الخميس، 19 سبتمبر 2024

07:36 ص

"الخط العربي اللوجيستي" يضع مصر في قلب تجارة العالم

إحدى سفن شركة الجسر العربي للملاحة

إحدى سفن شركة الجسر العربي للملاحة

ولاء عدلان

A A

في 24 ديسمبر الماضي، أعلنت شركة الجسر العربي للملاحة، التي تأسست عام 1985 بموجب اتفاق بين مصر والأردن والعراق، تشغيل خط التجارة العربي للنقل بين ميناء العقبة الأردني والموانىء المصرية كمسار بديل لتلبية طلبات العملاء في أعقاب تعليق بعض شركات الشحن عملياتها في مضيق باب المندب.

ودشنت مصر بالتعاون مع الأردن والعراق، من خلال شركة الجسر العربي للملاحة، أخيرًا، المرحلة الأولى لتفعيل خط التجارة العربي اللوجيستي المتكامل، ضمن مساعيها للتحول إلى مركز عالمي للتجارة واللوجيستيات، فما الأهمية الاستراتيجية للمشروع وما التحديات التي قد تحد من فاعليته؟

جاهزية مصر

أستاذ هندسة الطرق بجامعة عين شمس، الدكتور حسن مهدي، يقول إن خط التجارة العربي يأتي استثمارًا لموقع مصر الجغرافي المتميز وسط العالم العربي مع موانئ تربطها بأوروبا والولايات المتحدة، والذي يؤهلها لتصبح مركزًا للتجارة بين الشرق والغرب ودول جنوب العالم والشمال.
ويوضح مهدي لـ"تليجراف مصر"، أن جاهزية البنية التحتية في مصر جعلت هذا المشروع، الذي جرى الإعلان عنه منتصف العام الماضي 2023، يتحول إلى واقع من خلال تدشين مرحلته الأولى التي تستهدف نقل البضائع بحريًا من ميناءي العقبة ونويبع المصريين، ثم برًا عبر سيناء من خلال طريق “نويبع - طابا”، وصولًا إلى موانئ شرق بورسعيد ودمياط والإسكندرية للعبور إلى الموانئ الأوروبية والأمريكية.
ويضيف أن مصر خلال السنوات العشر الماضية نجحت في بناء وتشغيل 5 أنفاق جديدة أسفل قناة السويس، ممثلة في نفقي الإسماعيلية، ونفقي بورسعيد، ونفق الشهيد أحمد حمدي، والتي سهّلت حركة التجارة والنقل بين شرق وغرب سيناء، واختصرت زمن عبور قناة السويس إلى نحو 20 دقيقة، مشيرًا إلى أن الحكومة المصرية تمكنت أيضًا من تطوير الموانئ البحرية لتعزز تنافسيتها، وفي هذا الإطار وقعت أخيرًا اتفاقية مع موانئ أبوطبي لتطوير وإدارة  محطة “سفاجا 2” التي تدخل ضمن الممرات الاستراتيجية المشمولة في المشروع وتربط منطقة البحر الأحمر بصعيد مصر.
يتابع “مصر حاليًا تسعى لاستكمال المرحلة الثانية من خط التجارة العربي من خلال إنشاء خط سكك حديد بطول يصل إلى نحو 500 كم للربط بين طابا والعريش وبئر العبد للوصول إلى الفردان في الإسماعيلية”.


هدف استراتيجي

الهدف الأكبر لمشروع خط التجارة العربي هو تحويل مصر إلى مركز عالمي للتجارة والاستغلال الأمثل لموقعها الاستراتيجي وتعظيم التعاون مع دول الخليج العربي، وفق تصريح سابق لوزير النقل الفريق كامل الوزير.
ويرى عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات، الدكتور محمد البهي، أن تحويل مصر إلى مركز تجاري ولوجيستي عالمي هدف استراتيجي في ظل التحديات الراهنة التي تواجه حركة التجارة العالمية، مضيفًا “كما يُقال إن من قلب المحن تأتي المنح، فإن خط التجارة العربي تتبلور أهميته حاليًا في ظل بحث العالم عن بدائل أرخص للشحن، خصوصًا بالنسبة إلى البضائع الآسيوية القادمة إلى منطقة الشرق الأوسط”. 
ويضيف “رأينا كيف تسببت حرب غزة وهجمات الحوثي منذ 19 نوفمبر 2023 في رفع تكاليف الشحن وتعليق بعض الشركات لمرور رحلاتها عبر قناة السويس، ومن قبل ذلك ارتفعت تكاليف الشحن العالمية خلال عام 2022 بأكثر من 60% على خلفية حرب أوكرانيا”.
يتفق معه عضو شعبة المستوردين حسين مكاوي، موضحًا أن هذه التوترات الأمنية رفعت تكاليف التأمين على السفن القادمة إلى المنطقة، ودفعت شركات الشحن للبحث عن بدائل، ومن هنا تأتي أهمية خط التجارة العربي، مضيفًا أن  عبور صادرات وواردات الدول الخليجية عبر خط التجارة العربي سيكون أقل تكلفة مقارنة بالطرق البديلة كرأس الرجاء الصالح أو الشحن جوًا، فالشحن البري والبحري سيظل منافسًا للشحن الجوي سواء على مستوى الوزن أو التكلفة.

