السبت، 05 أكتوبر 2024

06:14 م

لبنان تتحول إلى جزيرة عائمة.. ما القصة ؟

مواطن لبناني يسير وسط الفيضان في لبنان

مواطن لبناني يسير وسط الفيضان في لبنان

أحمد سعد قاسم

A A

كانت لبنان أمس السبت على موعد كارثي، يبدو أنها اعتادت عليه في السنوات الأخيرة، فمن أزمة النفايات مرورًا بالكهرباء ثم الإفلاس وصولًا إلى انفجار مرفأ بيروت، تعيش لبنان هذه الأيام واحدة من أكبر مآسيها حيث شهدت منطقة زغرتا في شمال لبنان، حدوث فيضانات أدت إلى توقف البلد بالكامل.

تسببت الفيضانات التي جاءت من نهر بيروت، بسبب الهطول الزائد للأمطار ،في انهيارات أرضية مروعة، نتج عنها مصرع أربعة أطفال سوريين.

لقى الأطفال حتفهم، بعد انهيار سقف غرفة مصنوعة من الحديد وسقوطه عليهم، بسبب الأمطار الشديدة التي هطلت أمس على جانب السواحل والمناطق المحلية.

وفي ظل الطقس العاصف، استمر نظام الضغط المنخفض المؤثر على لبنان حتى الساعات الأولى من صباح اليوم الأحد، ما ترتب عليه آثار سلبية مثل تكون الكتل الهوائية الباردة وانخفاض درجات الحرارة وأمطار غزيرة وثلوج متفرقة ورياح قوية بسرعات تصل إلى 90 كيلومترا في الساعة في بعض المناطق.

تسبب ذلك الانهيار في إغلاق الطرق، وإغراق الشوارع والطرق السريعة بكمية هائلة من الماء ، والتي بات يصعب على المصارف استيعابها.

مواطنين يخرجون سيارة عالقة في منتصف الطريق بلبنان

تدهور البنية التحتية

ظهرت أزمة الفيضان في الوقت الذي يعاني فيه لبنان من تدهور شبه كامل في البنية التحتية، ما كان له أثر واضح في غرق المستشفيات المحيطة بنهر بيروت، حيث غمرت المياه قسمي الطوارئ والأشعة بمستشفى القلب المقدس، كما غمرت المياه مواقف السيارات.

وبسبب ارتفاع منسوب المياه إلى مستويات قياسية، لم يتمكن الناس من الخروج من سياراتهم في مناطق عدة بضاحيتي بيروت الشرقية والغربية، لا سيما منطقة الكرنتينا وبرج حمود وطريق المطار وداخل الأنفاق.

اضطر أفراد الدفاع المدني إلى إنقاذ الناس، بمن فيهم الأطفال والنساء الحوامل، باستخدام الرافعات أو عن طريق تحطيم نوافذ السيارات.

ولم تسلم أي منطقة في لبنان من السيول والفيضانات، بدءًا من نهر أبو علي شمالاً، مرورًا بنهر جاج في جبيل ونهر الكلب ونهر بيروت ونهر الغدير.

ووصلت المياه إلى برج البراجنة ومنطقة حي السلم في الضاحية الجنوبية لبيروت، فيما تحول طريق الحازمية إلى مستنقع.

وفي منطقة الشوف، انهارت صخور وجدران الشوارع، وتضررت منازل وعدة سيارات، وتحولت طرقات مدينة صور جنوبًا إلى مستنقعات.

المياه في لبنان تحاصر المواطنين داخل سياراتهم

مهمة إنقاذ

قال الدفاع المدني اللبناني إن المياه في منطقة الكرنتينا في بيروت ارتفعت إلى نحو 10 أمتار بسبب فشل وزارة الطاقة في تنظيف مجرى النهر.

وقال الدفاع المدني اللبناني عبر موقع التواصل الاجتماعي إكس - تويتر سابقا - إن عناصره أنقذوا 64 طالبًا حاصرتهم السيول في حافلتين بين نهر الكلب وجونيه، وتم تقديم الإسعافات الأولية لطالبتين.

ونفذت عناصر الدفاع المدني مهام إغاثية في برمانا في جبل لبنان وبيت شباب وزغرين وبولونيا وأنطلياس، حيث أزالت المياه من المنازل والمستودعات التي غمرتها المياه.،كما أنقذت القوات مدنيين إثنين كانا عالقين في سيارتهما بسبب الطين على طريق بسكنتا.

قال الدفاع المدني اللبناني، إنه انتشرت قوارب الإنقاذ لمساعدة المحاصرين على الوصول إلى أماكن آمنة، وفي أخر إحصائية قال الدفاع أنه قام بـ12 عملية إخماد النيران و 27 عملية إغاثية و23 عملية إسعاف، حتى الآن.

دولة فاسدة

تسببت الأمطار الغزيرة في ارتفاع منسوب مياه النهر في البترون، السبت، بشكل ملحوظ، ما أدى إلى غمر المقاهي والمطاعم.

ونشر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعيـ مقاطع فيديو تُظهر المياه تحيط بهم، بينما انتقدوا بشدة بما وصفوها بـ"الدولة الفاسدة".

وزير الأشغال العامة في حكومة تصريف الأعمال علي حمية

تبادل الاتهامات

وتبادل المسؤولون في المؤسسات العامة اللوم بشأن الأمر، وقال وزير الأشغال العامة في حكومة تصريف الأعمال علي حمية، خلال مؤتمر صحفي، إن وزارته ليست مسؤولة عن عزل وتنظيف مجرى النهر.

وأكد حمية ان ما حدث كان بسبب ارتفاع منسوب نهر بيروت بسبب غزارة الأمطار، وأن التقصير من وزارة الطاقة لعدم عمل عزل وتنظيف لمجاري الأنهار، وقال حمية أن البنية التحتيه للبنان بُنيت منذ عشرات السنوات ولم تُطور، حيث كان وقتها منسوب المياه مختلف تمامًا عن اليوم.

أنكر محافظ بيروت مروان عبود، أي مسؤولية عن فيضانات العاصمة.،وأوضحت دائرة العلاقات العامة في بيروت أنه ليست من مسؤوليتها ما جرى وإنما من مسؤولية إدارات أخرى كونها تابعة للأملاك العامة النهرية.

في ظهر أمس، تفقد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مسارات الطرق التي كانت مغلقة بسبب السيول، خاصةً في منطقة الكرنتينا ومجرى نهر بيروت، وشارك في الجولة محافظ مدينة بيروت مروان عبود الذي شرح له سبب انفجار نهر بيروت والإجراءات التي أُتخذت والمشروعات التالية التي سوف تستمر بعد تخفيف الضغط على المدينة.

وأكد رئيس الحكومة، أن هذه المشكلة ستكون محور إداري وقضائي للوقوف على المسؤولية والملاحقة للأشخاص المخطئين.

وأشاد رئيس الحكومة بالجهود التي قام بها عناصر من الدفاع المدنى، بإنقاذ المدنيين الذين حاصرتهم سيول وفتح الطرق.

search