الخميس، 19 سبتمبر 2024

06:06 م

ندوة اللحن الأخير.. لـ عمرو مصطفى!

يمر العمر سريعاً وسنواته البعيدة كأنها أمس، تعيش أجوائها، صيف 99، 25 عاما على إصدار ألبوم "قمرين" للنجم الأول "عمرو دياب"، والذي حقق كعادته نجاحاً مدوياً في الوطن العربي ليس فقط كنجم للأغنية المصرية وواجهتها وتقديمه ثنائيتين غنائيتين مع "الشاب خالد" واليونانية "أنجيلا ديميتريو"، ولكن بتقديمه مفاجأة أخرى لأول مرة غير معتادة منه، ملحن شاب موهوب يبحث عن فرصة للتواجد مع الكبار أتى به الشاعر "عادل عمر" وقدمه لـ"عمرو" كموهبة واعدة تستحق هذه الفرصة النادرة، ولأن "الهضبة" قناص نجاح استمع لألحانه وقرر ضمه معه في ألبومه وتعاون فيه مع الشاعر "عادل عمر" والموزع "طارق مدكور" ليقدموا أغنية "خليك فاكرني" التي ختمت أوراق اعتماده للجمهور الذي استقبلها بحفاوة بسبب جودة صناعتها وأداء "الهضبة"، وتحقق نجاحاً كبيراً في واحد من أهم وأنجح ألبومات "عمرو دياب" الذي صنع اسم الملحن "عمرو مصطفى".

ذكاء "الهضبة" دفعه للتمسك بـ"عمرو مصطفى" وقدمه للجمهور على المسرح في إحدى حفلاته وتكرار التعاون معه في ألبومات عديدة تالية حققا بها سوياً نجاحات ساحقة عبرت الحدود استمرت لسنوات طويلة لتصبح الأساسات المتينة التي ارتفع عليها مبنى "عمرو مصطفى" وصنعت له العامود الرئيسي في مبناه يرتكز عليه ويؤمن تاريخه الذي طالما تباهى وافتخر بنفسه به وهو يذكر مجمل أعماله التي بنسبة كبيرة منها هي تعاوناته الفنية مع "عمرو دياب".

المهنة في البطاقة "ملحن وعدو عمرو دياب"، هذا ما يجب أن تحمله بطاقة "عمرو مصطفى" الشخصية في بياناته، فقد قرر منذ سنوات أن يتفرغ للهجوم على "عمرو دياب" فقط وينصب منصات صواريخه تجاهه بمناسبة وبلا مناسبة، فأصبح ظهوره مقترناً دائماً بالهجوم الضاري الذي أخذه عهداً على نفسه لأسباب شخصية مرتبطة بتركيبته النفسية التي تصور له دائماً أنه "أبو النجاح" والسبب الرئيسي لنجاح "عمرو دياب"، متناسياً أنها صناعة متكاملة هو جزء منها عندما اتجه فيها للغناء بألحانه حقق نجاحاً في أول المشوار متناقصاُ مع كل خطوة حتى وصل للنقطة صفر، وهي نتيجة طبيعية لانشغاله بتشويه كل المحيطين بغرابة شديدة بعدما تمادى في التقليل والتحقير الهيستيري من زملاء المهنة أيضاً، مرتدياً زي "فرعون الموسيقى المصرية" ولا يدري أن الغرق نهايته الحتمية!.

ظهور "عمرو مصطفى" في لقائه مع الصحفي الكبير "عمرو صحصاح" من خلال ندوة صحفية إعلامية كشف للجميع حالة الخلل التي يعاني منها، والتي تسببت فيها نجاحاته الكبيرة التي حققها طوال مشواره ودفعته لإنكار وجود زملاء له في الوسط الموسيقي في تصريح يضرب العقل والمنطق وكأن الساحة لا ترقى إلا له بل تخطى الحدود عندما وصف أحدهم بـ"الحشرة" لأنه تجرأ ولام عليه تصريحاته ضد زملائه الذي ينكر من الأصل زمالتهم، وبالطبع لم ينسى "عمرو دياب" في تصريحاته النارية ليفضح نظرته للمبدعين الذين يحققون نجاحات متتالية في الوقت الذي تفرغ فيه هو لقذفهم بالطوب!.

لقاء "عمرو مصطفى" الذي ظهر فيه في أسوأ صورة على الإطلاق بما لا يلائم قيمته الفنية الحقيقية كشف أن "عمرو" يحتاج سريعاً لمواجهة نفسه بحقيقة، احتياجه للعرض على طبيب نفسي متخصص بعدما أصبح واضحاً أنه يعاني من "متلازمة الغطرسة" أو "العجرفة غير المحدودة" والمعروفة في الأوساط العامة بـ "جنون العظمة"، وهي المتلازمة التي يعتقد فيها الشخص أنه كفء وقدير أكثر من باقي البشر، بل يرى أنه فوقهم يتمتع بمهارات خارقة غير متوفرة عند غيره فيقع فريسة لمتلازمة "العجرفة اللا محدودة" أو "الغطرسة"، والتي بدأت تأكل من "عمرو" كثيراً ومن قيمته ووضعه وصورته الذهنية لدى الجمهور ونجاحه أيضاً، فأصبح التعالي بنجاحات الماضي دون أي نجاح جديد يتصدر به مشهده المخزي، والدليل أغنياته الجديدة التي لم يشعر بها أحد والأسوأ فشل "سميرة سعيد" لأول مرة بألحانه الجديدة التي قدمها لها، وهو أمر غريب على "الديفا" التي لم يتعود جمهورها على الفشل!.

الأعقد أن حدة المتلازمة التي أصابت "عمرو" دفعته للبحث عن امتلاك جميع أعمال المطربين الذين تعاون معهم وسلبها منهم بل وصل به الأمر للتهديد بإقامة دعوى قضائية يطالب فيها بإلغاء عقود تنازلات الألحان التي قام بها لصالح المطربين وصنعوا بها أغنياتهم وإعادة صياغتها من جديد بحجة أن وقتها لم يكن ظهر الـ"ديجيتال"، ما يثير الدهشة في تحايله لتطبيق القانون بأثر رجعي!.

الحقيقة أن "عمرو مصطفى" قولاً واحداً هو واحد من أهم الملحنين لهذا الجيل ولا مبالغة في كونه من أهم علاماته، لكنه للأسف بدلاً من أن يستكمل مسيرته الفنية ويضيف لرصيده من النجاحات يستنزف نفسه في صراعات "مُخلًّقة" لا تدري بها الأطراف الأخرى ولا بأسبابها التي تتشابك فقط في نفسية "عمرو مصطفى" وحده ليخسر بها الجميع بمن فيهم جمهور الأغنية عموماً.

عزف "عمرو مصطفى" لحنه الأخير في هذه الندوة بظهوره المضطرب وتصريحاته الهيستيرية لترقى هذه المقابلة لأن تكون "ندوة اللحن الأخير" لـ "عمرو مصطفى"، ولا يسعنا إلا أن ندعو له بالشفاء العاجل والعودة للإبداع الموسيقي الذي يلق باسمه وتاريخه بدلاً من تفرغه للإبداع في هدم نفسه.
 

title

مقالات ذات صلة

search