الأحد، 07 يوليو 2024

02:29 ص

المبيعات فوق الأخلاق.. كيف تستغل الإعلانات غريزة الشعوب؟

إعلان الفنان حمدي الوزير

إعلان الفنان حمدي الوزير

أسامة حماد

A A
سفاح التجمع

انتشرت الأشهر الأخيرة، العديد من الإعلانات التي تحمل ألفاظ ودلائل خادشة للحياء استخدمتها الشركات المُعلنة للترويج لمنتجاتها بدلًا من الاعتماد على تميز جودة المنتج، استغلالا لميول غريزة الشعوب، فهل أصبح الأمر يُمثل خطرًا كبيرًا على المجتمع ويهدد الأطفال والمراهقين بأن يألفوها وينعكس ذلك على سلوكهم المجتمعي ما يكون مبررا للاعتداءات الجنسية.

وأثار إعلان لإحدى شركات صناعة الأثاث المنزلي بمدينة الغردقة، ضجة بسبب شعار وُصف بأنه “خادش للحياء” ليتدخل محافظ البحر الأحمر لإزالة اللافتات.

وفي 2020 أوقفت الجهات المسؤولة، إعلانا لشركة "قطونيل" المتخصصة في الملابس الداخلية، بعدما أثار حالة من الجدل لاحتوائه على مشاهد وكلمات مخالفة للآداب والتقاليد المجتمعية، وفي 2024 انتشرت لافتة إعلان بشوارع القاهرة للفنان حمدي الوزير تحمل كلمات وصفها الكثير بأنها غير لائقة وهذه الكلمات "ليك في الكيك".

إعلان شركة أثاث بمدينة الغردقة

مصطلحات لها رنين

عقب عضو لجنة الثقافة والإعلام بمجلس الشيوخ النائب طارق تهامي، بأن رغبة الشركات في التميز عن منافسيها هو الدافع الأول لاستخدامها ألفاظ خادشة وإيحاءات منافية للأخلاق، وتخطي فكرة المنافسة الطبيعية دون الوضع في الاعتبار قيم المجتمع وثقافته.

النائب طارق تهامي

افتقار المنتج إلى ما يميزه

وتابع تهامي: "افتقار المنتج إلى ما يميزه دون غيره من السلع المتاحة أحد أسباب لجوء تلك الشركات إلى حيلة استخدام ألفاظ غير مناسبة للقيم المجتمعية لجذب الانتباه"، مؤكدًا أن جودة المنتج يجب أن تكون هي العامل الأساسي في الترويج له.

كما أن الشركات المُعلنة تسعى لاستخدام مصطلحات لها رنين للترويج للمنتج من خلال تعليق الأمر بذهن ووجدان فئات الشعب، ويتم اختيار الألفاظ حسب الجمهور المستهدف، حتى وإن كانت تسيء للغة والسلوكيات ومن الممكن أن يألفها المراهقين والأطفال، وفقًا لرؤية أستاذة علم الاجتماع النفسي الدكتورة سوسن فايد.

ميل غريزة الشعوب

طمع الشركات لجني أموالا طائلة جعلها تستغل ميل غريزة الشعوب في الترويج لمنتجاتها من خلال استخدام طرقا خادشة للحياء منها "الأغاني أو عنصر المرأة أو إيحاءات جنسية أو رقص" ليحقق الأمر جاذبية لعدد أكبر من المواطنين مقارنة بأشكال الإعلانات الأخرى، حسبما ذكر أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة مصر اليابان الدكتور سعيد صادق.

الدكتور  سعيد صادق

خطورة تلك النوعية من الإعلانات 

وأكد “صادق” في تصريحات لـ "تليجراف مصر"، تعدد التبعات السلبية لهذه النوعية من الإعلانات وهي الاستغلال الجنسي للمرأة، وأضرار على المراهقين، فضلًا عن التأثير السلبي على سلوكيات الأطفال خاصة تقليده نفس الإيحاءات دون أن يدرك.

وشدد أستاذ علم الاجتماع السياسي، على خطورة الأمر، موضحًا أنه عند الحديث عن تقييد تلك الإعلانات يتشبث مروجيها بشماعة حرية التعبير للهروب من تلك القيود وضمان استمراريتها.

