الجمعة، 22 نوفمبر 2024

02:32 ص

عادل إمام "زعيم التحولات".. أحبه أبي وسيحبه أبنائي

الزعيم.. لا يشبه أحد

الزعيم.. لا يشبه أحد

محمد صالح

A A

طرق اليأس باب "فهمي" أكثر من ألف مرة، لكنه لا يبالي، ظل يقاوم حتى نجح في التواجد بين الكبار، حينها بدأ يُجهز للانتقام ممن أحبطوه سابقًا.

بدأ فهمي بفتاة أحلامه، شجعها على الطلاق، وبعد أن أصبحت مهيأة له ودنت راكعة تحت قدميه، رفضها. 

أولى لحظات التحول في حياة فهمي بدأت بملابس جديدة، اهتم بأن تراه حبيبته بمظهره الجديد، ربما لم يتوقع أن تدخل في نوبة من الضحك بعد رؤيته، وكان واجبًا أن ينهي الجدال القصير بـ “قصف جبهة”، “إنتي واحدة من برة متزوقة.. ومن جوة فاضية!” 

هل تعامل فهمي بـ “سوداوية” في اللقاء الثاني؟


زعيم "التحولات" 

فيلم "حتى لا يطير الدخان"، لم يشهد فقط تحولا في شخصية البطل "فهمي"، ولكنه كان من أهم الأعمال التي قدمها الفنان عادل إمام في تلك الفترة، وساعده كثيرًا في تثبيت أقدامه على أرض النجومية و"الزعامة". 

قدم "الزعيم" فيلمه المميز في 1984، قبل ذلك، انخرط في تقديم العديد من الأفلام التي أطلق عليها البعض في حقبة "الثمانينات" من القرن الماضي "أفلام المقاولات". 

ولكن وسط تلك الأعمال، ظهر عادل إمام في نهاية حقبة "السبعينات" على الأخص، بأفلام مميزة، ربما أشهرها "إحنا بتوع الأتوبيس"، الذي مُنع من العرض كثيرًا في فترة حكم الرئيس الراحل حسني مبارك.

عاد في 1981 بأحد أهم أفلامه، “المشبوه” رفقة سعاد حسني وفاروق الفيشاوي، وفي 1983، قدم مع المخرج الراحل محمد خان رائعته "الحريف"، الذي لم يحقق نجاحًا حين عرضه، ثم أصبح من أهم الأفلام في تاريخ السينما المصرية من حيث الصورة وزوايا التصوير.

متى بدأت الزعامة؟

يخطئ من يظن أن "الزعيم" حصل على اللقب في منتصف التسعينيات مع عرض المسرحية الشهيرة التي حملت الاسم ذاته، قد يكون توج به رسميًا حينها، ولكن عادل إمام زعيمًا منذ بدايته، والدليل، بهجت الأباصيري.

"مدرسة المشاغبين"، عرضت للمرة الأولى في 1973، عام الحرب، قدمها الزعيم مع مجموعة من الشباب، سعيد صالح وأحمد زكي وهادي الجيار وسهير البابلي ويونس شلبي، مع الكبيران حسن مصطفى وعبد الله فرغلي.

3 سنوات فقط هي المدة التي فصلت عرض "مدرسة المشاغبين" والمسرحية الأخرى "شاهد مشافش حاجة"، وما بين 1973 و1976، شارك الزعيم في العديد من الأفلام، أبرزها "البحث عن المتاعب"، و"الزواج السعيد"، و"ممنوع في ليلة الدخلة". 

بهجت الأباصيري.. زعامة مبكرة


الزعيم.. أقدام ثابتة  

على الرغم من انتقاد البعض للعديد من الأعمال الفنية التي قدمها في حقبتي السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، لكنه كان يحتاج لذلك، الشهرة، المال، كلها أمور لا يجب إغفالها، وطالما لست "ملائكيًا"، فعلى الأقل ستتفهم الأمر.

هنا سيرضي عادل إمام “ملائكيتك” بعدة أفلام، أصبحت لاحقًا من علامات السينما المصرية، من بينها "رجل فقد عقله" مع فريد شوقي 1980، و"أمهات في المنفى" 1981، و"على باب الوزير" 1982، واستمر حتى نهاية حقبة الثمانينيات في تقديم وجبة سينمائية متنوعة، قدم خلالها "سلام يا صاحبي"، و"النمر الأنثى"، و"كراكون في الشارع"، وفي المنتصف قدم مسرحية "الواد سيد الشغال". 

قبل ذلك، وفي حقبة السبعينيات، حاول الفنان الكبير الظهور في العديد من المسلسلات التليفزيونية، لم يحقق بها نجاحات كبيرة، حتى جاء مسلسل "أحلام الفتى الطائر" في 1978، أتبعه بمسلسل "دموع في عيون وقحة" بعد عامين.

مع بداية حقبة التسيعنيات، نتحدث عن القرن العشرين بالتأكيد، أدرك عادل إمام أن الأمور تسير في طريق تحول جديد، وكان لزامًا أن يأتي سريعًا ومناسبًا للواقع، وأن يراعي عدة نقاط في تحوله الجديد. 

تحول عادل إمام هذه المرة لمرحلة تقديم أشبه بسينما الـ"جراندات"، تعامل مع نهاية مرحلته الشبابية بواقعية شديدة، وتحول لأدوار تختلف نوعًا ما عما قدمه في الثمانينات.

