الجمعة، 22 نوفمبر 2024

11:58 ص

"حرب غزة" تضع مصداقية مجلس الأمن على المحك

مجلس الأمن الدولي

مجلس الأمن الدولي

السيد حسين

A A

بعد إرجاء التصويت على مشروع قرار يدعو إلى هدنة في الحرب بين قوات الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس، من الإثنين إلى الثلاثاء ثم الأربعاء وصولا إلى اليوم الخميس، وسط خلافات بين الدول الأعضاء بشأن صيغة القرار، قال رئيس مجلس الأمن خوسيه خافيير دول لا غاسكا لوبيز- دومينيغيز "مجلس الأمن اتفق على مواصلة المفاوضات اليوم، لإتاحة وقت إضافي للدبلوماسية. وستحدد رئاسة المجلس موعدًا جديدًا في وقت لاحق بناء على طلب الولايات المتحدة، وفقا لوكالة "فرانس برس".


وكان من المقرر أن يتم التصويت على مشروع القرار، الإثنين الماضي، لكن تم تأجيله عدة مرات. ويسعى أعضاء المجلس إلى إيجاد صيغة تمكنهم من تفادي مواجهة طريق مسدود جديد، بعد رفض الفيتو الأمريكي السابق الذي حال دون إصدار قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وبعد أن كان النص يطالب في نسخته الأصلية بـ"وقف عاجل ودائم للأعمال الحربية"، أصبح الآن يكتفي بدعوة إلى "تعليق" المعارك.
وأعربت جامعة الدول العربية وروسيا، الأربعاء، عن أملهما في صدور قرار من مجلس الأمن يدعو لوقف إطلاق النار.

الفيتو الأمريكي

وصرّح دبلوماسي في الأمم المتحدة لوكالة “رويترز” قائلًا "تتواصل المفاوضات وتتطلب المزيد من الوقت، ويبدو أن التصويت العاجل قد لا يسفر عن نتائج إيجابية، ما يشير إلى احتمال استخدام الولايات المتحدة لحق النقض (الفيتو) على مشروع القرار".
يُشار إلي أن الهدف الرئيس للنص الذي وضعته دولة الإمارات، هو التقليل من سيطرة إسرائيل على جميع المساعدات الإنسانية الموجهة إلى 2.3 مليون شخص في غزة. وبشكل تقليدي، تعمل واشنطن على حماية حليفتها إسرائيل من أي إجراء تتخذه الأمم المتحدة.
وتم تأكيد التزامات أطراف النزاع بموجب القانون الإنساني الدولي في مشروع القرار الذي كان مقررًا للتصويت عليه. ويطالب القرار أطراف النزاع بالسماح بتقديم المساعدة الإنسانية، وتسهيلها، وضمان التسليم الفوري والآمن لها بدون عوائق، على نطاق واسع، للسكان المدنيين الفلسطينيين في جميع مناطق قطاع غزة.

فلسطينيون يقومون بإجلاء الناجين من القصف


 

فشل متكرر

ومنذ بدء الحرب على غزة، يشهد مجلس الأمن الدولي فشلًا متكررًا في اتخاذ قرار يهدف إلى وقف إطلاق النار في هذا الصراع الذي دخل شهره الثالث. وفي 9 ديسمبر الجاري، قاومت الولايات المتحدة مشروع قرار المجلس الذي يدعو إلى "وقف إنساني فوري لإطلاق النار" في غزة، رغم التضافر غير المسبوق للضغوط من قبل الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش.
واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا غير ملزم في هذا السياق بأغلبية 153 صوتًا من بين الدول الأعضاء الـ193، حيث صوّتت عشر دول ضده، وامتنعت 23 دولة عن التصويت. وهذا الدعم الواسع دفع الدول العربية إلى طرح نص جديد للتصويت لكن تم تأجيله لاحقًا.
وبحسب مراقبين كُثُر فإن الصراع الحالي في قطاع غزة كان اختبارًا لمجلس الأمن والأمم المتحدة، حيث أظهر النقص في القدرة على تحمل المسئوليات الدولية. وأشار الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، في كلمته الأخيرة بمنتدى الدوحة في قطر، إلى أن سلطة ومصداقية مجلس الأمن الدولي تضعفان نتيجة عجزه عن وقف إطلاق النار في القطاع.
فشل مجلس الأمن في التوصل إلى قرار يهدف لوقف إطلاق النار في غزة، نتيجة استخدام الفيتو الأمريكي، أثار انتقادات واسعة لواشنطن في المحافل الدولية، وتلقت الولايات المتحدة انتقادات من قبل العديد من الدول، ويرى مراقبون أن سلوك واشنطن في المجلس قد يؤدي إلى عزلها دوليًا.

