الثلاثاء، 17 سبتمبر 2024

09:56 ص

"الفيدرالي" يلمح لخفض الفائدة.. هل تتدفق "الأموال الساخنة" لمصر؟

جيروم باول رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي

جيروم باول رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي

ولاء عدلان

A A

قال رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي جيروم باول، إن البنك المركزي الأمريكي لن ينتظر حتى يصل التضخم إلى مستهدفه (2%) قبل خفض أسعار الفائدة، لتتنفس الأسواق العالمية الصعداء بشأن قرب تخفيف السياسة النقدية.. فماذا لو أقدم الفيدرالي على هذه الخطوة وكيف تستفيد مصر؟ 

الخبير المصرفي، هاني العراقي، أوضح أن موجة التشديد النقدي التي بدأها المركزي الأمريكي منذ 2022 أضرت بالأسواق الناشئة بصورة مباشرة، إذ وصلت أسعار الفائدة الأمريكية حاليًا إلى أعلى مستوياتها منذ 23 عامًا (5.25% و5.5%)، ما عزّز جاذبية السندات الأمريكية لتقتنص الحصة الأكبر من الأموال الساخنة (الاستثمار الأجنبي في أدوات الدين والأسهم) عالميًا وذلك على حساب الأسواق الناشئة كمصر. 

تلميحات الفيدرالي 

خلال شهادته أمام لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب، أمس، قال جيروم باول، إن الفيدرالي لا يمكنه أن ينتظر حتى يتراجع التضخم إلى مستهدفه ليبدأ خفض أسعار الفائدة لأن وقتها سيكون الأوان قد فات، لكنه استدرك قائلًا: نحتاج إلى ثقة أكبر قبل أن نقدم على خفض الفائدة التي لا نعتقد أنها ستصل مرة أخرى إلى مستوياتها المنخفضة جداً التي سادت خلال جائحة كورونا. 

وأضاف حققنا تقدمًا في هزيمة أسوأ تضخم منذ نحو أربعة عقود، والتضخم تراجع بشكل ملحوظ ليصل إلى 3.3%، أي أنه لا يزال أعلى من مستهدف الاحتياطي الفيدرالي، لكن الأخير سيأخذ قراره بشأن الفائدة باستقلالية تامة وفق ما تقتضيه الحاجة، في إشارة إلى أن الفيدرالي قد يتحرك لحسم قرار خفض الفائدة في اجتماع سبتمبر المقبل بصرف النظر على أن البعض قد يترجم هذا باعتباره تحرك سياسي يستبق انتخابات الرئاسة الأمريكية المقررة في نوفمبر المقبل.

وتابع أن التوجه صوب خفض الفائدة في وقت متأخر للغاية أو بأقل من المطلوب قد يضعف النشاط الاقتصادي والعمالة بشكل غير ملائم، مشيرًا إلى أن هناك تحديات أخرى غير ارتفاع التضخم أبرزها المخاطر التي تتعرض لها سوق العمل والاقتصاد نتيجة لاستمرار ارتفاع أسعار الفائدة. 

دفعت هذه التصريحات مؤشرات “وول ستريت” للإغلاق أمس عند مستويات قياسية، تزامنًا مع إعلان الشركات عن نتائج فصلية قوية وصعود أسهم التكنولوجيا، وارتفعت مؤشر “ستاندرد آند بورز” 500  بنحو 1% ليغلق لأول مرة في تاريخه أعلى مستوى 5600 نقطة، وسط ترجيحات لبنوك وول ستريت والمؤسسات المالية بنسبة 70% لاحتمالية أن يتجه الفيدرالي لخفض الفائدة في سبتمبر المقبل، وذلك ارتفاعًا من احتمالية بنسبة 50% خلال يونيو الماضي.

رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول خلال مؤتمر صحفي 

كيف تتأثر مصر بخفض الفائدة الأمريكية؟

وأوضح الخبير المصرفي هاني العراقي، أن قرار خفض أسعار الفائدة الأمريكية سيعزز جاذبية السوق المصرية لتدفقات الأموال الساخنة، وسيصب في صالح إصدارت مصر من السندات الدولية التي ستصبح وقتها تقدم عائدا مرتفعا للغاية مقارنة بالسندات الأمريكية التي يفضلها المستثمرون باعتبارها أحد أكثر الأصول آمانا، مشيرا في هذا الصدد إلى أن مصر ونتيجة لارتفاع مستويات الفائدة الأمريكية اضطرت في إصداراتها من السندات الدولية طوال الفترة الماضية إلى رفع العائد إلى أكثر من 8% في بعض الطروحات. 

يشار إلى أن مصر عانت من موجة هروب للأموال الساخنة بنحو 22 مليار دولار في أعقاب حرب أوكرانيا وارتفاع الفائدة الأمريكية، الأمر الذي أدخلها في أزمة خانقة دامت لقرابة عامي، ووفقا لهاني العراقي في الوقت الحالي مصر استعادت جزء من الأموال الساخنة بفعل قرار تحرير سعر الصرف، وارتفاع معدلات الفائدة محليا، موضحا هنا أنه من غير المتوقع أن نرى توجها من المركزي المصري صوب خفض الفائدة قبل نهاية 2024، وسط ترجيحات بأن يظل التضخم مرتفعا بفعل الزيادات المتوقعة لأسعار المحروقات والكهرباء. 

هل تتأثر أسعار الذهب في مصر؟ 

هناك علاقة عكسية بين معدلات الفائدة الأمريكية وأسعار الذهب العالمية، إذ يميل المعدن النفيس للارتفاع عندما تتراجع الفائدة الأمريكية والعكس صحيح، إذ ينظر للذهب كملاذ آمن ومخزن للقيمة في ظل تراجع الدولار والسندات الأمريكية بفعل انخفاض الفائدة، وفقًا لعضو رابطة تجار الذهب أمير رزق. 

وأوضح أن أسعار الذهب عالميًا مرشحة للصعود إلى مستويات قياسية هذا العام قد تصل إلى 3000 دولار للأوقية وسط توجه البنوك المركزية الكبرى كالفيدرالي والمركزي الأوروبي صوب التخلي عن الفائدة المرتفعة وكذلك استمرار هذه البنوك في تعزيز احتياطيات الذهب لديها. 
وأشار رزق إلى أن سعر الذهب في مصر يتأثر بحركة المعدن النفيس في الأسواق العالمية إلى جانب عاملي سعر صرف الدولار وآليات العرض والطلب، بالتالي حال صحة التوقعات بشأن ارتفاع سعر الأوقية عالميًا خلال الفترة المقبلة قد يغلق سعر الذهب في مصر العام الحالي قرب مستوى الـ4 آلاف. 

وصعدت أسعار الذهب في البورصات العالمية في مستهل تعاملات اليوم، ليتداول السعر الفوري للأوقية عند 2382 دولارًا بارتفاع قدره 0.5% مقارنة بإغلاق أمس، مدفوعًا بتراجع مؤشر الدولار الأمريكي بقرابة 0.1%، وتوقعات الأسواق بشأن تباطؤ معدل التضخم الأمريكي إلى 3.1% خلال يونيو من 3.3% في مايو. 

ومن شأن تباطؤ التضخم في يونيو أن يعزز توقعات الأسواق حيال تحرك الفيدرالي صوب خفض الفائدة في سبتمبر، لا سيما بعد تلميحات جيروم باول في شهادته أمام مجلس النواب لحاجته فقط لمزيد من الثقة بأن التضخم يأخذ مسارًا نزوليًا مستدامًا قبل أن يأخذ هذه الخطوة لينهي معركته الشرسة ضد التضخم الذي وصل أعلى مستوياته في يونيو 2022 عندما تجاوز حاجز 9%.

search