ظهر "الزعيم" في بداية التسعينات بأفلام مميزة، قدم ما بين عامي 1990 و1991، 5 أفلام هي "جزيرة الشيطان"، و"حنفي الأبهة"، و"شمس الزناتي"، و"اللعب مع الكبار"، و"مسجل خطر". 


أنا الزعيم.. من يبارز؟

“التحول الحقيقي” جاء في عام 1992، لا يعلم إن كان مقصودا، مسرحية "الزعيم"، إحدى أهم المسرحيات على الإطلاق، وثقت اسما وموقفا، ولكن مع فيلم "الإرهاب والكباب"، قرر عادل إمام مع وحيد حامد وشريف عرفة، الاشتباك مع النظام، سيناريو جريء وجُمل حوارية يتساقط منها لحم وجه “الفاسد” خجلا، فلنجرب الكثير من الجرأة.

“الإرهابي”.. الاشتباك السينمائي الأبرز

ربما شهد "الإرهاب والكباب" أيضًا اشتباكًا من بعيد مع الجماعات الإسلامية وأفكارها، عن طريق شخصية الموظف الملتحي "رشاد"، الذي قدم شخصيته الفنان أحمد عقل، .

قدم الزعيم في العام التالي فيلم "المنسي"، ثم قرر عام 1994 الاشتباك بشكل صريح مع الإسلاميين بفيلم "الإرهابي"، الذي قُدم في توقيت حرج شهد بعض الاغتيالات لشخصيات عامة.

وذكرت مصادر عدة حينها، أن جماعة "الجهاد" كانت قد قررت تصفية "عادل إمام" عقب عرض الفيلم، إلا أن محاولة اغتيال رئيس وزراء مصر الأسبق عاطف صدقي، والتضييق على أعضاء الجماعة بعدها، أنهت كل شيء.

كان على "الزعيم" مجاراة الوضع السينمائي في نهاية القرن، وانخرط في تقديم 3 أجزاء من فيلم "بخيت وعديلة"، الذي حمل هو الآخر بعض الرسائل غير المباشرة.

كما قدم في نفس الفترة فيلمي "النوم في العسل"، و"الواد محروس بتاع الوزير"، وفي منتصف كل هذا، قدم الفيلم المميز "طيور الظلام"، الذي يصنفه كثيرون كأحد أفضل الأفلام في تاريخ السينما المصرية.

الزعيم.. شباب لا يموت

هذه المرة لم يتدخل عادل إمام في تحويل دفة أمور السينما إلى شيء معين، ولكن انطلاقة السينما الشبابية في نهاية التسعينيات، كانت من المراحل المهمة في تاريخ السينما المصرية بأكمله. 

تعامل "الزعيم" مع الأمور بهدوء وذكاء شديدين، فطن إلى الأمر سريعًا وأظهر أنه لن يقبل بنهاية أسطورته السينمائية كما حدث للعديد من الفنانين الكبار في هذه الفترة، ممن لم يجيدوا التعامل مع تحول السينما. 

خرج الفنان الكبير بأفلام مميزة، "أمير الظلام"، و"التجربة الدنماركية"، و"عريس من جهة أمنية"، فعل كل شيء من أجل استمرار المنافسة، حتى ولو كانت القمة لا ترغب حينها في مغازلته بنفس الطريقة السابقة، ولكنه استمر في مغازلتها. 

اشترك في بطولة جماعية مع نور الشريف وآخرون، بفيلم "عمارة يعقوبيان"، عاد من جديد للعزف منفردًا في "مرجان أحمد مرجان"، شارك الراحل عمر الشريف في 2008 بطولة "حسن ومرقص"، ثم استعان بصديقته يسرا في "بوبوس".

ثنائية “حسن ومرقص” حققت نجاحات كبيرة

الزعيم.. أستاذ ورئيس قسم
 

أدرك الزعيم أن لكل مقام مقال، وأن تغيير الخريطة السينمائية أصبح واجبًا، عاد من جديد للدراما التليفزيونية التي لم يقترب منها منذ عام 1980، باستثناء مرة وحيدة في منتصف التسعينيات.

قدم أحد أهم الأعمال الخالدة في الدراما التليفزيونية بالقرن الحالي، مسلسل "ناجي عطالله"، واستمر في الظهور بدراما رمضان كل عام بلا توقف، وقدم "العراف"، و"صاحب السعادة"، و"أستاذ ورئيس قسم"، و"مأمون وشركاه"، و"عفاريت عدلي علام"، و"عوالم خفية". 

غاب الفنان الكبير عن الدراما لعام واحد، ثم عاد في 2020 بمسلسل "فلانتينو"، آخر الأعمال الفنية للزعيم. 


انفصل الزعيم بعد ذلك عن هوايته المفضلة، التمثيل، تقارير كثيرة تتحدث عن الاعتزال، المرض، ولا يرد الزعيم، كعادته. 

والآن، يحظى "الزعيم" بمزيد من الهدوء، قرر أن يكون التحول هذه المرة لصالح أحفاده، فضل البقاء معهم، بعيدًا عن صخب الإعلام، ومواعيد التصوير.

كل سنة وإنت طيب يا زعيم!.

search