الجمعة، 22 نوفمبر 2024

05:37 م

صفقات الاستحواذ في السوق المصرية.. انتعاشة برخص التراب

حجرا نرد على خلفية من المؤشرات

حجرا نرد على خلفية من المؤشرات

ولاء عدلان

A A

حالة من النشاط تشهدها صفقات الاستحواذ والدمج في السوق المصرية منذ مارس الماضي، بعد أن تراجعت قيمتها خلال العام الماضي بقرابة 60% على أساس سنوي.. فما أسباب هذه الانتعاشة وكيف تؤثر على أداء البورصة المصرية خلال الفترة المقبلة.

شهدت صفقات الاستحواذ ارتفاعا ملحوظا منذ قرار تحرير سعر الصرف الصادر في 6 مارس الماضي، الذي أدى إلى مزيد من التراجع في قيمة العملة المحلية “الجنيه” بنسبة وصلت إلى 50% قبل أن تتعافى لاحقا، حسبما ذكر خبير الأسواق المالية محمد عبدالحكيم.

جاذبية مرتفعة 

وأضاف عبدالحكيم في تصريحات لـ “تليجراف مصر” أن أحدث هذه الصفقات عرض الاستحواذ المقدم من شركة إلكترا إنفستمنت هولدينج الإماراتية  لشراء 24.5% من الأسهم المصدرة لشركة السويدي إلكتريك، وقبل هذه الصفقة جرى الإعلان عن العديد من الصفقات منذ مارس بعضها تم كصفقة استحواذ بي انفستمنتس على 68.9% من أسهم أوراسكوم المالية واستحواذ فيليب موريس على 14.7% من الشركة الشرقية-إيسترن كومباني، فيما لا تزال بعض الصفقات قيد التنفيذ مثل عرض استحواذ الشركة السعودية المصرية للاستثمار، المملوكة للصندوق السيادي السعودي، على 51.21% من سيرا للتعليم.

وأوضح أن تراجع قيمة العملة، السبب الأساسي وراء هذه الصفقات، إذ عزز جاذبية الاستحواذ على الشركات المصرية خصوصا تلك التي تحظى بنتائج أعمال قوية وتحقق تدفقات دولارية نتيجة وجودها في أسواق خارجية، مشيرا إلى أن بعض الشركات تتداول حاليا عند مستويات سعرية أقل من قيمتها العادلة كشركة السويدي لذا عرض الاستحواذ الذي تلقته أظهر تقيما للسهم بقرابة 49.9 جنيه متجاوزا سعره السوقي البالغ حاليا 46.8 جنيه. 

وقد سجلت صفقات الاستحواذ والدمج في مصر خلال 2023 تراجعا في العدد بأكثر من 50% لتقتصر على 140 صفقة بقيمة 3.5 مليار دولار نتيجة لنشاط السوق الموازية الذي دفع إلى إطلاق موجة مبالغ فيها من الدولرة (إعادة تقييم السلع والخدمات والأصول وفق سعر الدولار الموازي)، الأمر الذي جعل الشركات والمؤسسات أكثر ترددا بشأن حسم قراراتها الاستثمارية بما فيها صفقات الاستحواذ، هذا فضلا عن أثر ارتفاع الفائدة الذي يضع قيودا على قدرة الشركات على التوسع في استثماراتها، وفقا لتقرير سابق لمكتب بيكر آند ماكينزي للاستشارات. 

مردود إيجابي

رأى عبدالحكيم أن نشاط صفقات الاستحواذ خلال هذه الفترة يعكس ثقة المستثمرين وتحديدا الأجانب والعرب في السوق المصرية، وبالطبع هذا سيكون له مردود إيجابي على أداء البورصة خلال الفترة المقبلة، على سبيل المثال القطاعات التي تشهد نشاطا لصفقات الاستحواذ من المتوقع أن ترتفع أسهمها خلال الفترة المقبلة فعندما يتم إعادة تقييم لسهم شركة ما نتيجة لتنفيذ صفقة ناجحة عليه هذا يعزز فرص الأسهم المناظرة له في الارتفاع عند مقارنتها به.  

