الخميس، 19 سبتمبر 2024

06:20 ص

"بخل" بيبو يجود بالبطولات.. كيف وصلنا للبرونزية الرابعة؟

الأهلي توج ببرونزية المونديال

الأهلي توج ببرونزية المونديال

سعيد علي

A A

وراء كل إنجاز، إدارة ناجحة خططت ونفذت وراقبت. ومع كل خيبة، إدارة أخرى تتحمل أسباب الفشل مجتمعة، هكذا تقول كل الأعراف، بأن النجاح والسقوط خلفه دائمًا كلمة واحدة "الإدارة".

في آخر 4 مواسم حقق الأهلي ثلاث بطولات دوري أبطال إفريقيا، وأرفقها بثلاث ميداليات برونزيات في مونديال الأندية، كان آخرها ميدالية الأمس، التي جاءت عقب الانتصار على أوراوا الياباني، وهو إنجاز لم يسق للأهلي تحقيقه في أي عهد، فجيل مانويل جوزيه الذهبي بما يحمله من ذكريات هي الأروع، اكتفى ببرونزية واحدة.

سياسات الإنفاق 

يصف قطاع ليس بقليل من جمهور الأهلي سياسات مجلس الأهلي، بقيادة محمود الخطيب، رئيس النادي بـ"البخيلة".

وعلى خلاف الشائع، فإن الأرقام تقول بأن سياسات الإنفاق الضخمة، والتي أسهمت في تكوين قائمة لاعبين ذات عمق في الأهلي، كانت السر الأقوى في هذه التتويجات.

طفرة 2019 

في 1 ديسمبر 2017 جاء مجلس "الخطيب" بعد مرحلة مجلس محمود طاهر، استغرق عامًا أعاد خلاله ترتيب البيت ووضع السياسات.

وفي مطلع 2019 وضحت سياساته في بناء جيل جديد، سيثبت لاحقًا شيئين، الأول عدم بخل "بيبو"، والثاني جودة كبيرة ستجلب المجد الغائب منذ 2013، حيث كانت آخر بطولة دوري أبطال حققها الأهلي.

عبد الله السعيد نجم الأهلي السابق

بديل "السعيد"

مثّل خروج عبدالله السعيد في ذلك التوقيت (2018)، شرخًا كبيرًا في بناء الأهلي، بعدما كان صانع الألعاب الذي يُبني حوله كل شيء.

كانت بدايات ظهور صانع ألعاب جديد اسمه محمد مجدي قفشة، فاوضه الزمالك لشهور وكان قريبًا منه، لكن لأن الأهلي أكثر رغبة واحتياجًا فاز بصفقته مقابل 20 مليون جنيه.

وفي نفس العام قاتل الأهلي لأجل صفقة هي الأهم بمركز وسط الملعب منذ 2019 وحتى يومنا هذا، حينما ضم حمدي فتحي من إنبي مقابل 30 مليونا.

مغامرة الشحات

في 6 يناير 2019 قامر الأهلي بدفع ما يزيد عن 120 مليون جنيه لضم حسين الشحات، من العين الإماراتي.

الجناح الأبرز في الكرة المصرية تألق في مونديال الأندية، مع العين الإماراتي وأبدع أمام ريال مدريد، كانت كلفته كبيرة، لدرجة دفعت الأهلي لفرض سرية كبيرة على سعره الذي تأكد فيما بعد أنه فاق الـ120 مليون جنيه.
 

حسين الشحات لاعب العين الإماراتي السابق

في الميركاتو ذاته استعار الأهلي رمضان صبحي مقابل 800 ألف جنيه إسترليني لمدة 6 أشهر، أملًا في دفع ثلاثة ملايين دولار أخرى للظفر بخدماته، لكن اختار بيراميدز فيما بعد.

واستكمالًا لميركاتو تاريخي، ضم الأهلي حينها ياسر إبراهيم، المدافع الذي سيصبح قلب الأسد، ورجل المواجهة المصيرية مستقبلًا، مقابل 22 مليونا في صفقة تبادلية تضمنت رحيل أحمد علاء، لاعب الفريق لسموحة آنذاك.

وفي صيف 2019 ضم الأهلي المالي أليو ديانج، من وفاق سطيف الجزائري مقابل مليوني يورو.

