الجمعة، 22 نوفمبر 2024

03:48 م

وادي الشيح.. قصة نجاح من رحم المعاناة في صعيد مصر

صورة من اعلي المشروع

صورة من اعلي المشروع

محمد ابوعقيل

A A

كانت البداية عام 2002، عندما أنشأت الدولة المصرية مشروع وادي الشيح بهدف استصلاح وزراعة 10 آلاف فدان، بمنطقة وادي الشيح بمركز البداري محافظة أسيوط بصعيد مصر.

ولم ير وادي الشيح النور بسبب عدة معوقات وتحديات كان أبرزها طبيعة التربة، حتى أعادت الدولة إحياء المشروع بالشراكة مع القطاع الخاص.

نموذج للتعاون مع القطاع الخاص

ويقول أستاذ الاقتصاد الزراعي، الدكتور أشرف كمال، إن المشروع يعد نموذجا للتعاون بين القطاع الخاص والشركات التابعة للقوات المسلحة المتمثلة في جهاز مشروعات الخدمة الوطنية.

ويضيف "قامت القوات المسلحة بشراكة القطاع الخاص باختراق العديد التحديات منها "وعورة" الأرض وارتفاع نسبة الملوحة بها وصعوبة استصلاحها"، مشيراً إلى أن إنتاجية محصول القمح قد زادت عن الإنتاجية المعتادة التي تتراوح بين 18-20 أردب للفدان ووصلت الإنتاجية إلى 25 أردب للفدان وهي إنتاجية عالية بكل المقاييس.

ويتابع كمال في تصريحات لـ"تليجراف مصر"، "رئيس مجلس إدارة شركة "مودرن فارمينج"، وجه بالتعاون مع الدولة فيما يتعلق بالاستزراع واستصلاح الأراضي في شمال ووسط سيناء".


معاناة وادي الشيح

وكانت هذه المنطقة تعاني العديد من المشاكل منها انتشار كثيف للأحجار والصخور، التفاوت الكبير في مناسيب سطح التربة وتماسك طبقاتها، لذلك كانت هناك صعوبة في صرف المياه الزائدة.

كما أن التربة كانت تعاني من ارتفاع نسبة الملوحة، وانتشار الحشائش والنباتات البرية مما أدى لعدم الاستفادة واستغلال كامل مساحة المزرعة.


إعادة إحياء المشروع

بدأت مرحلة إعادة إحياء المشروع بتحريك 52.5 مليون متر3 من الرمال لتسوية التربة مع تنفيذ أعمال إحلال وتجديد التربة بحجم 18.6 مليون متر3 وإزالة 73.5 مليون متر3 من الأحجار والصخور.

كما تم تنفيذ معالجات كيميائية وحيوية للتغلب على ارتفاع نسبة الملوحة في التربة وزيادة خصوبتها والحفاظ على تماسك طبقاتها مع عمل منظومة صرف زراعي تغطي كامل مساحة المشروع.

وعقب المراحل السابقة التي مر بها المشروع بدأت عملية إنشاء البنية التحتية الشاملة للمشروع والتي تضمنت مد ترع بطول 3 كم وخطوط مياه بطول 126 كم، وإنشاء شبكة كهرباء بطول 120 كم، بالإضافة لشبكة طرق بطول 85 كم، مع إنشاء أحواض لتخزين المياه ومحطات لرفع المياه.

تنفيذ المشروع بتقنيات زراعية حديثة

كما نجحت الدولة خلال العامين الماضيين في استصلاح وزراعة كامل مساحة المشروع وفقا لأحدث نظم الزراعة الرقمية التي تعتمد على تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي والاستشعار عن بعد، حيث تم استخدام الطائرات المسيرة لأول مرة لرش المبيدات وتنفيذ المسح الرقمي، بجانب معدات زراعية هي الأحدث من نوعها مثل حساسات مياه التربة ومحطات الأرصاد الرقمية.

دفعه للقطاع الخاص

أكد كمال، أن هذه دفعة للقطاع الخاص للمشاركة في مشروعات الاستصلاح الزراعي بعد أن تحملت الدولة الجزء الأكبر في إنشاء البنى التحتية لهذه المشروعات، حيث إن القطاع الخاص لا يستطيع تحمل تكاليف إنشائها بمفرده، لأن تكلفة البنية الأساسية والتكاليف الاستثمارية والتكاليف الثابتة مرتفعة جدا، وإنما يمكنه الدخول كشريك في الإنتاج.

قدرات إنتاجية عالية 

كما استصلحت الدولة أكثر من 2000 فدان قمح بإنتاجية 7500 طن، بالإضافة لزراعة 3000 فدان من الذرة الصفراء، 1200 فدان ذرة رفعية، و1400 فدان من الشعير، 1120 فدان فاكهة، 1000 فدان من البطاطس، 500 فدان محاصيل علفية، 500 فدان بصل، 300 فدان سمسم، 250 فدان بنجر سكر، 250 فدان فول بلدي، بالإضافة للنباتات الطبية والعطرية المخصصة للتصدير، حسب جهاز مشروعات الخدمة الوطنية.

ليس من المشاريع الضخمة ولكن 

وأوضح، أن مزرعة وادي الشيح نموذج يحتذى به وإذا تم الاستمرار في إقامة مشاريع مثيلة له فسوف يؤدي ذلك إلى نتائج كبيرة خصوصاً في ظل الإنتاجية المرتفعة للمحاصيل الإستراتيجية بالمشروع رغم أنه ليس من المشاريع الضخمة، ولكن إذا تم تعميم تجربة وادي الشيح فسوف يتم توفير كمية كبيرة من المحاصيل الاستراتيجية وعندها نضمن الأمن الغذائي.

قيمة مضافة

كما أن مزرعة وادي الشيح لا تعمل على الزراعة فحسب لكنها أيضاً تهدف لعمل قيمة مضافة للمحاصيل المنتجة من المزرعة، حيث تم إنشاء مجمع تصنيع زراعي متكامل، وتحتوي المزرعة على أنشطة للإنتاج الحيواني والداجنى، وتم استيراد سلالات محسنة من أبقار الألبان واللحوم، ويوجد بها أيضاً مزرعتي أغنام، ومنحل لإنتاج عسل النحل، كذلك يتم استغلال أحواض تخزين المياه لإقامة مزارع سمكية بإنتاجية 200 طن في الدورة.

search