الجمعة، 22 نوفمبر 2024

07:10 ص

صور مزيفة وفيلم لم يخرج للنور.. الصفحة 386 من مذكرات الشاذلي

ذكرى تحرير سيناء

ذكرى تحرير سيناء

روان عبدالباقي

A A

في ليلة جمعة 4 أكتوبر 1973 قرر رئيس أركان حرب القوات المسلحة، الفريق سعد الدين الشاذلي، أن يخلد إلى النوم مبكرًا لكي يأخذ قسطا من الراحة قبل أن تبدأ العمليات ويصبح من الصعب الحصول على فرصة للنوم، في غرفته الملاصقة لغرفة العمليات.

سيناريو اقتحام قناة السويس

حاول الشاذلي النوم في تلك الليلة حسبما كتب في مذكراته لكن دون جدوى، كان سيناريو  عملية اقتحام قناة السويس وحصار وتدمير خط بارليف يمر في خياله، وكلما انتهى عرض الفيلم عاد ليعرض نفسه من جديد، وهنا بدأ حوارا مع نفسه حول تصوير المعركة.

يقول الشاذلي في الصفحة 386 من مذكراته: "كنت أناقش مع نفسي فكرتين إحداهما تنادى بتصوير معركة العبور، والأخرى كانت تعارض الفكرة الأولى، فإذا قمنا بتصوير فيلم عن معركة العبور فإن قيمته السوقية يمكن أن تزيد على 100 مليون دولار، أما قيمته التاريخية فإنها لا تقدر بثمن.

يتساءل الشاذلي: كيف يمكن تصوير هذا الفيلم دون أن يكون مخرج الفيلم على علم مسبق بالسيناريو والمواقف والتوقيتات كلها، وهذا يعني إذاعة أسرار الخطة للمخرج في الوقت الذي حجبنا فيه هذه المعلومات عن كثير من القادة، وحتى القادة فإن كلا منهم يعرف فقط ما يخص القوات التي تحت قيادته ولا يعرف عن عمل باقي القوات الأخرى إلا بالقدر الذي يتيح له التعاون معها. 

فيلم للتاريخ

ويضيف أن إعلام المخرج بالمهمة كان مستحيلا حيث يحتاج إلى 3 أو 4 أيام لتجهيز نفسه لعملية التصوير، ولا يمكن أن يتم إخباره بذلك إلا صباح يوم السبت 6 أكتوبر، ناهيك عن أنه من الممكن أن يطلب طائرتي هليوكوبتر على الأقل لكي يستخدمهما في التصوير وهناك احتمال أن يقوم رجالنا بإسقاطهما على اعتبار أنهما طائرتان معاديتان.

يستكمل مخططه: حتى لو أصدرنا تعليمات مشددة بعدم إطلاق النار على هاتين الطائرتين فلا يمكن لأحد أن يضمن وصول هذه التعليمات إلى الأفراد جميعا وعلاوة على ذلك فإن إصدار مثل هذه التعليمات للجنود لتأمين طائرتي تصوير الفيلم قد يخلق لدى الجنود نوعا من التردد في إطلاق النار على طائرات الهليوكوبتر المعادية ظنا منهم أنها طائرات صديقة.

إن تسجيل التاريخ بالنسبة للشاذلي عملية مهمة، حيث رأى أنه من حق أبنائه وأحفاده أن يعرفوا ما قام به آباؤهم وأجدادهم لكي يفخروا به ويستفيدوا ويتعلموا منه، لكنه كان يعي أن إذاعة سيناريو العبور بكامله أمام مخرج الفيلم قبل بدء العمليات الحربية هي مخاطرة كبيرة ليس هناك ما يسوغها. 

صور مزيفة

وكشف لأول مرة في مذكراته أن الصور التي نشرت في الصحافة الوطنية والصحافة العالمية والتي كانت تمثل دباباتنا وهى تعبر فوق الكباري والمعديات وجنودنا المشاة وهم يركبون القوارب التي يرفرف عليها العلم المصري في أثناء العبور، كلها صور مزيفة لم يتم تصويرها أثناء المعركة.

وأكد الشاذلي أنها صور قام الإعلام المصري بالتقاطها بعد المعركة لأغراض الدعاية وقام بتمثيلها جنود كومبارس وأخذت لهم تلك الصور بعيدًا عن قصف المدافع ولعلعة الرشاشات، منوها إلى أنه لم يدخل مصور واحد إلى منطقة القتال إلا بعد ظهر 8 أكتوبر أي بعد بدء القتال بأكثر من 48 ساعة. 

search