الثلاثاء، 22 أكتوبر 2024

09:44 م

"المصفوعة من أحلامها".. أم "تخاطر الأحزان"؟

نزلت "ليلة" مسرعة ويكاد جسمها ينتفض من شعور الرعشة والخذلان، تقود سيارتها مسرعة لا تعلم إلى أين، يمتزج أمامها صوت زحمة الشوارع وقت انصراف الموظفين وطلبة المدارس مع كوكتيل من أغاني تامر عاشور وأنغام وشيرين، كلمات عن الفراق وليالي عذابه، وكلاكسات سيارات الميكروباص تحاصرها كأنها تعلن الوصول لأعلى مراحل الانهيار.. أهي الصفعة أم التخاطر؟!

"ليلة" بنت عشرينية بسيطة، أحلامها تتلخص في الانتهاء من فترة الدراسة بالجامعة والالتحاق بعمل ثابت، يحقق لها مفهوم "الاسترونج اندبندنت ومن"، وبالفعل لعب الحظ و"الواسطة" دورا مهما وانضمت لإحدى المؤسسات الكبيرة في مجال دراستها وحققت جزءا كبيرا من أحلامها.

تتفاجأ "ليلة" بمكالمة من زميلة عمل: "آلو، أزيك، أنا حلمت بيكي حلم غريب، خير اللهم اجعله خير، أنتي كنتي هتركبي القطر بس ملحقتيش ووقعتي وداس عليكي ومحدش لحق يطلعك واتفرمتي..".

حالة من الذهول شعرت بها "ليلة" بعد الحلم غير المبرر من الزميلة، ولأول مرة هتتواصل "ليلة" مع الشيخ الفلاني لتفسير الأحلام، بالصدفة كان في برنامج على الهواء مباشرة.. "آلو، كان كان عندي حلم واحدة زميلتي حلمت بيه وكنت محتاجة تفسير"، وبعد سرد الحلم بالكامل، جاء الرد بما يحمله من صفعة.. "القطر ده مكان شغلك وفي حد هيجي يدوس عليكي وياخد مكانك".

"الحمد لله..".. قالتها "ليلة" وهي تعتصر ألمًا وحزنًا على فراق زملائها في العمل وعلى السنين التي مرت في بناء اسم "ليلة" على كل مشروع قامت به، في الوقت نفسه الذي دخل زميل آخر وتم وضع اسمه وسحب كل المشاريع القائمة عليها.

للأسف.. الحلم تحقق والقطر وصل وداس على كل أحلام "ليلة"، بس هي قوية وقدرت تحقق نفسها أكثر من مرة في أكثر من مؤسسة.

ومحطات أخرى يصل إليها قطر "ليلة"، وينتظر ويتحرك، ويتأخر أحيانًا، حتى وصل بها إلى محطة تجدها الأسهل والأيسر، تستحق الانتظار والزحام، تصل مباشرة لشارع الغرام الذي غنّى له "أوكا"، لكنها بيست أول مرة تحب، لكنها وجدت في "حسن" الحب.

وتزوجت "ليلة" من "حسن" بعد محطات من الشدّ والجذب، والحروب والنزاعات، وحب السيطرة، لتجد نفسها في محطة آخر الخط، ومطالبة بالنزول، لأن القطر هيچرچ هنا.

- ليلة: "أنت بتخوني!!"
- حسن: "جبتي الكلام ده منين؟!"
- ليلة: "أنا حلمت أنك بتخوني ومعايا اسكرينات في الحلم"
- حسن: "استهدي بالله.. ده حلم.. وهرمونات.. وأنا آسف يا ستي لو كنت زعلتك أو خونتك في الحلم"

دخلت "ليلة" على "حسن" بغرفته لتجده مستغرقا في النوم وتجدها فرصة جيدة لممارسة عادتها المفضلة، وهي التفتيش عن الأحزان، ولكن مش بالأغاني ولا الأفلام، بالواتساب "عصر التكنولوجيا المميتة"، لتجد أحاديث مطولة وأبياتا من الشعر والغرام، لكنها مرسلة في غير موضعها، وهنا تبدأ رعشة الجسد وانعدام الرغبة في المواجهة أو الكلام وحالة من الاستسلام والضعف، والإسراع بالنزول من القطر، ويراودها سؤال، "هو أنا قصّرت في إيه.. هو أنا وحشة؟!"

هل لأقراص صغيرة يختلف لونها وشكلها دور في التصدي للصفعات.. أم أنها وسائل تهدئة مؤقتة.. لعلها تكون وسيلة لقطع الإشارة والإرسال عن مراكز الأحلام، أم سيتم دفع ثمنها مؤخرًا لكن ليس للصيدلي الذي باعها لنا، بل دفع ثمنها من صحتنا التي أرهقناها من أجل سرقة لحظات نسيان بسيطة أو محاولة طفيفة للخلود إلى النوم.

"ليلة والشاطر حسن" شخصيات من تأليف الكاتبة وهذا المقال ساخر ومن وحي الخيال وليس له علاقة بالواقع لأن الأحلام مش بتصفع حد.. يسعد مساكم.

search