الجمعة، 22 نوفمبر 2024

01:55 م

"ميت ينقل ميتًا".. "شريف" حمل جثة "سلمى" فعاد ميتاً

سلمى ضحية حبة الغلة

سلمى ضحية حبة الغلة

هيثم البرعي وحازم معتمد

A A

"تعالى معانا أمانة هنوديها يدفنوها".. مكالمة تليفونية تلقاها سائق سيارة لنقل الموتى في أسيوط ولم يكن يعلم أن القدر يخبيء له مفاجأة.

سارع السائق شريف الدرنكي - 26 عامًا - إلى مستشفى جامعة أسيوط، مقتنعًا أن إكرام الميت دفنه، ولكن لم يدر بخلده أن سُنة تبدل الأحوال، ستنطبق عليه، وأنه سيعود إلى هنا مجددًا، بحال غير الحال. 

رحلة موت

قاد شريف سيارة تكريم الموتى وعلى متنها هذا اليوم جثة "سلمى.ك" - 23 عامًا - التي ودعت الحياة بطريقة مأساوية بتناول حبوب الغلال السامة؛ من مستشفى أسيوط قاصدًا مدينة أبو تيج.  

لا صوت هنا يعلو على صوت النحيب داخل السيارة التي سلكت طريق أسيوط سوهاج السريع، ولم تمض دقائق، حتى اصطدمت بأخرى على ذات الطريق الطريق، فمات "شريف"، وأصبح “ميت يشيع ميتا”. 

حادث عربة نقل الموتى 

وهرعت سيارتا إسعاف إلى مكان الحادث، ونقلت إحداها جثة "سلمى" لدفنها، والأخرى حملت جثة "شريف" عائدة بها إلى نفس المستشفى التي تحرك منها قبل دقائق، في مشهد جلل، ومنها حُمل لدفنه في مسقط رأسه بمنطقة الوليدية. 

المتوفى شريف الدرنكي 

قسوة حياة 

بطلة هذه الواقعة هي الفتاة "سلمى" حيث كانت تعيش حياة هانئة مع والديها، قبل أن تقسو عليها الدنيا مبكرًا، بانفصالهما، ليفكر كل منهما في نفسه أولًا تاركين ابنتهما لتعيش في الحياة وحيدة وتموت فيها أيضًا وحيدة.

فستان زفاف وكفن

بتتبع حساب "سلمى" على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" وجدنا حالة من التشاؤم والضيق، تسيطر على ما تكتبه قبل أن تقدم على خطوة الانتحار.

شاركت سلمى ذات مرة، منشورًا غريبًا عبارة عن فستان زفاف وكفن، وكتبت عليه عبارة “عندي إحساس أني هلبس الكفن الأول”.

منشور من حساب سلمى 

وفي منشور آخر، قالت سلمى “حزينة يارب.. حزنا مبالغ فيه” ولكن لم يحرك ذلك ساكنًا في والديها، ولم يذهب حزنها. 

حبة الغلة 

ضاقت الحياة في وجه سلمى وسرق منها الاكتئاب ابتسامة كانت تتوارى خلفها، لتتخذ القرار الخاطئ بشراء كمية من حبوب الغلال السامة، وتناولت عددًا منها، لتصبح جثة بلا حراك في المنزل فتم نقلها إلى مستشفى جامعة أسيوط، وقضى الأطباء دقائق في محاولات غسل المعدة والإنعاش المتقدم، إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل، وأعلنوا وفاتها. 

وأنهى عدد من أقاربها إجراءات دفنها، ووصلت عربة نقل الموتى يقودها "شريف" الذي كتب القدر له أن يُدفن في نفس يومها. 

search