الإثنين، 09 سبتمبر 2024

11:28 ص

انتعاش "السياحة الداخلية" يضمّد جراح القطاع المتأزم

منتجع كليوباترا بشرم الشيخ

منتجع كليوباترا بشرم الشيخ

أحمد مصطفى

A A

السياحة من أهم مصادر الدخل القومي والعملة الصعبة في مصر، حيث تسهم بنحو 12% في الناتج المحلي الإجمالي، وتوفر ما يزيد على ثلاثة ملايين فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، بحسب الهيئة العامة للإستعلامات. 

لكن هذا القطاع يواجه تحديات ومخاطر عِدة، تهدد استقراره ونموه، خاصة في ظل الأوضاع السياسية والأمنية المضطربة في المنطقة، التي تنعكس سلبًا على تدفق السائحين الأجانب والعرب إلى مصر.

تأثير الحرب

من أبرز هذه التحديات، الحرب الدائرة بين إسرائيل وغزة، التي أثرت بشكل مباشر في السياحة الوافدة إلى مصر، حيث أدت إلى إلغاء وتأجيل العديد من الحجوزات السياحية، خاصة من الأسواق الرئيسية مثل روسيا وأوكرانيا والسعودية والإمارات وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا. 

أمين صندوق جمعية الحفاظ على السياحة الثقافية، إيهاب عبد العال، أكد في تصريحات لـ"تليجراف مصر"، ضرورة دعم الدولة لقطاع السياحة خلال الفترة المقبلة والالتزام بتوجيهات رئيس الوزراء بمنح قروض ميسرة للمنشآت السياحية وإعادة فتح الفنادق المتعثرة، ودعم المنشآت السياحية حتى تستمر بالعمل بالحد الأدنى من القوة التشغيلية، مشيرًا إلى أن قطاع السياحة في مصر يواجه تحديات كبيرة مع الظروف الإقليمية المحيطة، خصوصًا الحرب على غزة والأزمة الروسية الأوكرانية، فضلًا تبعات جائحة كورونا.

وأضاف أن نسبة الإشغال الحالية انخفضت بمعدل 40% مقارنة بالعام الماضي، متأثرة بالتحذيرات التي وجهتها بعض الدول لمواطنيها من السفر، ما كبّد قطاع السياحة خسائر كبيرة.

وأشار إلى أن الوكالات الأجنبية طالبت شركات السياحة المصرية بتقديم خصم يصل إلى 25% على أسعار السياحة هذا الموسم، لإغراء السائحين على الالتزام بالبرامج السياحية مع الظروف التي تعيشها المنطقة بسبب الحرب في غزة، ولجذب أكبر عدد ممكن من السائحين الأجانب إلى مصر.

السياحة الداخلية وتخفيف الأزمة

في المقابل، شهدت السياحة الداخلية في مصر انتعاشًا ملحوظًا، حيث رفعت نسب الإشغال في الفنادق، خصوصًا في مدن الغردقة وشرم الشيخ والإسكندرية والأقصر وأسوان، بفضل الحملات الترويجية والمبادرات الحكومية والخاصة لتشجيع السياحة المحلية.

وأكد رئيس اتحاد الغرف السياحية، أحمد الوصيف، في بيان له، دور السياحة الداخلية في دعم القطاع السياحي في ظل تذبذب الأسواق الخارجية، مؤكدًا أن هناك جهودًا متواصلة لتنويع المنتج السياحي وتحسين جودة الخدمات وتقديم عروض مغرية للسائحين المصريين، لافتًا إلى أن السياحة الداخلية تسهم في تحريك عجلة الاقتصاد وتوفير فرص عمل ودخل للعاملين في القطاع.

آفاق التعافي والتنمية

ورغم التحديات التي تواجه السياحة في مصر، فإن هناك آمالا كبيرة في تعافي هذا القطاع واستعادة مكانته العالمية، من خلال تنفيذ مشروعات وبرامج واستراتيجيات تهدف إلى تطوير البنية التحتية والمنشآت السياحية، وتنشيط السوق الداخلية والخارجية، وترويج الوجهات الجديدة، وتحسين جودة الخدمات والمعايير المهنية، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتوسيع قاعدة المستثمرين والمشغلين والموردين، وتحقيق التنمية المستدامة والمسئولة.

ومن أبرز هذه المشروعات، المتحف المصري الكبير، الذي يعد أكبر متحف في العالم للآثار الفرعونية، والذي من المقرر افتتاحه في الربع الأول من العام المقبل، ويضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية، منها 5 آلاف قطعة من مقتنيات الملك توت عنخ آمون، ستعرض لأول مرة بشكل كامل.

ويقع المتحف على مساحة 117 فدانًا، على بعد كيلومترين من أهرامات الجيزة، ويتكوّن من عِدة مبانٍ وحدائق ومسارح ومكتبات ومراكز بحثية، ويستوعب حوالي 15 مليون زائر سنويًا.

أحد المنتجعات السياحية بشرم الشيخ

في مسارٍ موازٍ، تسعى الحكومة إلى تطوير السياحة البيئية والريفية، التي تستهدف شرائح جديدة من السائحين، مثل الشباب والعائلات والمهتمين بالطبيعة والتراث. وتشمل هذه السياحة زيارة المحميات الطبيعية والمناطق الزراعية والتاريخية، وممارسة الأنشطة المختلفة، مثل التخييم والمشي والتسلق والغوص والتزلج على الرمال والرحلات الصحراوية والنيلية.

كما تعمل وزارة السياحة على تحسين جودة الخدمات السياحية، من خلال تطبيق نظام جديد للتصنيف والترخيص والرقابة على المنشآت والمرشدين والوكالات السياحية، وتنفيذ برامج تدريبية للعاملين في القطاع.

search