الرئيس الراحل حسني مبارك وعاهل الأردن الراحل الملك الحسين بن طلال أثناء افتتاح شركة الجسر العربي


عوائد اقتصادية 

يرى محمد البهي أن مشروع خط التجارة العربي سيدر على مصر عوائد تنافس عوائد قناة السويس والدول النفطية، سواء من خلال رسوم عبور السفن والشاحنات للموانئ والطرق المصرية أو جذب استثمارات جديدة للمناطق ذات الطبيعة الخاصة (مناطق التجارة الحرة)، تحديدًا المؤهلة لاستضافة الصناعات التجميعية. 
ويوضح أن موقع مصر الاستراتيجي يسمح لها بالمنافسة عالميًا في قطاع الصناعات التجميعية، خصوصًا بعد استكمال خط التجارة العربي، فضلًا عن أهمية المشروع لتطوير الصناعة المصرية، نظرًا إلى الدور الذي تلعبه شبكات الطرق في دعم الصناعة. 
من جانبه، يرى حسين مكاوي أن خط التجارة العربي من المنتظر أن يعزز حركة التبادل التجاري بين مصر ودول الخليج من جهة وبين الدول الأوروبية والأمريكية والدول الخليجية من جهة أخرى، يشار إلى دول الخليج العربي لديها علاقات تجارية مع الاتحاد الأوروبي تتجاوز الـ100 مليار دولار.
وخلال اجتماع في 24 ديسمبر الماضي، أوضح مدير عام شركة الجسر العربي، عدنان العبادلة، أن نقل الصادرات الأردنية عبر الخط العربي إلى أسواق أوروبا وأمريكا، يقلّل زمن وصول الشحنات وتكلفة النقل الأمر الذي يسهم في تعزيز تنافسية صادرات المملكة.
وأشار إلى أن شركة الجسر العربي، وهي شريك أساسي في تنفيذ خط التجار العربي، تقدم تسهيلات عدة لمستخدمي الخط، أبرزها توفير وحدات بحرية متخصصة في الشحن، وتعدد الخطوط الملاحية، وثبات تكلفة النقل على مدار العام وسرعة الإجراءات في الموانىء والمعابر. 

طريق “طابا  - نويبع”


عقبات يمكن تجاوزها

ويعتقد حسين مكاوي أن أهم عقبة قد تواجه مشروع خط التجارة العربي هي ارتفاع رسوم الجمارك وزمن الإفراج الجمركي عن البضائع، مشيرًا إلى أن هذه العقبة يمكن تجاوزها من خلال الاتفاقيات التجارية بين الدول الثلاث مصر والأردن والعراق. 
فيما يشير الدكتور حسن مهدي إلى أن هذا النوع من المشروعات غالبًا ما يواجه مشكلات هندسية في أثناء التنفيذ يجري التغلب عليها من خلال البحث عن حلول ملائمة تضمن تنفيذ ممرات المشروع وفق المعاير العالمية وبأقل تكلفة ممكنة، وفي رأيه مصر تغلبت على جانب كبير من هذه المشكلات.
ويرى أن المشروع قد يواجه بعض العقبات التشريعية بدخوله إلى مرحلة التشغيل الفعلي، وتحديدًا فيما يتعلق باختلاف القوانين المنظمة للجمارك بين مصر والأردن والعراق، وهو أمر يمكن حلحلته عبر اللجان المشتركة بين هذه الدول، وفق مهدي.

search