الخميس، 19 سبتمبر 2024

06:24 م

محمد صالح

محمد صالح   -  

A A

ضجيج بلا طحين.. عمرو مصطفى بين الإبداع والخطيئة

عند الحديث عن صناعة الموسيقى في مصر، وتفنيد أسماء الصُناع خلال 20 عامًا، يجب وضع اسم الملحن عمرو مصطفى في صدارة القائمة.

الشاب الذي حصل على جيتار هدية في الثالثة عشر من عمره، ولحن القصائد بكتاب اللغة العربية في المرحلة الإعدادية، عرف طريقه جيدًا للنجاح والنجومية، تعامل بذكاء في البداية، واكتسب خبرات ساعدته في استكمال مشواره، قبل أن يضل طريقه بشهادة كثيرين في المجال.

بلا سند 

أزمة عمرو مصطفى الحقيقية، ربما ليست في تصريحاته المثيرة المستمرة التي يخرج بها في كل فترة، ويستمر فيها لسنوات عدة، فنانون كًثر ربما يفعلون ذلك ويستمرون أيضًا في نجاحاتهم الفنية وعلاقاتهم الجيدة بزملاء الوسط، ولكن الأمر تعدى ذلك مع المطرب والملحن.

يتعامل عمرو مصطفى منذ الماضي ببعض النرجسية التي التصقت بتصريحاته، البعض انفعل مما يقوله، فيما تعامل آخرون من المتابعين أو حتى زملائه الفنانين، بشيء من الحكمة، تارة يتجاهلون، وتارة أخرى  يوجهون له النصيحة. 

يُعرف علماء النفس الإيجو Ego، بأنه الجزء في شخصيتنا المكلف بمهمة تحقيق التوازن بين الوعي بأنفسنا، والجهل بمكامن النفس، ويبدو أن هذا الجزء لدى المطرب والملحن، ضل طريقه هو الآخر.

أزمة عمرو مصطفى الحقيقية، في السنوات الأخيرة بالأخص، التقليل من الزملاء من حوله، والقول بإن مواسم موسيقية متتالية بدأت وانتهت من دون أغنية واحدة جيدة، بخلاف أغنياته بالطبع. 

يخرج في تصريحات متتالية ليكرر ذلك، يتكئ على جيتاره ويعزف ألحانه، ثم يقطعها ليهلل "حد في مصر يعرف يعمل لحن زي ده"؟ يردد ذلك بشكل مستمر بلا سند.

Ego ضل طريقه

ليس الأفضل وحده 

نفذ عمرو مصطفى مجموعة كبيرة من الألحان المميزة، منذ ظهوره قبل مطلع الألفية الجديدة، وخلال العقد الأول منها، مع نجوم كبار هم الأبرز على الساحة، ساعدهم على النجاح، مثلما ساعدهم آخرون، بينما استفاد منهم هو الآخر أن تظهر ألحانه بأصواتهم.

يردد الملحن بشكل مستمر بأنه الأفضل على الساحة، الأبرز في ألحانه، لا يستطيع أحدهم أن يخرج بلحن مشابه، يبرر ذلك دائمًا بالعديد من الأغنيات الشهيرة لكبار النجوم، بينما الحقيقة تقول غير ذلك. 

فضًلا عن كثير من الملحنين المميزين، الذين صعدتهم أسهمهم بشدة في أوقات متقاربة مع انطلاقة عمرو مصطفى، يمكن الاستعانة باسم واحد فقط، على سبيل المثال محمد رحيم، لدحض إدعاء عمرو مصطفى المستمر بكونه نجم التلحين الأوحد.

بدأ رحيم في التوهج فنيًا بنهاية حقبة التسيعنات من القرن الماضي، نفذ أغنيات شهيرة مثل "عودوني" لعمرو دياب، و"أنا لو قولت" لمحمد فؤاد، و"يصعب عليا" لحميد الشاعري، و"الليالي" لنوال الزغبي، جميعها أغنيات حققت نجاحات كبيرة لمجموعة نجوم هم الأبرز على الساحة حينها.

ومع انطلاقة الألفية الجديدة، وظهور جيل جديد من النجوم، كان لرحيم بصمته الموسيقية مع كل منهم، نفذ ألحان "أجمل إحساس" لإليسا، و"إنت عارف ليه" لروبي، و"آه يا سلام" لمايا نصري، كما كانت له بصمة واضحة في انطلاقة شيرين عبد الوهاب، بالتعاون معها في أغنيتي "صبري قليل"، و"أنا في الغرام".

ثنائية غنائية لم تكتمل

عمرو دياب 

لن نستطيع أن نُجزم بوجود أزمة بين عمرو مصطفى وعمرو دياب، فالأزمة من اتجاه واحد فقط، لم يخرج عمرو دياب ولو لمرة واحدة للرد على كل ما قاله عمرو مصطفى عنه، على مدار سنوات عدة، لذلك لا يصح أن نستخدم جمل من نوعية "خلافات عمرو دياب مع عمرو مصطفى". 

خسر عمرو مصطفى كثيرًا بالهجوم على عمرو دياب، ليس من الشجاعة أن تقف في وجه كل هذا الجمهور، وتستفز فنانًا يملك تلك الشعبية، طالما لم يقع عليك الأذى بشكل مباشر منه أو من جمهوره. 

كرر الملحن تصريحاته لأكثر من 15 عامًا، يهدأ ويشيد بعمرو دياب وبفنه، ثم يعاود الكرة من جديد، يتدخل البعض لتصفية الأجواء بينهما ثم يخذلهم بمعاودة الأفعال ذاتها.

عمرو مصطفى استفاد من "الهضبة"، مثلما استفاد الأخير منه وربما أكثر، قد تكون جملة كلاسيكية مكررة، مل الجمهور منها، إذا كانت كذلك بالنسبة للمطرب والملحن ذاته، فعليه أن يفكر في الأمر من زاوية أخرى. 

يقول الواقع إن عمرو دياب نجم ناجح على مدار السنوات، نفذ العديد من الأغنيات التي يحفظها جمهوره، فعل ذلك قبل ظهور عمرو مصطفى على الساحة، وخلال تعاونهما سويًا، وأيضًا بعد فك الارتباط الفني بينهما.

خلاص بقت عادة 

يفتخر عمرو مصطفى ببعض الأغنيات القوية التي لحنها، ينسب نجاحها  لنفسه ويؤكد أنه السبب الأبرز في نجاحها، في أوائل تلك الأغنيات أغنية محمد حماقي "بقت عادة"، ولكنها لم تصبح أغنية فقط، بل هي واقع يعيش فيه المطرب والملحن الفترة الأخيرة. 

تصريحات عمرو مصطفى مؤخرًا شهدت تطورًا ليس بالجيد، وهو ما دفع العديد من "الصامتين" من صُناع الموسيقى، للخروج للرد عليه، بعدما رفض زمالتهم، وأعلنها صريحة "متتمحكوش فيا".

ابن ضاحية "الحلمية"، غادر الجزء الأخير من الإطار، إطار الزمالة والصداقة بين صُناع المهنة الواحدة، ضاعف خسارته بتصريحاته الأخيرة، نفد صبر من حوله، خسر جمهوره وأصدقائه، لم يبق له سوى فنه، الذي تاه هو الآخر وسط ضجيج بلا هدف.

search