منذ 7 أشهر.. قناة السويس وحركة التجارة العالمية في مرمى نيران "الحوثي"

تواصل نيران جماعة الحوثي تهديد حركة الملاحة في واحد من أهم ممرات التجارة العالمية منذ نوفمبر 2023، على الرغم من استمرار الضربات الأمريكية والبريطانية ضدها، ما شكل ضغطا متزايدا على إيرادات قناة السويس وحركة التجارة العالمية ولا يبدو أن نهايته قريبة ما لم تنفد ذخائر الحوثي. 

أشار أستاذ هندسة البترول بجامعة فاروس الدكتور رمضان أبو العلا، إلى أن هجمات الحوثي التي بدأت قبالة مضيق باب المندب بالبحر الأحمر في 19 نوفمبر 2023 وعلى الرغم من فشل أغلبها، لا تزال تؤثر سلبا على حركة عبور السفن بقناة السويس إذ تدفعها للالتفاف حول القارة عبر طريق رأس الرجاء الصالح عوضا عن المرور بالقناة وسط ارتفاع احتمالات التعرض لنيران الحوثي، مشيرا إلى أن إيرادات قناة السويس تراجعت منذ بداية العام الحالي بأكثر من 50%. 

آفاق قاتمة  

وأضاف أبوالعلا أن تحويل مسار السفن العملاقة من قناة السويس إلى رأس الرجاء الصالح مكلف على صعيد تكلفة الوقود اللازم للرحة التي تزيد مدتها بـ9 أو 10 أيام إضافية مقارنة بالعبور من خلال قناة السويس، موضحا أن اضطراب الملاحة في البحر الأحمر انعكس على سلاسل الإمداد العالمية بمزيد من التأخيرات في عمليات التسليم حول العالم كما أدى إلى رفع تكاليف التأمين البحري الأمر الذي ترجم إلى زيادة في أسعار غالبية السلع المشحونة بحريا على الصعيد العالمي لاسيما وأن القناة تهيمن على قرابة 12 % من حركة التجارة العالمية.

كشف تقرير حديث للاستخبارات الأمريكية أن تحويل السفن من قناة السويس إلى طريق رأس الرجاء الصالح يضيف قرابة 11 ألف ميل بحري لزمن الرحلة، ويترجم إلى زيادة بنحو مليون دولار في تكاليف الوقود للرحلة الواحدة، ووفقا لبيانات هيئة قناة السويس أدت توترات البحر الأحمر وهجمات الحوثي إلى تحويل مسار قرابة 3395 سفينة إلى طريق رأس الرجاء الصالح حتى الآن. 

خلال مايو وحده تراجعت حركة عبور السفن من القناة بأكثر من 115%، وبينما حققت القناة أعلى إيرادات في تاريخها العام المالي الماضي عند 9.4 مليار دولار يتوقع صندوق النقد الدولي أن تتراجع هذا العام إلى أقل من 7 مليارات دولار مقابل توقعات حكومية بتراجعها إلى 5 مليارات دولار، لذا قررت هيئة قناة السويس مطلع الشهر الحالي تمديد العمل بتخفيضات الرسوم المطبقة على قرابة 12 نوعا من السفن والناقلات العابرة حتى نهاية 2024، وتتراوح هذه التخفيضات بين 15 و75% . 

العالم رهينة لدى الحوثي

أعلنت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، أمس الثلاثاء، العثور على حطام سفينة في آخر موقع جرى رصد سفينة توتور اليونانية فيه قبل استهدف الحوثي لها في 12 يونيو الحالي قرب مدينة الحديدة اليمنية، لتصبح بذلك ثاني سفينة تجارية يتأكد غرقها منذ بداية هجمات الحوثي في نوفمبر 2023.  

تجاوز عدد الهجمات التي شنتها جماعة الحوثي على السفن التجارية وأصول تابعة للبحرية الأمريكية عتبة الـ190 هجوما حتى الآن وفقا لبيانات البنتاجون، هذا في وقت تواصل البحرية الأمريكية تنفيذ عمليات عسكرية ضد الحوثي منذ بداية العام، كلفتها قرابة مليار دولار جرى إنفاقها على الذخائر فقط اللازمة للتصدي للطائرات بدون طيار والسفن الملغمة التي تستخدمها الجماعة اليمنية،وفق تقرير حديث لموقع آكسيوس الأمريكي. 

وبحسب البنتاجون حتى الآن غيرت 29 شركة شحن كبرى على الأقل مسار رحلاتها بعيدا عن قناة السويس، لتنخفض حركة شحن الحاويات عبر البحر الأحمر بـ90% اعتبارا من فبراير الماضي، فيما أضرت هجمات الحوثي بمصالح أكثر من 65 دولة حول العالم. 

مطلع الشهر الجاري أفادت عملاقة الشحن البحري، "ميرسك" بأن خطوط الإمداد العالمية تأثرت أكثر مما كان متوقعا بتوترات البحر الأحمر وسط توقعات بأن يدفع تكدس غالبية الموانئ في آسيا والشرق الأوسط نتيجة الالتفاف عبر طريق رأس الرجاء الصالح الأسعار عالميا إلى الصعود خلال الفترة المقبلة. 

من جانبها خفضت منظمة التجارة العالمية توقعاتها لمعدلات نمو حجم التجارة العالمية خلال العام الحالي إلى 2.6% من توقعاتها الصادرة نهاية أكتوبر الماضي والبالغة 3.3% ، في ضوء ارتفاع المخاطر المحيطة بآفاق حركة التجارة نتيجة للتوترات الجيوسياسية واضطراب الملاحة في ممرات رئيسية مثل قناة السويس وقناة بنما. 

وفقا لشركة Xeneta النرويجية لأبحاث السوق، أدت توترات البحر الأحمر إلى حالة من الفوضى في سلاسل الإمداد والتوريد البحرية العالمية وسط زيادة ملحوظة في تكاليف الشحن إذ قفزت تكلفة شحن الحاويات في رحلة من الصين إلى شمال أوروبا بقرابة 350% خلال الشهر الماضي وحده بينما ارتفعت من متوسط يتراوح بين 1000 دولار و1500 دولار قبل الهجمات إلى قرابة 8 آلاف دولار حاليا.