صابر حارص يكتب: كيف يكون القلب وليس العقل هو مصدر التعقل والتفقه؟
القلب هو مصدر العقل والفهم والفقه والإلهام والإبداع والحب والحنان والإيمان والاستقامة والأخلاق والتدين والتربية.
والقلب أيضًا وليس العقل هو وعاء العلم والتفكير والتدبر وإصدار القرارات، وهو مستودع وصانع الرحمة والعطاء والعفو والرضاء.
هكذا هو القلب في الإسلام مركز التعقل وإرسال الرسائل العاقلة إلى الجسم
فإذا صلح القلب صلحت تصرفاتك وأعمالك وأقوالك، وصدق لسانك وطاب مظهرك ومخبرك، وإذا فسد القلب فسدت أعمالك وكذب لسانك وتغير مظهرك عن مخبرك وعدت من المنافقين.
لما لا؟ وفي القلب مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، كما أخبرنا هادي الأمة الذي يوحى إليه من رب العالمين
لما لا؟ والله تعالى يقول- مخبرًا عن دعاء عباده الراسخين في العلم: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران:8] لاحظ هنا أن رب العزة سبحانه وتعالى لم يقل
(رَبَّنَا لَا تُزِغْ عقولنا) مع أن المعنى يستقيم مع العقل: زاغ العقل وتزيغ العقول..
لما لا ؟ وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ» وكان صلى الله عليه وسلم يعلِّم أصحابه رضي الله عنهم أن يدعوا بهذا الدعاء: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ... قَلْبًا سَلِيمًا، وَأَسْأَلُكَ لِسَانًا صَادِقًا».
لذا وجب أن تهتم في دعائك لقلبك بأصدق الدعاء وأخلصه، كما أن واجب الدعاة وربما خبراء التنمية البشرية أن يهتموا بتدريب القلوب أكثر من العقول لأنها وعاء الفضائل المراد إيقاظها في الإنسان، وهي أسرع وأقوى في التغيير من بقية الجوارح الأخرى.
هنيئًا لمن كان لهم قلوب يعقلون بها، وليست قلوب لا يفقهون به، ففي الحالتين يقر القرآن أن مصدر التعقل والتفقه هو القلب.
طالع ما يلي على سبيل الاستدلال وليس الحصر بعض الآيات والأحاديث التالية:
1- وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾ 179 سورة الأعراف.
2_ (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) الآية 46 سورة الحج.
3- كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (59) سورة الروم..
4- ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) 24 سورة محمد.
5- يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ(88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ(89) سورة الشعراء.
6- فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ" 10 سورة البقرة.
7- ومن الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم:
( استفت قلبك، البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك ).
8- وقال عليه الصلاة والسلام أيضا:
أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ». متفق عليه.
ومن ثم فإن المعنى الشائع بأهمية سيطرة العقل على نزعات وميول القلب يحتاج إلى مراجعة أعمق وأدق، يأتي في قلبها أطروحة القلب بوصفه مصدر التعقل والتفقه بنص القرآن الكريم.
الأكثر قراءة
-
04:55 AMالفجْر
-
06:25 AMالشروق
-
11:41 AMالظُّهْر
-
02:36 PMالعَصر
-
04:56 PMالمَغرب
-
06:17 PMالعِشاء
مقالات ذات صلة
غلاة الصوفية.. ابتداع يحسبونه تجليات ومراجعة الملف ضرورية
24 سبتمبر 2024 09:52 م
الهلالي ضحية تفريط يحسبه تيسير
05 سبتمبر 2024 01:00 م
دكتور صابر حارص يكتب: حكاية محافظ سوهاج وطبيبة المراغة
17 يوليو 2024 10:55 م
صابر حارص يكتب: نصيحة من محب للشيخ علي جمعة
21 مارس 2024 10:52 ص
أكثر الكلمات انتشاراً