خلال 6 أشهر أنفق الأهلي قرابة 300 مليون جنيه على تدعيم صفوفه وبناء جيل جديد، أصبح ينافس بأرقامه وبطولاته اليوم، الجيل الذهبي مطلع هذه الألفية بقيادة النجم محمد أبو تريكة.

الصفقة الأهم

بنى الزمالك فريقًا رائعًا، كان ندًا كبيرًا للأهلي في نهائي القرن، فماذا حدث بعد ذلك؟

رحل أشرف بن شرقي نجم الفريق، وأكثر لاعبيه فعالية وجودة، مثلما فرطت الإدارة قبله في محمود عبد المنعم "كهربا" الذي كان يلعب الدور الأبرز عندما توج الزمالك ببطولة الكونفدرالية عام 2019.

طارق حامد وأشرف بن شرقي وفرجاني ساسي

وغادر طارق حامد، الذي كان أمان الزمالك، وحائطه المنيع، لسنوات طويلة دون تعويض الفريق بصفقة كبيرة، وبعده فرجاني ساسي أحد أفضل صناع اللعب القارة السمراء، وكذلك مصطفى محمد مستقبل هجوم المنتخب الوطنبي، ولحقهم إمام عاشور آخر الفارين، وكان "فتوح" قريبا من سلك نفس الطريق قبل أن تنقذ إدارة جديدة في ميت عقبة تحت قيادة حسين لبيب الموقف.

سقطت الأعمدة الأساسية في الزمالك فسقط البناء.

هذا لا يحدث في الأهلي، ومطلع كل صيف كانت الصفقة الأبرز هي الاحتفاظ بالأعمدة والثوابت في الفريق.

تلقى علي معلول عروضا كثيرة، حاول مرات أن يغادر إلى الدوري السعودي والإماراتي، لكن إيمان الأهلي بقيمته، ودوره في الفريق الذي لا يعوض، جعلها تتمسك به بكل الأدوات الممكنة.

علي معلول تألق في مونديال الأندية

احتراف ديانج وملايين الشناوي

فعل الأهلي الأمر ذاته مع محمد الشناوي، الذي وصله عرض لا يقاوم من الهلال السعودي، لكن التوقيت لم يكن مناسبا، وحينما قالت له الإدارة إن الفريق بحاجة شديدة له، لبى النداء واستمر.

في كل ميركاتو صيفي، لا بد وأنك ستصطدم بخبر مفاده عروض تركية وخليجية للمالي أليو ديانج، ومؤكد أن اللاعب حاول كثيرًا الخروج لكن الأهلي تمسك به إلى أبعد نقطة، فكان بقاء تلك الأعمدة في السنوات الماضية أحد أهم أسس النجاح.

عمق القائمة وتجديد الدوافع

لم تتوقف إدارة الأهلي عند حد الميركاتو التاريخي في 2019 ولا باحتفاظها بالأعمدة الرئيسية رغم الإغراءات، بل كان العمل على تجديد الدوافع وتحقيق العمق في قائمة الفريق مستمرًا في كل ميركاتو.

في 2020 واصل الأهلي التدعيم بطاهر محمد طاهر مقابل 20 مليونا، وأحمد عبدالقادر، وبعدها بأشهر وبالتحديد في 2021 جاء الجنوب أفريقي بيرسي تاو من برايتون الإنجليزي مقابل 2.7 مليون دولار، وألحق بهم كريم فؤاد.

4 لاعبين جدد تم إضافتهم في مركز الجناح، وألحق بهم هذا الصيف رضا سليم قادمًا من الجيش الملكي المغربي مقابل 2.1 مليون دولار.

ماذا يعني ذلك؟

أراد الأهلي أن يكون في كل مركز لاعب واثنين وثلاثة بجودة عالية.

صحيح سيقول البعض أن أحمد عبدالقادر، أو طاهر محمد لم ينجحا، لكن إذا كان الرقم اثنين وثلاثة في ترتيب مركز الجناح هو هدف تعاقدي لكل المنافسين بما فيهم الزمالك، فإنك ستتأكد من أن سياسات الأهلي حققت مرادها، بامتلاك قائمة قوية أقل لاعب فيها أقوى من أفضل لاعب في المنافسين.

تستطيع رؤية ذلك في مركز الظهير الأيمن أيضًا، فالأهلي لديه ظهير المنتخب محمد هاني، ينافسه ظهير المنتخب الآخر أكرم توفيق، ويداور معهما كريم فؤاد، وخالد عبدالفتاح.

