السبت، 05 أكتوبر 2024

12:08 ص

"تقرير ملهوش لازمة".. طبيبة تثير تعاطفا بأغرب معجزة طبية

تعبيرية - سيدة مريضة بإحدى المستشفيات

تعبيرية - سيدة مريضة بإحدى المستشفيات

منى الصاوي

A A

في عالم الطب، بينما تتراقص الحياة والموت على حافة مشرط، وتُكتب التقارير بمداد الأمل والخوف، تصادفنا قصصٌ تُعيد إلى قلوبنا الإيمان بأنّ المعجزات ما زالت ممكنة.

معجزة طبية

“فاطمة، اسمٌ ارتبط في ذهني بأحد أصعب  التقارير  الطبية  التي  كتبتها  في  حياتي،  كانت  صورتها  على  شاشة  السونار  غارقةً  في  ظلال  الأورام،  وكأنّ  جسدها  مسرحٌ  لمعركةٍ  خاسرة  بين  الحياة  والموت”، كلمات دونتها الطبيبة مريم ثروت ثابت، تروي خلالها قصة أغرب معجزة طبية واجهتها خلال رحلتها.

تضيف الدكتورة مريم، "فاطمة، بابتسامتها  المُشرقة  وروحها  المُتفائلة،  علّمتني  أنّ  الأمل  يُمكن  أن  يُزهر  حتى  في  أكثر  الظروف  قسوة،  وأنّ  الضحكة  تُمكن  أن  تكون  أقوى  من  أعتى  الأمراض".

تتابع الطبيبة، "فاطمة، التي واجهت الموت  بابتسامة،  والتي  علّمتني  أن  أُؤمن  بالمعجزات،  سأروي  لكم  قصتها  التي  غيّرت  نظرتي  إلى  الحياة  والموت،  والتي  جعلتني  أُدرك  أنّ  الإنسان  أقوى  مما  نتخيّل،  وأنّ  الأمل  هو  الضوء  الذي  يُرشدنا  في  أحلك  الطرق".

تقرير ملهوش لازمة

كتب الدكتورة مريم في منشور لها على صفحتها الشخصية بفيسبوك، "من كام شهر كتبت أسوأ تقرير سونار في حياتي، حالة أورام اسمها فاطمة محجوزة في المستشفى، معرفش بداية الورم كانت فين لكن هم كانوا طالبين سونار على البطن".

أضافت، "كتبت سطرين بس، البطن معالمها مش واضحة ومش عارفة أميز الأعضاء عن بعض،  مش شايفة غير أورام عايمة في ماية، بس كدة، عمري ما كتبت تقرير فاشل ملوش لازمة زي التقرير ده".

تابعت منشورها، "فاطمة شابة في أواخر التلاتينات لونها أصفر من الأنيميا وفشل الكبد والكلي وحاجات كتير قوي، بطنها مترين قدامها كأنها حامل في خمس توائم، كلها عبارة عن أورام واستسقاء، مفيش حتة سليمة في بطنها لدرجة مخلياني مش عارفة أميز الكبد من الكلى من الطحال، بصتلي بصة حزينة أوي وقالتلي (هموت)".

منشور الطبيبة مريم عن المريضة فاطمة

ورم خبيث

استملك الطبيبة، "سكتت ماعرفتش أقول لها إيه، فتحت بقي كدة أقول أي كلام إن شاء الله خير وربنا موجود وخلي أملك في ربنا كبير والحاجات اللي بنقولها من ورا قلبنا وعقلنا عشان نهدي العيان، معرفتش أو بمعني أصح ملحقتش أقول حاجة ولقيت البنت انفجرت من الضحك".

تستكمل الدكتورة مريم روايتها قائلة، "بهزر معاكي يا دكتورة لقيتك مكشرة ومخضوضة كدة، يا نهارك أبيض يا ست فاطمة بتهزري؟ انت هتموتي بجد، مش بس كدة، العيان اللي عنده ماية بالكمية دي في بطنه بيتقطع من الوجع، مبيستحملش الجهاز يلمسه، ما بيعرفش ينام على السرير ولا يتقلب على جنبه من الوجع، الست كانت بتضحك من قلبها فعلا لحد ما نفسها اتقطع وصوتها راح، غصب عني ضحكت زيها".

شمعة في الكنيسة

أضافت، "قالت كلام مش فاكراه بس فاكره إنه كلام جميل، كلام حقيقي، كان كله ضحك، شكرتنا كلنا واحد واحد.. وقالتلي وهي بتضحك برضو، (لما تروحي الكنيسة ولعيلي شمعة)، رديت (عنيا)، اتقمصت قمصة شقية كدة وقالت بدلع "(كلكم بتقولوا كدة وبتنسوا، أوعي تنسي، وأنا كمان هدعيلك، تحبي ادعيلك بإيه؟، معرفش إزاي في لحظتها فتحتلها قلبي وطلبت منها دعوة شخصية خاصة جدا عمري ما شاركت بيها حد أو اتكلمت عنها مع حد، قالتلي (اتفقنا) وغمزتلي برقة، وخدت التقرير الفاشل ومشيت".

استمرت، "روحت الكنيسة وولعت شمعة لفاطمة واترجيت ربنا بخجل إنه يقويها ويخفف عذابها، لقلة إيماني وغبائي البشري ما اتجرأتش أطلب منه إنها تعيش".

أعز الحبايب!

استكملت الطبيبة روايتها، “من أسبوع افتكرتها سألت عنها التمريض والموظفين نفس الإجابة آيوة فاطمة الست العسولة دي، اللي كانت بتضحك دي، اللي كانت تعبانة قوي دي، قالت لنا شكرا، لا منعرفش عنها حاجة، الموضوع مش محتاج ذكاء أوي عشان أفهم إيه اللي حصل، لكن أحلي مرة أكتب فيها (لكن) في حياتي، النهاردة شفت فاطمة قاعدة في العيادة، سمعت صوت جميل بيغني والباب بيفتح، دخلت من غير إذن ومحدش قالها رايحة فين، ما كلهم عارفينها، بصيت كدة مين البنت الحلوة دي؟، كانت ماشية بترقص حرفيا بجد، قالت في خفة و تلقائية (أهلا أهلا بأعز الحبايب)”.

تابعت، “شكلها اتغير تماما أول مرة أشوف المعني لكلمة اتردت فيها الروح، بطنها اختفت تماما، وشها زي القمر، حضنتني جامد أوي وهمست لي (جيت أسلم عليكي.. أنا خفيت ودعيتلك)”.

فاطمة خفّت

اختتمت الطبيبة منشورها الذي لاقى تفاعلًا كبيرًا وانهالت عليه التعليقات، قائلة، "أنا عارفة إن الطب عمره ما كان واحد زائد واحد يساوي اتنين، وعارفة إن في حاجات مبنحاولش نفهمها ولا نفسرها عشان مش هنعرف، وعارفة إن الشمس بتشرق من الشرق وبتغرب من الغرب، وعارفة إن فاطمة خفت، حتى لو في نظر الطب ماخفتش، فهي بردو خفت، صدق العليل ولا تصدق التحاليل، وحتى لو ده جزء من سلوك الورم الخبيث وحتى لو فاطمة مش هتعيش، فهي برضو خفت، فاطمة عايشة وهتعيش ولما تموت هتفضل عايشة".

search