الجمعة، 22 نوفمبر 2024

02:26 ص

حتى إشعار آخر.. مصانع الأسمدة تحت رحمة "الغاز"

مصانع كيما أعلنت توقفها عن العمل

مصانع كيما أعلنت توقفها عن العمل

ولاء عدلان

A A

موجة من التوقف عن العمل ضربت مصانع الأسمدة في مصر منذ مطلع يونيو الحالي، وصلت ذروتها أمس مع إعلان أكبر شركة لإنتاج الأسمدة النيتروجينة في الدولة توقف مصانعها، وإعلان أخرى تخفيض حضور موظفيها 50%، لتوفير التكاليف التشغيلية.. فماذا يحدث؟ 

حتى الآن وبشكل رسمي، أبلغت 4 شركات أسمدة مدرجة في البورصة المصرية هي شركة الصناعات الكيماوية المصرية (كيما)، وشركة مصر لإنتاج الأسمدة “موبكو” وأبوقير للأسمدة وسيدي كرير، توقف العمل بمصانعها لحين إشعار آخر، نتيجة قطع إمدادات الغاز.

أزمة متصاعدة

أحدث هذه الشركات، شركة (كيما)، التي أعلنت مع ختام تعاملات البورصة أمس الأول، توقف مصانعها عن العمل، لحين تحسن الظروف التشغيلية لشبكة الغاز، مع تراجع سهم موبكو بقرابة 1.6% ليكون الأكثر انخفاضا بين أسهم القطاع، التي نجحت في التماسك، رغم انخفاضها في مستهل التعاملات بنسب تتراوح بين 0.3% و1.7% . 

وتوقع رئيس المجلس التصديري للصناعات الكيماوية خالد أبو المكارم في تصريح لـ"تليجراف مصر"، أن تتسع رقعة الأزمة حال استمرار  نقص إمدادات الغاز، وأن تعلن المزيد من المصانع توقف عملياتها. 

وهذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها مصانع الأسمدة للتوقف عن العمل هذا الشهر، ففي 5 يونيو اضطرت إلى تعطيل العمل بمصانعها، تزامنا مع إجراءات للصيانة الوقائية في جزء من شبكات تداول الغاز الإقليمية، وأيضا زيادة في معدلات الاستهلاك المحلي من الكهرباء نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، ما أدى لتذبذب الضغوط في الشبكة، ودفع وزارة البترول إلى تخصيص حصة هذه المصانع لصالح محطات إنتاج الكهرباء. 

لكن هذه الأزمة انتهت على الفور، إذ أعلنت وزارة البترول بتاريخ 6 يونيو عودة  ضخ مدادات الغاز الطبيعي تدريجيا لمصانع الأسمدة.

أما الأزمة التي طفت إلى السطح اعتبارا من الثلاثاء الماضي، فقد تجلت في إعلان شركة أبوقير للأسمدة وسيدي كرير توقف مصانعهما عن العمل نتيجة لنقص الإمدادات، ثم لحقت بهم موبكو وكيما، صباح أمس، دون أن يصدر - حتى لحظة كتابة هذه السطور - بيان من الحكومة، بشأن الأزمة ومصيرها.

أعلان شركة كيما توقف مصانعها عن العمل 

وفي المقابل، أقدمت شركة سيدي كرير، المصنفة ضمن قائمة فوربس كواحدة من أفضل 10 شركات مدرجة بمصر، على خفض  حضور موظفيها إلى المقار الإدارية بنسبة 50%، بهدف تقليل التكاليف التشغيلية في ظل الأزمة الحالية، وقالت في بيان داخلي للموظفين إنها قررت أيضا تقليص حضور الموظفين في الإدارات الإنتاجية والهندسية والفنية، بالإضافة إلى الإدارات المعاونة التي ترتبط بعمليات الإنتاج، بنسبة لا تزيد على 50% وفقًا لاحتياجات العمل وظروف كل إدارة، مع تنفيذ نظام العمل بالتبادل اليومي.

كما قررت الشركة تطبيق إجازات استثنائية بأجر كامل للموظفين اعتبارًا من 26 يونيو 2024، بناءً على تقارير زمن العمل التي يعتمدها كل مدير عام، مع مراعاة تسوية هذه الإجازات في رصيد الإجازات نهاية العام.

تأثير الازمة 

أوضح ابوالمكارم ان توقف المصانع عن العمل حال إطالة أمده سيؤدي إلى نقص في المعروض المحلي وبالتبعية سيؤدي إلى زيادة في الاسعار  وتراجع لصادرات القطاع فضلا عن زيادات في أسعار  المنتجات الغذائية نتيجة لارتباط قطاع الأسمدة بعدة قطاعات أخرى أبرزها الزراعة والصناعات الغذائية. 

وتوقع ان تسهم الجهود الحكومية في احتواء الأزمة قريبا ومنع تأثيرها على الأسواق خلال الفترة المقبلة. 

