة
امنحني هذا الدواء.. وراقصني
16 فبراير 2024 12:14 م
ختامها مُر.. عندما دفنت "قلبي" بيدي
13 يناير 2024 06:06 م
أكثر الكلمات انتشاراً