صفقات الاستحواذ ببساطة هي صفقات شراء تجريها الشركات للسيطرة على جزء من أسهم شركة ما أو شرائها بالكامل، لتحقيق أهداف أبرزها التوسع والاستحواذ على حصة أكبر من السوق وأحيانا تكون هذه الصفقات عدائية عندما تُجرى لأسباب مثل التخلص من الشركات المنافسة عبر شرائها وتصفيتها لاحقا، لذا تخضع لرقابة الجهات المعنية باستمرار لمنع أي ممارسات قد تضر بالمساهمين في الكيانات محل الاستحواذ أو تتعارض مع قوانين المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية. 

وحصلت شركة السويدي نهاية مايو الماضي على موافقة الهيئة العامة للرقابة المالية للمضي قدما في تنفيذ عرض الشراء الاختياري لأسهمها بالدولار من قبل "إلكترا إنفستمنت" المملوكة لشركة توو بوينت زيرو التابعة لشركة العالمية القابضة الإماراتية، على أن يتم التنفيذ من خلال سوق الصفقات الخاصة من 2 يونيو حتى 9 يوليو المقبل بسعر 1.05 دولار للسهم الواحد الأمر الذي دفع سهم السويدي للارتفاع من مستوى 34 جنيها في منتصف مايو إلى نحو 45 جنيها بنهاية الشهر نفسه. 

صورة من داخل البورصة المصرية 

برخص التراب 

قالت مديرة التداول في شركة العربية أونلاين منى مصطفى، إن تحرير سعر الصرف أنعش بالفعل سوق صفقات الاستحواذ، لكن من جهة أخرى يمكنا القول أنه بالتزامن مع تراجع الجنيه مقابل العملات الأجنبية الأخرى تباع غالبية الشركات التي يُجرى الاستحواذ عليها حاليا “برخص التراب” مقارنة بحجم أعمالها وأصولها ونتائجها المالية.

وأوضحت في تصريحات لـ"تليجراف مصر" أن الحكومة منذ العام الماضي فتحت الباب أمام العديد من صفقات الاستحواذ على الشركات المدرجة في البورصة من خلال برنامج الطروحات، على غرار صفقة استحواذ جلوبال الإماراتية على 30% من أسهم الشركة الشرقية -ايسترن كومباني بقيمة 600 مليون دولار. 

وأضافت أن برنامج الطروحات الحكومية ساهم أيضا في تنشيط صفقات الاستحواذ في القطاع الخاص، مع تسليط الضوء بشكل أكبر على وجود العديد من الشركات التي تتداول أسهمها عند مستويات سعرية أقل بكثير من قيمتها الحقيقة، مشيرة إلى أن الشركات تلجأ إلى قبول عروض الاستحواذ لعدة أسباب أبرزها الحاجة إلى توفير سيولة جيدة. 

تخارج الشركات

أشار خبير الأسواق المالية حسام عيد، إلى أن السوق حاليا بحاجة إلى تسريع وتيرة تنفيذ الطروحات الحكومية وأيضا تنفيذ المزيد من الطروحات الجديدة لتعزيز مستويات السيولة وجذب المزيد من رؤوس الأموال المحلية والأجنبية، وخاصة أن بعض صفقات الاستحواذ قد تؤدي إلى تخارج الشركات من السوق، الأمر الذي يؤثر سلبا على أحجام السيولة ويتطلب تشجيع الكيانات على القيد في البورصة خلال الفترة المقبلة. 

في أبريل الماضي أعلنت شركة بي انفستمنتس أن أسهم أوراسكوم المالية ستظل مدرجة في البورصة بعد إتمام صفقة الاستحواذ لكن ستتم إدارتها بواسطتها، وقبل يومين أعلنت السويدي إلكتريك أنها ستعقد اجتماعا قبل 27 يونيو الحالي، لبيان رأي مجلس الإدارة في جدوى عرض الاستحواذ المقدم من إلكترا إنفستمنت وتأثيره على استمرار قيد الشركة في البورصة بعد تنفيذه، الأمر الذي يفتح الباب لتخارج الشركة من السوق بمجرد إتمام الصفقة.

وتوقع عيد، أن تشهد السوق العديد من صفقات الاستحواذ خلال الفترة المقبلة مدفوعة بعدة عوامل أهمها استقرار سعر الصرف وارتفاع شهية المؤسسات الأجنبية للاستثمار في الأسهم المصرية فضلا عن وصول غالبية أسهم الشركات لمستويات سعرية جاذبة لاسيما بعد موجة جني الأرباح التي تشهدها السوق خلال الفترة الأخيرة.

search