الإثنين، 07 أكتوبر 2024

03:22 م

تحويل الدعم إلى نقدي.. لماذا أصبحت فكرة الحكومة فعّالة الآن؟

 تحويل الدعم من عيني إلى نقدي

تحويل الدعم من عيني إلى نقدي

محمود كمال

A A

تتجه الحكومة مجددًا نحو إعادة طرح فكرة تحويل الدعم من عيني إلى نقدي، وهو المقترح الذي طالما أثار جدلًا واسعًا في الأوساط الشعبية، وقوبل بالرفض سابقًا، إلا أن الحكومة اليوم تراهن على تغيّر الظروف الاقتصادية والاجتماعية، لتمهيد الطريق أمام تطبيق هذا النظام، الذي ترى فيه وسيلة أكثر فعالية لضمان وصول الدعم لمستحقيه.

قال الخبير المصرفي هاني أبو الفتوح، إن الانتقال من الدعم العيني إلى النقدي في مصر يُمثل خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز كفاءة توزيع الدعم الحكومي وتحقيق المزيد من العدالة الاجتماعية.

وأضاف لـ“تليجراف مصر” أن هذا التحول، رغم التحديات المرافقة له، قد يحقق فوائد اقتصادية واجتماعية ملموسة، حيث يأتي ضمن جهود الحكومة المصرية لإصلاح نظام الدعم والتقليل من الهدر في الموارد.

وأوضح أبو الفتوح، أن من أبرز الفوائد الاقتصادية لهذا التحول هو زيادة كفاءة الإنفاق الحكومي، مضيفا أن النظام العيني غالبًا ما يؤدي إلى توزيع غير عادل للسلع المدعومة، مما يتسبب في هدر جزء كبير من الموارد على فئات غير مستحقة.

التضخم يهدد فوائد الدعم النقدي

ورغم الفوائد، أكد أبو الفتوح، أن التحديات تظل قائمة، منها احتمالية ارتفاع معدلات التضخم، فقد يؤدي حصول المواطنين على دعم نقدي إلى زيادة الطلب على بعض السلع الأساسية، مما قد يتسبب في ارتفاع أسعارها، مضيفًا أن مواجهة هذا التحدي يتطلب مراقبة دقيقة للأسواق وتنفيذ إجراءات استباقية للحفاظ على استقرار الأسعار.

وفي عام 2010، انتشرت أخبار عن تحركات حكومية نحو التحول من الدعم العيني إلى النقدي، مما أثار ضجة كبيرة بين المصريين، إذ حينها، تردد أن السلع الغذائية الأساسية مثل الشاي، السكر، والزيت التي تُصرف عبر بطاقات التموين، ستتحول قريبًا إلى أموال نقدية. 

منظومة دعم الخبز

ولم تتأخر تلك الأنباء طويلا، إلا وجاءت التصريحات الرسمية في ذلك الوقت نافية صحتها، حيث أكد المسؤولون أن نظام الدعم العيني سيستمر، وأن التحول إلى الدعم النقدي غير مطروح.

وبلغت فاتورة دعم السلع التموينية التي تتحملها الدولة في العام المالي المقبل 636 مليار جنيه مصري، مسجلة زيادة قدرها 20% مقارنة بالسنة المالية السابقة، وفقًا لتصريحات المتحدث باسم مجلس الوزراء، محمد الحمصاني.

وفي آواخر الشهر الماضي، ناقش الحوار الوطني، احتمالات التحول إلى نظام الدعم النقدي المباشر بدلاً من تقديم السلع الغذائية بأسعار مدعومة، إذ أكد العديد من خبراء الاقتصاد، أن هذا النظام قد يكون أكثر فعالية في توجيه الدعم لمستحقيه وتحسين كفاءة الإنفاق.

وتقدر الحكومة المصرية حجم إنفاقها على الدعم المباشر بحوالي 370 مليار جنيه (7.6 مليارات دولار) وفقًا لبيان موازنة العام 2025/2024، ويذهب حوالي 36% من هذا المبلغ لدعم الغذاء.

تآكل القوة الشرائية

قال الخبير الاقتصادي محمد بدرة، إن الدعم النقدي يُعتبر من الناحية الاقتصادية أكثر فعالية من الدعم العيني، فهو الأفضل للدولة والمواطن، إلا أن تطبيقه يحتاج إلى آليات محكمة، خصوصا أن التنفيذ الخاطئ قد يضر الجميع.

وأضاف لـ“تليجراف مصر” أن تفعيل نظام الدعم النقدي لا يجب أن يتم إلا في حال السيطرة على معدلات التضخم، إذ أن ارتفاع الأسعار بشكل مستمر سيجعل من الصعب على الحكومة تحمل أعباء الدعم المتزايدة.

وأوضح بدرة، أن استقرار سعر الدولار وحده لا يكفي لضمان استقرار الأسعار، إذ أن التحدي الأكبر يكمن في استمرار ارتفاع أسعار السلع والخدمات، مما يزيد من العبء على المواطنين ويؤثر على قدرتهم الشرائية. 

الدولار في مصر

وتابع أن الهدف الأساسي للبنك المركزي هو خفض معدلات التضخم، وهو أمر بالغ الأهمية للحفاظ على التوازن الاقتصادي، محذرا من أن استمرار ارتفاع التضخم دون تدخلات فعالة قد يؤدي إلى آثار سلبية كبيرة، سواء على الاقتصاد الوطني من حيث تآكل القوة الشرائية، أو على حياة المواطنين الذين سيتأثرون بارتفاع تكاليف المعيشة بشكل مستمر.

ووفقًا لبيانات مجلس الوزراء المصري، فيستفيد نحو 63 مليون مواطن من نظام الدعم التمويني في مصر، بينما يحصل 71 مليون مواطن على دعم ضمن منظومة الخبز.

وفي أغسطس الماضي، قال صندوق النقد الدولي، الذي يعمل مع مصر على تنفيذ برنامج دعم جديد بقيمة 8 مليارات دولار، إن تقليص الدعم غير المستهدف يمكن أن يتيح مزيدًا من الفرص لتعزيز الحماية الاجتماعية وتنمية رأس المال البشري.

وبحسب متحدث الحكومة المستشار محمد الحمصاني، فإن موضوع التحول إلى الدعم النقدي مطروح للنقاش في الحوار الوطني، حيث يقوم الخبراء بدراسة إمكانية تطبيق نظام الدعم النقدي، مؤكدا على أنه إذا تم التوصل إلى توافق بشأن هذا النظام، فسيتم وضع ضوابط محددة لتنفيذه. 

search