من جانبه، قال نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، في تصريح له إن أزمة مصانع الأسمدة رفعت أسعار الأسمدة بالسوق السوداء من 17 إلى 20 ألف جنيه، مقارنة بسعر طن الأسمدة المدعومة البالغ 4800 جنيه، وتوقع حال استمرار الأزمة أن تؤدي إلى رفع أسعار الخضروات والمحاصيل في موسم الحصاد المقبل، باعتبار أن هذه المحاصيل سيتم زراعتها بتكلفة أعلى من المعروضة حاليا في الأسواق وبالتبعية سيرفع المزارعون أسعارها لتغطية تكاليف الإنتاج. 

بيان شركة سيدي كرير بشأن خفض طاقة حضور موظفيها 

اعتذار ووعد بحل الأزمة 

قال رئيس شركة أبوقير للأسمدة عابد عز الرجال، في تصريح له، إن مصانع الأسمدة جميعها توقفت عن العمل خلال هذه الفترة، مشيرا إلى أن هذه  هي المرة الثالثة التي تتعرض العمليات التشغيلية لمصانع القطاع للتوقف خلال الفترة الأخيرة، بسبب ارتفاع استهلاك الطاقة تزامنا مع ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات غير مسبوقة.

وأوضح عز الرجال أن الحكومة قامت باستيراد شحنات إضافية من الغاز لحل الأزمة قريبا.

خلال الأسبوع الحالي لجأت الحكومة إلى زيادة ساعات تخفيف الأحمال الكهربائية إلى 3 ساعات بدلا من ساعتين نتيجة لارتفاع درجات الحرارة، وأقدم رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي أمس خلال مؤتمر صحفي على تقديم اعتذارا للشعب المصري عن أزمة انقطاع التيار الكهربائي، موضحا أن الحكومة اضطرت إلى زيادة فترة تخفيف الأحمال بعد نقص إمدادات الغاز تزامنا مع خروج أحد حقول شبكة الطاقة الإقليمية بدول الجوار عن الخدمة.

وأضاف مدبولي أن مصر تعرضت لـ 3 موجات حارة خلال هذا الشهر ووصلت درجات الحرارة خلال إجازة عيد الأضحي لـ 43 وأكثر، وطوال الفترة الماضي حرت الحكومة على عدم زيادة فترة تخفيف الأحمال، إذ تعاني البلد من أزمة تتعلق بتدبير الوقود (مازوت وغاز) اللازم لمحطات إنتاج الكهرباء. 

وأفاد مدبولي بأنه وجه وزارتي البترول والكهرباء بالتعاقد الفوري على الكميات المطلوبة من الغاز لوقف خطة تخفيف الأحمال الكهربائية، لافتا إلى أنه اعتبار من الأسبوع المقبل تخفيف الأحمال سيكون لمدة ساعتين فقط بدلا من 3 ساعات، ومع الأسبوع الثالث من يوليو المقبل سيتوقف تماماً قطع الكهرباء، مشيرا إلى أن الدولة ستخصص 1.18 مليار دولار لاستيراد وقود لمحطات الكهرباء لتجاوز فترة الصيف بدون انقطاع للكهرباء.

صادرات الأسمدة

ومن المتوقع أن تبدأ الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس" استلام أولى شحنات الغاز التي جرى التعاقد عليها خلال الفترة الأخيرة اعتبارا من الأسبوع المقبل ومعالجتها من خلال سفينة التغويز (هوج جاليون) النرويجية التي وصلت إلى ميناء العين السخنة منتصف هذا الشهر وبدأت بالفعل عمليات التشغيل التجاري. 

يشار إلى أن صادرات الأسمدة والكيماويات تأتي في المركز الثاني بين أعلى الصادرات المصرية نموا، وخلال الفترة من يناير إلى أبريل 2024  تجاوزت قيمتها عتبة ملياري دولار فيما سجلت خلال العام الماضي قرابة 6.5 مليارات دولار انخفاضا من 8.6 مليار دولار في 2022 بينما كانت صادرات الأسمدة والكيماويات في العام 2020 تقدر بقرابة 5.2 مليار دولار فقط. 

ووفقا لمصادر بالقطاع أقدمت شركات سيدي كرير والمصرية القابضة للبتروكيماويات والمصرية لإنتاج الإيثيلين والمصرية للغازات الطبيعية، وشركة "جاما" للإنشاءات على خطوات جادة لاستيراد شحنات من الغاز الصخري الأمريكي خلال الفترة المقبلة، من الموردين العالميين، ومن المقرر أن تتولى شركتي المصرية لإنتاج الإيثيلين وسيدي كرير طرح المناقصات.
وسجلت أسعار العقود الأجلة للغاز الطبيعي خلال الشهر الحالي أعلى مستوياتها منذ يناير الماضي، وخلال تعاملات أمس الثلاثاء ارتفعت في التعاملات الأوروبية بقرابة 3% تزامنا مع زيادة الطلب على الغاز وارتفاع درجات الحرارة في غالبية مناطق العالم، وارتفعت أسعار الغاز العالمية منذ أبريل الماضي بـ25% مقارنة بما كانت عليه مطلع مارس.

search