مدرسة الفاخورة بعد استهدافها  في غزة

معارضة إسرائيلية


إسرائيل تعارض "وقف إطلاق النار" بدعم من حليفتها الولايات المتحدة، العضو الدائم في مجلس الأمن، الذي يتمتع بحق النقض. وأفاد مصدر دبلوماسي بأن التأجيل الأخير جاء بناءً على طلب من الولايات المتحدة، وفقًا لوكالة "فرانس برس".
وقال ريتشارد غوان، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية، إن العمل لا يتم في نيويورك بل في واشنطن، وأشار إلى أن الجميع في نيويورك ما زالوا ينتظرون البيت الأبيض، موضحًا أن هناك شعورًا قويًا بأن الرئيس الأمريكي جو بايدن سيتخذ القرار النهائي في هذا الشأن.
ووفق "فرانس برس"، فإن سفيرة أمريكا لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، قامت بجهود فعّالة داخل النظام الأمريكي للتوصل إلى اتفاق، لكن في حال استمرت المعارضة من قبل الإسرائيليين للقرار، يظل من الممكن أن يقرر الرئيس بايدن منع تبنيه.
وتدعو النسخة الأخيرة من المسوّدة إلى التعبير بشكل أقل عن الحاجة إلى "توقف فوري للأعمال العدائية، ما يمكّن من وصول المساعدات الإنسانية بسلام دون عراقيل، واتخاذ إجراءات عاجلة نحو تحقيق وقف دائم للأعمال العدائية".
وقال غوان “في حال امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت، يمكن لأعضاء المجلس الاستمتاع بإجازة عيد الميلاد بسعادة، وفي حال استخدام الأمريكيين حق النقض، سينطلق الجميع إلى العام الجديد دون معرفة التحديات التي يمكنهم مواجهتها في الأمم المتحدة للتصدي للحروب”.

تقرير مصير الشعب الفلسطيني


من جهة أخرى، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا بشأن حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره بأغلبية ساحقة، حيث أيدته 172 دولة، في حين عارضته 4 دول، هي الولايات المتحدة وإسرائيل وميكرونيزيا وناورو، وامتنعت 10 دول عن التصويت.
والقرار يؤكد حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، ويشجع جميع الدول والوكالات المختصة ومؤسسات الأمم المتحدة على مواصلة دعم ومساعدة الشعب الفلسطيني لتحقيق حقه في تقرير مصيره في أسرع وقت ممكن.
كما يُؤكد القرار بشدة ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ في عام 1967، وتحقيق تسوية سلمية عادلة ودائمة وشاملة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
وقد اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة مشروع قرار يؤكد على حقوق الشعب الفلسطيني الثابتة وغير القابلة للتصرف في موارده الطبيعية، إضافةً إلى السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني على أرضه في الأراضي المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية.
وصوّتت 158 دولة لصالح هذا القرار، بينما عارضته 6 دول، بينها الولايات المتحدة، وإسرائيل، وكندا، بينما امتنعت 13 دولة عن التصويت.

شاحنات المساعدات


 

أزمة إنسانية

ويعاني قطاع غزة، الذي يخضع لحصار إسرائيلي من أزمة إنسانية خطيرة. وتجدر الإشارة إلى أن معظم مستشفياته أصبحت خارج الخدمة، ما أدى إلى نزوح حوالي 1.9 مليون نسمة (85% من إجمالي سكان القطاع) من مناطق شمال غزة إلى جنوبها، نتيجة للدمار والقصف، بحسب تقارير للأمم المتحدة.
ويُظهر تقرير لمكتب تنسيق الشئون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، أن نصف سكان القطاع يعانون مستويات شديدة أو حادة من الجوع، حيث يُحرم 90% منهم بانتظام من تناول الطعام لمدة يوم كامل.
ورغم وصول 127 شاحنة تحمل مساعدات وبضائع إلى القطاع يوم الثلاثاء، عبر معبري رفح مع مصر وكرم أبو سالم في شمال إسرائيل، فإن هذه الإمدادات غير كافية لتلبية احتياجات السكان الأساسية.
ووفقًا للتقرير، فإن 10% فقط من السلع الغذائية الضرورية وصلت إلى قطاع غزة خلال الفترة الممتدة لمدة 70 يومًا.
وأعلن برنامج الأغذية العالمي، أمس الأربعاء، أن قافلة مساعدات وصلت إلى غزة، بعد أن انطلقت من الأردن، وتعتبر هذه القافلة الأولى من المملكة إلى القطاع منذ بداية الحرب.

فلسطيني يبحث عن ناجين وسط الركام


حصيلة العدوان

من ناحية أخرى، أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، أمس، ارتفاع عدد الشهداء منذ بداية الحرب إلى 20 ألفًا بينهم 8 آلاف طفل و6,200 من النساء، في حين بلغ عدد المصابين أكثر من 52 ألفًا و600 إصابة، منذ بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع في 7 أكتوبر الماضي.
وقال مكتب الإعلام الحكومي في غزة، الأربعاء، إن الاحتلال ارتكب 1,700 مجزرة، كما استشهد 310 من الطواقم الطبية، و35 من الدفاع المدني، و97 صحفيًا. كما لفت إلى أنه لا يزال هناك 6,700 مفقود إما تحت الأنقاض أو أن مصيرهم لا يزال مجهولًا، وأن 70% من هؤلاء هم من فئة الأطفال والنساء.
وحمل المكتب المجتمع الدولي والولايات المتحدة إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي، المسئولية الكاملة عن حرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال على غزة.

search