السبت، 05 أكتوبر 2024

05:26 م

بسبب التعويم.. عودة شهية للشركات الأجنبية للسوق المصرية

وزير البترول في لقاء مع قيادات شركة إيني

وزير البترول في لقاء مع قيادات شركة إيني

ولاء عدلان

A A

استحدثت الحكومة الجديدة وزارة للاستثمار بغرض الترويج للفرص الاستثمارية المتاحة في السوق المصرية وجذب المزيد من رؤوس الأموال المحلية والأجنبية، بعد أن تجاوزت البلاد عقبة تعدد أسعار الصرف التي دفعت العديد من الشركات الأجنبية لتقليص حجم أعمالها في الدولة خلال العامين الماضيين. 

قال مدير مركز رؤية للدراسات الاقتصادية بلال شعيب، إن السنوات القليلة الماضية شهدت اتجاه بعض الشركات الأجنبية والمحلية كذلك لتقليص حجم استثماراتها بمصر أو التوقف عن ضخ استثمارات جديدة نتيجة لعدة عوامل أبرزها ظاهرة تعدد أسعار الصرف التي شكلت عقبة أمام الشركات الأجنبية تحديدا فيما يتعلق بتحويل أرباحها لخارج الدولة. 

إصلاحات هيكلية

وأوضح شعيب، أن مصر أجرت مجموعة من الإصلاحات الهيكلية خلال الأشهر القليلة الماضية مدفوعة بالأثر الإيجابي لصفقة رأس الحكمة الموقعة نهاية فبراير مع شركة القابضة الإماراتية بقيمة 35 مليار دولار، مشيرا إلى أن أبرز هذه الإصلاحات قرار تحرير سعر الصرف. 

وأضاف أن الفترة التي سبقت صدور قرار تحرير سعر الصرف في 6 مارس الماضي، شهدت نموا لظاهرة تعدد أسعار الدولار الأمر الذي قوض جاذبية الاستثمار في الدولة لكن هذا الأمر تغير الآن فهناك سعر واحد للدولار يتداول وفق آليات العرض والطلب، وهذا سيسهم في تعزيز ثقة الشركات الأجنبية والمحلية في الاقتصاد خلال الفترة المقبلة، وبالتبعية زيادة حجم استثماراتها في السوق لاسيما مع التزام الحكومة بتنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة التي تستهدف زيادة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد، لذا من المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة تحسنا ملحوظا لمناخ الأعمال والاستثمار بالدولة.  

خلال العام الماضي ومطلع هذا العام اتجهت شركات أجنبية عدة إلى تقليص نشاطها في السوق المصرية، على سبيل المثال برز اسم شركة إيني الإيطالية في قطاع الطاقة، وفي قطاع العقارات برز اسم شركة الدار الإماراتية التي أعلنت في منتصف 2023، توقفها عن ضخ استثمارات جديدة نظرا لتقلبات أسعار الصرف لكنها أكدت أنها تعمل في مصر كمستثمر طويل الآجل من خلال حصتها في شركة سوديك البالغة 85%. 

وفي قطاع التجزئة برز اسم مجموعة الشايع الكويتية التي أعلنت في فبراير الماضي إغلاق متاجر علامتها التجارية "دبنهامز" في مصر بسبب عدم استقرار سعر الدولار، وقالت في بيان إنها ملتزمة بتوسيع استثماراتها في مصر حال استقرار الأوضاع الاقتصادية.

أحد متاجر “دبنهامز” في مصر التي جرى إغلاقها في فبراير الماضي

عودة شهية الشركات الأجنبية

في أعقاب قرار التعويم تحديدا في أبريل الماضي أعلنت شركة الدار العقارية، أنها تعتزم التوسع في عدة أسواق من بينها مصر، وقال الرئيس التنفيذي للشؤون المالية بالشركة فيصل فلكناز خلال مؤتمر صحفي، إن "الدار" تنظر بتفاؤل لآفاق السوق المصرية التي يصل حجم أعمالها فيها إلى قرابة 3.5 مليار درهم. 

شركة تبريد الإماراتية اضطرت في يناير الماضي لإلغاء تعاقدها مع شركة المصريين لخدمات الرعاية الصحية نتيجة لانخفاض قيمة الجنيه الأمر الذي يؤثر على طبيعة نشاطها الذي يتم بالعملة المحلية وليس الدولار، لكن "تبريد" أعلنت قبل يومين أنها تجري مفاوضات حاليا للتوسع في السوق المصرية في ظل استقرار أسعار الصرف، ومع عودة الشهية للاستثمار في الدولة أعلنت شركة أيني خلال الشهر الماضي عزمها ضخ استثمارات جديدة بـ160 مليون دولار في مصر خلال النصف الثاني من العام المقبل.

وأشار شعيب إلى أن السوق المصرية مؤهلة لجذب المزيد من الاستثمار المباشر نتيجة لعدة مزايا أهمها وفرة الأيدي العاملة الرخيصة والموقع الجغرافي المتميز وتعدد الفرص الاستثمارية الواعدة في قطاعات حيوية مثل الصناعة والطاقة والتكنولوجيا، وشدد بلال على أن الاستثمار الأجنبي المباشر يسهم في تحريك معدلات النمو الاقتصادي خلافا للاستثمار الأجنبي غير المباشر الذي يطلق عليه الأموال الساخنة، كونه يدخل البلد للاستفادة من وضع معين كتراجع العملة أو ارتفاع الفائدة ويخرج في أوقات الأزمات .

توقعات إيجابية 

من جانبه أكد الخبير الاقتصادي مصطفى بدرة، أن صفقة رأس الحكمة ساهمت في خروج مصر من الأزمة الاقتصادية التي دامت لأكثر من عامين على خلفية انسحاب أموال ساخنة بقرابة 22 مليار دولار من السوق المصرية خلال العام 2022 الأمر الذي ضغط احتياطي النقد الأجنبي ليتراجع إلى 35.2 مليار دولار بنهاية العام الماضي. 

وأضاف أن تحسن مؤشرات الاقتصاد في أعقاب صفقة رأس الحكمة والاتفاق الأخير مع صندوق النقد الدولي وتحرير سعر الصرف من شأنه أن يدفع باتجاه تعزيز ثقة المستثمرين في السوق المصرية وزيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لاسيما مع تحسن نظرة مؤسسات التصنيف الائتماني لمصر. 

خلال العام الماضي تراجعت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لمصر بقرابة إلى 9.84 مليار دولار نزولا من 11.40 مليار دولار في العام 2022، عندما حلت في المركز الأول أفريقيًا من حيث إجمالي التدفقات، ومن المتوقع أن تستعيد هذا المركز خلال العام الحالي مع اقتناصها لأكبر صفقة استثمار في تاريخها (صفقة رأس الحكمة).  

ويتوقع بنك جولدمان ساكس الأمريكي أن تتجاوز تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر هذا العام حاجز الـ33 مليار دولار، وتتوقع أيضا وكالة التصنيف الائتماني فيتش أن تسجل مصر خلال العام الحالي قفزة في حجم تدفقات الاستثمار الأجنبي مدفوعة بقرار التعويم وتأثير صفقة رأس الحكمة (التي تضمنت استثمارات مباشرة بـ24 مليار دولار).

search