صحيح الأهلي لم يجد مهاجما يليق به، لكنه أنفق الكثير لأجله حينما ضم أليو بادجي، ووالتر بواليا، ولم تساعدهما الظروف على التأقلم رغم الإجماع حول قدراتهما.

طريقة اختيار المدربين

تميز الأهلي في السنوات الأخيرة باختياره مدربين نجحوا بشكل كبير، رغم أنهم لم يكونوا مرشحين كبار لهذا المنصب، وربما ليسوا معروفين بالشكل الكافي لجمهور الأهلي.

السويسري رينيه فايلر، اسم لم يخطر على بال أحد، إذا عدت لردود الفعل وقت التعاقد معه ستجد غضبا كبيرا، الجميع كان يأمل في اسم أكبر، مثل هيرفي رينارد، لكن أشهر قليلة وبات "فايلر" جوزيه جديد في عيون الأهلاوية بفعل جمالية أدائه، ومكاسبه المتعددة.

ولما قرر الرحيل قدم مجلس إدارة الأهلي ملمحا جديدا من ملامح النجاح.

رينيه فايلر وبيتسو موسيماني

مدرب القرن

في خواتيم سبتمبر 2020 كان الأهلي يبحث عن بديل "فايلر"، والوقت ليس كافيا خاصة وأن الفريق مقبل على أهم مباراة في تاريخه، نهائي القرن في دوري أبطال أفريقيا أمام الزمالك.

محمود الخطيب رئيس النادي، اقترح التعاقد مع الجنوب أفريقي بيتسو موسيماني، في واقعة هي الأولى من نوعها، مدرب أفريقي على رأس القيادة الفنية للأهلي.

استقبل طه إسماعيل، نجم الأهلي الأسبق، اتصالًا من "بيبو" يقول فيه:" أفكر في مدرب صن داونز، يعرف الأهلي والزمالك جيدًا، ويعرف كيف يفوز بالمواجهات المباشرة، وله بصمات جيدة في النهائي".

زكى إسماعيل اختار صديقه، وأثبتا معًا صحة وجهة النظر، أراد الأهلي مدربا يخطف اللقب، لا يستكشف الفريق والقارة والأجواء، فنجا "بيبو" والأهلي من خسارة كانت ستكون الأقسى بتاريخ النادي إن حدثت، وسجل انتصارًا سيظل الأغلى.

وصول كولر

بعد "موسيماني" كان الأهلي مطالبًا بالبحث عن جودة أعلى، فاستقر الاختيار على سويسري آخر هو مارسيل كولر.

لم يحظ بتأييد كافٍ، ولم تكن محطته مع المنتخب النمساوي بما فيها من إنجازات، مغرية للأهلاوية، أصحاب الطموح الذي لا حد له.

السويسري رامون فيجا مدافع توتنهام السابق، والذي تدرب تحت قيادة مدرب الأهلي الحالي قال في تصريحات تلفزيونية قبل انطلاق مسيرة "كولر" رفقة الأحمر، إنه أفضل من جروس، وفايلر، وسيغير صورة مدربي سويسرا عند المصريين.

عام واحد فقط، وثبتت وجهة نظر "فيجا" ومعها صحة رؤية مجلس الأهلي، السويسري مارسيل كولر يعيد أمجاد الأهلي بخماسية تاريخية، وأخيرًا يأتي ببرونزية المونديال من السعودية.

مارسيل كولر قاد الأهلي للبرونزية الرابعة

الاستمرارية

كل شيء في الأهلي مخطط، الفريق الذي يحتكر البطولات ويفوز بكل الألقاب، يضع عينه على المزيد.

رغم كل الأرقام والمكاسب، ما زال يبحث عن التطوير، الآن يقترب من عمر كمال ظهير المنتخب رغم تخمة هذا المركز التي ذكرناها، يفاوض أكثر من مهاجم أجنبي، لديه خيارات عديدة لمركز المدافع، انتهى الأهلي من إنجاز البرونزية أمس، ويخطط لذهبية السوبر المصري في الإمارات، لكن ما يعكس استراتيجية عمل هذا المجلس وتفرده، نظرته إلى مونديال الأندية 2025 من الآن عبر تدعيمات يسعى إليها الآن، وستستمر الصيف المقبل.

search