السبت، 21 سبتمبر 2024

02:58 ص

خفض الفائدة الأمريكية.. كيف يؤثر على أسواق العالم؟

الفيدرالي الأمريكي - أرشيفية

الفيدرالي الأمريكي - أرشيفية

A A

خفض الاحتياطي الاتحادي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) سعر الفائدة على الإيداع والإقراض بقيمة 0.5% ليصل إلى نطاق يتراوح بين 4.75% و5%، للمرة الأولى منذ 4 سنوات، ما أحدث تذبذبات كبيرة في الأسواق العالمية، حيث شهدت المعادن الثمينة، السلع الأساسية، وأسعار العملات تغيرات حادة. 

يأتي هذا القرار في إطار محاولات الفيدرالي لتهدئة الاقتصاد المتباطئ، وسط تصاعد الضغوط التضخمية، ما دفع المستثمرين لإعادة تقييم استراتيجياتهم المالية، سواء في الأسواق المالية التقليدية أو في أسواق السلع والذهب التي تأثرت بشكل خاص.

لماذا خفض الفيدرالي الفائدة؟

سعى الفيدرالي الأميركي على مدار عامين ونصف إلى خفض مستويات الأسعار التي ارتفعت نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، حيث تعتبر روسيا وأوكرانيا من الموردين الرئيسيين للعديد من السلع الأساسية في العالم، جاء ذلك في وقت كان العالم يتعافى من آثار جائحة "كوفيد-19"، ما أدى إلى زيادة الطلب على السلع والخدمات.

في أغسطس الماضي، تراجع مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة إلى 2.5% على أساس سنوي، بعد أن كان 2.9% في يوليو، إلا أنه لا يزال أعلى من الهدف الطويل الأجل للفيدرالي البالغ 2%.

تزايدت المطالبات بخفض أسعار الفائدة نتيجة الضغوط من الأسواق، بعد صدور بيانات من سوق العمل الأميركية الشهر الماضي التي أدت إلى توقعات بركود اقتصادي، ما تسبب في موجة تراجعات عالمية في أسواق الأسهم، بقيادة البورصات الأميركية. 

يعني تزايد معدلات البطالة وتباطؤ سوق العمل، أن نشاط الشركات المدرجة في البورصات تراجع مقارنة بإجمالي الشركات.

في أوائل أغسطس، أفادت وزارة العمل الأميركية بأن عدد الوظائف غير الزراعية زاد بمقدار 114 ألف وظيفة في يوليو، وهو رقم يقل بكثير عن متوسط التوقعات الذي كان يبلغ 175 ألف وظيفة، وأقل من 200 ألف وظيفة التي اعتبرها الاقتصاديون ضرورية لمواكبة النمو السكاني. كما ارتفع معدل البطالة إلى 4.3% في يوليو، وهو قريب من أعلى مستوى له خلال ثلاث سنوات.

أشار رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، جيروم باول، إلى أن البنك كان سيفكر في خفض أسعار الفائدة في أواخر يوليو لو كان قد علم بتباطؤ سوق العمل بهذه السرعة.

كيف ستتأثر الأسواق؟

مع ارتفاع معدلات الفائدة في الولايات المتحدة، يتجه المستثمرون وأصحاب المدخرات نحو السندات الأميركية للاستفادة من العوائد المرتفعة، حيث تمثل أدوات دخل ثابت، إذ يُقرض المستثمر الدولة مبلغًا من المال مقابل الحصول على فوائد محددة.

هذا التدفق من الأموال نحو السندات وأذون الخزانة يؤثر سلبًا على أسواق الذهب والمعادن الثمينة، فحيازتها لا تدر أي عائد، كما يقلل من جاذبية الأسهم، حيث يفضل بعض المستثمرين أدوات الدخل الثابت التي تتمتع بمخاطر أقل.

زيادة الطلب على أدوات الاستثمار بالدولار، مثل السندات، تساهم في رفع قيمة العملة الأميركية، لكن مع انخفاض معدلات الفائدة، يتراجع الاهتمام بهذه الأدوات، مما يؤدي إلى زيادة الإقبال على استثمارات أخرى.

نتيجة لذلك، بعد خفض الفائدة، شهدت أسعار الذهب الفورية ارتفاعًا ملحوظًا، حيث وصلت إلى 2599 دولارًا للأوقية، كما أن أسعار السلع المقوّمة بالدولار، مثل النفط، ترتفع نتيجة زيادة الطلب، ما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الوقود والمشتقات النفطية عالميًا.

كيف تؤثر على عملات العالم؟

تتحدد قيمة العملات بشكل أساسي بالقوة الاقتصادية للدولة، والتي تعتمد على صادراتها من السلع والخدمات.

 الدولة التي تصدر أكثر وتستقطب العملات الصعبة من الخارج عادةً ما تكون عملتها قوية، على سبيل المثال، الصين تحتفظ بقيمة اليوان أقل من قيمته الفعلية لتعزيز صادراتها.

الدولار، كعملة التجارة العالمية، يؤثر بشكل كبير على الدول الأخرى، خاصة العربية، ويعد انخفاض قيمة الدولار خبرًا جيدًا لهذه الدول، لكن هناك ست دول عربية (السعودية، الأردن، الإمارات، قطر، البحرين، سلطنة عمان) تثبت عملاتها أمام الدولار، ما يجعلها غير متأثرة بتغيرات أسعار الفائدة الأميركية.

بالمقابل، بعض دول المنطقة مثل تركيا ومصر تستقطب الأموال الساخنة، حيث يسعى المستثمرون للاستفادة من الفوائد المرتفعة مقارنةً بمعدلات بلدانهم، وهذه الدول قد تستفيد من خفض الفائدة الأميركية من خلال جذب المزيد من الاستثمارات.

كيف يستفيد المدخرون؟

يُنصح دائمًا بتنويع المحافظ الاستثمارية بين الأسهم والعقارات والذهب وغيرها من الأدوات، وذلك للتحوط من التقلبات المفاجئة والاستفادة من العوامل الاقتصادية المختلفة، ومع ذلك، هناك حالات يفضل فيها الخبراء زيادة الحيازة من أصل معين.

عند خفض معدلات الفائدة الأميركية، من المتوقع أن ترتفع أسعار الذهب والمعادن الثمينة والأسهم، حيث تتجه المزيد من الأموال من الاستثمارات الأخرى نحو هذه الأدوات، ما يزيد الطلب عليها ويرفع أسعارها.

على العكس، في حالة رفع الفائدة الأميركية، يُنصح بتقليل الحيازة من المعادن الثمينة والأسهم والتركيز على الاستثمار في الدولار، وفي جميع الأحوال، يُستحسن استشارة مستشار مالي للحصول على توجيهات مهنية.

بالنسبة للمقترضين من البنوك التجارية، فإنهم يستفيدون من خفض الفائدة إذا اتخذ الاحتياطي الفيدرالي نفس الخطوة، مما يتيح لهم إعادة تمويل قروضهم بفائدة أقل، وتوفر البنوك التجارية هذه الميزة في دول العالم والمنطقة العربية، ما يعني أن الذين يحصلون على قروض جديدة سيدفعون فائدة أقل مما كان عليه الحال سابقًا.

search