تدني السلوك العام 

من جانبها، أكدت الدكتورة سوسن فايد، ضرورة يقظة أعين متخذي القرار لضبط الإعلانات الخارجة عن حد الحياء، سواء في الشارع أو الشاشات، لخلق مناخ عام يتناسب مع مختلف  فئات الشعب، كبار وصغار ومراهقين، خوفًا من تدني السلوك العام والاخلاقيات وتصبح الألفاظ المستخدمة مستساغة في اللغة العامة.

الدكتورة سوسن فايد

التأثير على النشء

النائب طارق تهامي أوضح أن خطورة استخدام ألفاظ خادشة للحياء في الإعلانات تتمثل في عدة محاور، الأول هو التأثير على النشء لأن هذه الإعلانات ترسخ لدى الجيل الجديد التعود على التحدث بالألفاظ المستخدمة في تلك الإعلانات وعند التصدي له ستكون حجته بأنها وردت في الإعلانات في الشوارع والأفلام والمسلسلات وغيرها.

تجاوز الحد اللفظي

المحور الثاني وهو الأشد خطورة يتمثل في إمكانية تمادي الشركات المُعلنة ليتجاوز الأمر الحد اللفظي ويتطور مستقبلا إلى صور وفيديوهات، ما يستوجب استباق ذلك بوضع فاصل واضح للتفرقة بين المتاح والممنوع بحكم ثقافة وقيم المجتمع.

تفاوت حدة تأثر المجتمع

تتفاوت حدة تأثر المجتمع  بتلك الإعلانات حسب البيئة بين (الأرياف والبدو والمدن)، وكذلك الدرجة العلمية والتعامل مع الثقافات الخارجية خاصة الغربية، موضحًا أن أصحاب الفكر المحافظ فقط هم من يبتعدوا عن ذلك، حسب وصف الدكتور سعيد صادق.

تنصل المجتمع 

من جانبه، يرى النائب طارق تهامي، أن طبيعة المجتمع المصري تلفظ كل ما يتنصل من الذوق العام، وتجعله يُعرض عن اختيار احتياجاته من منتجات معلن عنها بهذه الطرق، لكن عدم التصدي للأمر يؤدي إلى ترسيخه باعتباره أمرا عاديا وهذا يمثل خطرا يهدد الجيل القادم.

إعلان الفنان حمدي الوزير

إجراءات للحد من الأزمة

طالب عضو مجلس الشيوخ، بتشديد الدور الرقابي على مراجعة الإعلانات بمختلف أشكالها قبل منح تراخيص عرضها على الجمهور خاصة أن المحتوى الإعلاني يذهب مباشرة إلى المستهلك دون فواصل.

واقترحت الدكتورة سوسن فايد، تدشين مشروع ثقافي يحسن من أخلاقيات وسلوكيات الأطفال والمراهقين، على كافة المستويات سواء الإعلاني أو المدرسة أو الأسرة في المنزل،  للترقي عن الألفاظ والسلوكيات المنافية للأخلاق والذوق العام.

كما طالب الدكتور سعيد صادق، بالتوعية في التعليم والإعلام والبرامج برفض مثل تلك الايحاءات حتى لا تكون هذه الإعلانات بمثابة تبريرات لعمليات التحرش والعنف ضد المرأة. 

 6 أشهر.. العقوبة القانونية

من جانبه، قال المحامي بالنقض أيمن محفوظ، إن الدولة المصرية تتصدى لانتشار ألفاظ خادشة بالإعلانات من خلال الجهاز القومي لتنظيم الإعلانات، طبقا لما نصت عليه  المادة الثانية من قانون رقم 208 لسنة 2020، بإصدار قانون تنظيم الإعلانات على الطرق العامة.

المحامي أيمن محفوظ


وتابع “محفوظ” في تصريحات لـ "تليجراف مصر"، أن القانون حدد شروطا ومعايير لوضع الإعلانات على الطرق العامة، ولا يجوز وضع الإعلان، إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من الجهات المختصة، وللجهة الإدارية المختصة أن تصدر قرارًا بإلغاء الترخيص إذا خالف المعلن شروط التراخيص أو اقتضى ذلك المصلحة العامة، مضيفا أنه يجوز إحالة الأمر إلى جهات التحقيق لاتخاذ إجراءات ضد المعلن إذا كان الإعلان يحمل مدلولا جنسيا أو إباحيا.

وأوضح أن المادة 306 مكرر (أ) من قانون العقوبات نصت بمعاقبة بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة 5000 آلاف جنيهًا أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعرض للغير في مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأية وسيلة بما في ذلك الرسومات والصور والاعلانات.

search